ابراهيم البدور
قبل عامين من هذا التاريخ وفي بداية العام الدراسي 2019 تصاعدت أزمة بين نقابة المعلمين من جهة وبين الحكومة من جهة أخرى كانت مبنية على طلب وحيد من النقابة وهو زيادة ال 50%.
الحكومة في ذلك الوقت كانت تحت ضغط عجز في الموازنة وكان لسان حالها يقول: لن نستطيع إقرار هذه الزيادة بالشكل المطلوب لكون العجز في الموازنة سيرتفع بحدود 100 مليون دينار، وفي حال إقرار هذه الزيادة سيكون مطلوب منها زيادة مماثلة لجميع القطاعات الحكومية.
النقابة لم يقنعها ذلك الطرح ولوحت بعمل إضراب للمعلمين؛ وهذا فعلاً ما حدث عند بداية الفصل -إضراب شامل شل الحركة التعليمية لعدة أسابيع -.
خلال هذه الفترة قدمت الحكومة تنازلات ورفعت نسبة الزيادة -بحدود 10%-لكن النقابة تمسكت في نسبة ال 50%، واذكر حينها -عندما كنت رئيس لجنة التربية النيابية -كان هناك تقريب لوجهات النظر وكنا قريبين من توقيع اتفاق لحل الأزمة وذلك برفع ما تقدمة الحكومة من نسبه وأن تخفض النقابة من نسبة ال 50%، لكن لم نصل للنسبة التي ترضي الطرفين.
تفاعلت الأزمة ودخل وسطاء كثر وتم طرح نقاط إضافية، وفي ليلة من ليالي الاحد 2019 تم الاتفاق على نقاط قدمتها الحكومة مع نسبة وصلت 33%، وعندها تم فض الإضراب وعاد الطلبة الى صفوفهم.
لكن الأزمة لم تنتهي فعلياً …!!
حيث أتت بعدها أزمة كورونا وتم إيقاف كل الزيادات لجميع موظفي الدولة ومن ضمنهم المعلمين؛ ذلك الشيء لم يعجب النقابة ولوحت بإضراب جديد لكن الحكومة قامت بخطوات كان أهمها حل نقابة المعلمين ومجلس النقابة بعد حكم قضائي من محكمة البداية ووضع لجنة لإدارة النقابة.
ومن يومها بقيت التجاذبات بين النقابة المنحلة وبين الحكومة وذلك من خلال المحاكم وتم رفع عدة قضايا، وتم أيضًا حركة استيداع لعدد من المعلمين طالت عدد لا يستهان به عللته الحكومة في حينه أنه شيء روتيني يحدث وبشكل طبيعي.
قبل عدة أسابيع بدأت تلوح في الأفق بوادر إيجابية وأصبحنا نلاحظ ظهور "حلحلة "؛ حيث قامت الحكومة بإعادة مجموعة من المعلمين الذين تم إحالتهم على الاستيداع.
وعلى صعيد القضايا المرفوعة فإنه تم ردّ الدعوى الخاصة بحلّ مجلس نقابة المعلمين من قبل محكمة الاستئناف، وبقيت القضية الجزائية والمتعلقة بحلِّ نقابة المعلمين بأكملها فهي لا زالت منظورة أمام محكمة بداية عمان بصفتها الاستئنافية ولم يصدر بها قرار حتى الآن.
كل هذه الحلحلة -كما سميتها -شيء جيد ومبشر، ولكن يجب أن يتبعها تفاهمات بحيث لا تستقوي اي مؤسسة مهما كانت على الدولة -فقوة الدولة قوة للمواطنين -، وفي نفس الوقت يجب على الحكومات أن تتعامل مع هذه المؤسسات بشكل تكاملي بحيث تسمع منها وتحاورها ولا تسمح ان تصل الأمور الى الصدامية.
مع الهدوء النسبي في أزمة كورونا، ومع العودة لممارسة النشاطات اليومية وعودة الحياة للنقابات -وذلك بعمل انتخابات نقابة الصحفيين وتوقع السماح للنقابات بعمل انتخاباتها-، وفي حال انتهت القضايا حول حل النقابة كما انتهت قضية حل مجلس النقابة؛
فإن الحل الجذري يكمن في عقد انتخابات لنقابة المعلمين وتشكيل مجلس للنقابة يدافع عن حقوق منتسبيها وبذلك نكون قد طوينا الصفحة الاخيرة من كتاب أزمة النقابة وبدأنا صفحة جديدة.