د. رعد محمود التل
الجامعة الأردنية - قسم الاقتصاد
يتوقع البنك الدولي أن يصل معدل النمو الاقتصادي في الأردن نهاية هذا العام إلى ما يقارب 2 % في الناتج الإجمالي (الموازنة للعام 2021 وضعت أرقامها على أساس نمو اقتصادي 2.5 %)؛ حيث أسهمت الإجراءات الانفتاحية في إعادة الزخم وتحريك عجلة النمو مع توقعات بأن يستمر هذا التحسن ليصل الى نسبة زيادة متوقعة في الناتج المحلي الإجمالي تقدر بحوالي 2.7 % في العام 2022، إلا أن الاقتصاد الأردني ما يزال يعاني مشاكل وتشوهات مزمنة، أهمها القدرة المحدودة للاقتصاد الأردني على خلق فرص العمل، وبالتالي استمرار معدلات البطالة المرتفعة.
أحد أهم العوائق أيضاً أمام الاقتصاد الأردني، التشوه الحاصل في الضريبة المباشرة وغير المباشرة؛ حيث أدى ضعف الطلب الكلي في قطاع الأسر (يمثل 85 % من الطلب الكلي) الى محدودية الإنفاق، وهو أحد أهم العوامل لتحريك أي اقتصاد. توقعات البنك الدولي تشير أيضاً الى ارتفاع عجز الحساب الجاري إلى نحو 9.5 % من الناتج في العام 2021 بسبب ارتفاع أسعار استيراد الوقود وزيادة واردات السلع الوسيطة، ويتوقع أن ينخفض إلى أقل من 5 بالمائة خلال العام 2022. بينما يتوقع أن تستمر عائدات السفر بالتعافي التدريجي إلى مستويات قريبة لما قبل الجائحة.
هذا الوضع غير قابل للاستدامة، تحت أي ظرف؛ ضرائب مرتفعة، وإنتاج ريعي ومحدود برعاية حكومية، دون تراكم حقيقي لرأس المال يولد عمالة ودخلا. هذا التقديم هو لتوصيف واقع الاقتصاد الأردني بعجالة، لكن توصيفاً أكثر شمولية تم تقديمه من خلال الدراسة التي أعدها الدكتور عبد الرزاق بني هاني والدكتور بشير الزعبي وقدما خلالها جملة من الحلول التي قد تكون مفيدة في حال تسليط الضوء عليها أكثر ومناقشتها بعمق.
في الدراسة إشارة مهمة الى أن تجربة الأردن بالمشاريع المتقطعة سواء: بالزراعة، المياه، الطاقة، الصحة، البنية تحتية، التعليم والتعليم العالي وحتى حزم الأمان الاجتماعي، لم تنتج القيمة المضافة المتوقعة للاقتصاد الوطني؛ أي أن كل تلك المشاريع قد أسهمت في زيادة الإنتاج والدخل وتراكم رأس المال وخلق فرص العمل، لكن ليس كما هو متوقع؛ لأن كل تلك المشاريع لم يكن بينها تكامل أفقي أو عمودي. وقد جاء تمويلها بناء على المقترحات التي احتوتها تقارير (Country Assistance Strategy) وأعدها ويعدها خبراء البنك الدولي؛ حيث لا يُمكن الاعتماد على التمويل الخارجي في حل مسائل التنمية المحلية.
وكما تشير الدراسة، فإنه من الصعب الاعتماد كليا لحل المشاكل الاقتصادية الراهنة، على الأمد القصير، على المساعدات والقروض، ولا على إعادة إعمار دول الإقليم المجاورة؛ لأن لذلك ثمنا سياسيا معروفا ومرهونا بالمزاج الدولي وقوة اللاعبين الإقليميين، ما يعني أن علينا أن نفكر للأمدين المتوسط والطويل، حيث تقترح الدراسة إطارا زمنيا لفترة تمتد من خمسة إلى عشرة أعوام في مجال البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية، والكلمة المفتاحية في تلك الرؤية المقدمة هي الموارد الوطنية، والوطنية فقط، إذ لا بد من اعتبارها، من ناحية استراتيجية، وكأنها الوحيدة المتاحة لنا. وبالتالي ضرورة أن تكون عنواناً رئيساً للمرحلة المقبلة.
الغد