فيصل تايه
يحتفل العالم في الخامس من كانون الاول من كل عام "والذي يصادف هذا اليوم" باليوم العالمي للمتطوعين حيث تجدد الأمم المتحدة ومنظماتها العاملة في المجالات الإنسانية الشكر للمتطوعين ، تكريماً لهم على جهودهم في المجال التطوعي وفي مساعدة كل الذين هم بأمس الحاجة إليها ، اضافة لحث الحكومات على الإحتفال بهذا اليوم من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، ومن أجل زيادة الوعي بأهمية الخدمة التطوعية ، وتحفيز الآخرين الذين لم يساهموا بعد في أعمال تطوعية ، ليعيشوا السعادة الحقيقية التي يشعر بها المتطوعون بعد كل عمل إيجابي يقومون به.
اليوم العالمي للتطوع يعود هذا اليوم للسنة الثانية على التوالي ليكون استثنائيا في ظل "جائحة كورونا" التي غيرت خريطة المجتمع الدولي بشكل كبير والتي خلفت العديد من التبعات الصحية والاجتماعية وحتى الاقتصادية على العالم أجمع ، الأمر الذي جعل العمل التطوعي واجبا ، لمساندة الأسر المتضررة ودعم المتعثرين والعاطلين عن العمل ، اما نحن "هنا في الاردن" فكنا قد شهدنا انتشار العديد من المبادرات التطوعية للأطباء والممرضين للعمل في ظروف بالغة التعقيد ، اضافة لفرق التقصي الوبائي والصيادلة والمتداخلين في مختلف القطاعات الطبية والانسانية ، وبذلك فان اليوم العالمي للتطوع يأتي ليس فقط لشكر جميع هؤلاء المتطوعين على جهودهم المبذولة خلال هذه الجائحة "وبدون مقابل" بل من اجل رفع مستوى الوعي عند الناس من أجل زيادة مساهمتهم في مساعدة المجتمع ، والتأكيد على أهمية العمل التطوعي في الأزمات والوقوف إلى جانب المتضررين ليعلموا أن هناك من يقف بجانبهم ويساندهم ويدعمهم .
ان التطوع بمفهومه الواسع يمكنه ان يسهم في تحقيق السلام والتنمية من خلال تعزيز قيم المتطوعين والعمل مع الشركاء لإدماج العمل التطوعي في المشاريع الإنمائية ، حيث نستذكر في هذا اليوم جهود المتطوعين والمنظمات ، إلى جانب تعزيز مبادئ وقيم العمل التطوعي والخيري للأفراد والمجتمع المدني ، اضافة للمؤسسات الحكومية والأهلية ، حيث يعتبر التطوع بأبعاده الإنسانية والاجتماعية سلوكاً حضارياً يعزز قيم التكافل والتعاضد بين أفراد المجتمع ، والذي ينعكس تأثيره إيجابياً في حياة الفرد والأسرة والمجتمع ككل ، كما يساهم في الارتقاء بالثقافة المجتمعية ، ويعمل على تنمية الحس بالمسؤولية وتحفيز روح المبادرة التطوعية.
أننا في الاردن نولي أهمية لدعم ومساندة أوجه العمل التطوعي وتعزيز قيمته الإنسانية النبيلة ، والتي تساهم في بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة ، حيث تعمل الدولة الاردنية ومنذ نشأتها على توسيع نطاق العمل التطوعي ، وترسيخ مفهوم المسؤولية المجتمعية ، وإيجاد منظومة متكاملة ومستدامة للعمل التطوعي ، كأحد أهم ركائز التماسك والتلاحم المجتمعي ، فقد وفرت كل الإمكانيات لتأسيس منظومة العمل التطوعي من أجل ان تتحول الجهود الوطنية المخلصة إلى نهج التخصص والاحترافية.
ان الدولة الاردنية بذلت جهوداً كبيرة في مجال العمل التطوعي بمشاركة فاعلة لدعم القدرات الإدارية والفنية والمؤسساتية للمنظمات الأهلية والهيئات المتخصصة في المسؤولية الاجتماعية وفي العمل التطوعي ، حيث تعمل بشكل مستمر على تفعيل دورها الإنساني والاجتماعي لتنظم العمل التطوعي وأنشطة خدمة المجتمع ، كما علمت وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي على تعزيز قيم العمل التطوعي وبث روح الايجابية في برامجها ومشارعيها التطوعية المختلفة من اجل خلق جيل واعي ، اضافة لتعميق روح الانتماء للوطن وخلق شعور عميق بالمواطنة تجاه المجتمع والوطن بالإضافة إلى تقوية أواصر المحبة والمودة بين أفراد مجتمع المدرسة والجامعة والبيئة الاجتماعية ككل .
لقد هيأت الحكومة البيئة الملائمة لمؤسسات المجتمع المدني المختلفة لتمكينها من تقديم وتطبيق أفضل الممارسات لمبادرات العطاء والعمل التطوعي ، مما يعكس الرؤيه الملكية السامية ويحق قفزة نوعية لاستثمار طاقات الشباب المتطوعين في شتى المجالات ، سيما وأن الاردن يمتلك ثروة بشرية وطاقات شبابية هائلة بإمكانيات عالية تمكنها من دفع عجلة العمل التطوعي بجدارة ، مع أهمية توحيد الجهود من خلال توفير مظلة وطنية للتطوع تتيح للمتطوعين إيجاد فرص تطوعية تمكّنهم من خدمة مجتمعهم وبناء مهاراتهم ، بالاشارة هنا إلى دور المؤسسات التطوعية التي يقع على عاتقها تعزيز مفهوم التطوع ونشر ثقافة التطوع في المجتمع ، مثل منصة "نحن" التي أُطلِقت بدعم من اليونيسف وبالشراكة مع وزارة الشباب ومؤسسات المجتمع المدني وعلى رأسهم "تكية أم علي" و"إنجاز". وغيرها الكثير الكثير ، لذلك وفي هذا الإطار لا بد من الاسهام في تنمية العمل التطوعي بشكل فعَال في وضع مسار واضح لمستقبل العمل التطوعي في الاردن ، خاصة وأنه مع تعدد مؤسسات المجتمع المدني والمتطوعين، أصبح من الضروري إنشاء جهة رسمية مع وزارة الشباب تقوم بمهمة التنسيق والتدريب على الأسس الصحيحة للتطوع وإظهار أهمية العمل التطوعي وبيان دوره في المجتمع.
واخيرا اعود الى التأكيد ان لا بد من استثمار طاقات الشباب وتنمية مهاراتهم في المجال التطوعي ممن تتوفر لديهم صفات ومهارات من أجل القيام بالعمل بشكل إيجابي يوافقها الجدية في العمل والاخلاص اضافة الى الحرص على المصداقية والقابلية للتطوير والتعليم وامتلاك مهارات التواصل مع الاخرين مع ضرورة ربط العمل التطوعي في منظومة القيم والاخلاق والمواطنة ما يعزز مكان العمل ويزيد من أعداد القائمين عليه وينمي لدى المجمتع المسؤولية الوطنية التي تساعد في تعزيز مكانة العمل التطوعي .
والله ولي التوفيق
مع تحياتي