في الوقت الذي باشرت فيه صيدليات القطاع الخاص المنتشرة في مختلف مناطق المملكة بيع اللقاح الموسمي الرباعي للمواطنين منذ بداية الشهر الحالي، خلت المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية من اللقاح الموسمي الواقي من أمراض الشتاء.من جانبه، تعهد أمين عام وزارة الصحة لشؤون الأوبئة والأمراض السارية، مسؤول ملف كورونا، الدكتور عادل البلبيسي، بتوفير 80 ألف جرعة الأسبوع المقبل، بينما خصصت الوزارة العام الماضي ضمن عطائها 230 ألف جرعة.ورفض البلبيسي ما يشاع حول تأخير عطاء الوزارة لتوفير اللقاح الرباعي المجاني الذي سيوزع على الفئات المستهدفة، ومن ضمنها كوادرها الطبية وفئة كبار السن، إضافة الى المصابين بأمراض مزمنة وسرطانية.وقال لـ”الغد”: "إن هي إلا إجراءات روتينية رسمية تتعلق بالعطاء الحكومي للمطعوم الرباعي”، موضحا أنه "وبمجرد أن نتسلم العطاء رسميا سنبدأ مرحلة التطعيم، ولن يتم إجبار أي شخص على التلقيح، كما أن المطعوم متوفر في صيدليات القطاع الخاص بشكل اختياري”.لكنه استدرك قائلا: "لدينا الوقت الكافي للتطعيم ضد الانفلونزا، حيث يبدأ مفعوله بعد 14 يوما منذ أول يوم من تلقي الجرعة”.ويعتقد البلبيسي أن عدد الجرعات لـ”الموسمي” يكفي الفئات المستهدفة من اللقاح الرباعي، وفي حال زاد الطلب على المطعوم سيتم استيراد كميات أخرى.وتختلف الكميات بين العامين الحالي والماضي، حيث استوردت الوزارة في منتصف شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، وفي أوج جائحة كورونا، حوالي 235 ألف جرعة من مطعوم الثلاثي، في خطوة لشمول الفئات المعرضة لخطر الإصابة.كما خصصت العام الماضي، حوالي 35 ألف جرعة لكوادرها الطبية والعاملين في القطاع الصحي الحكومي، و200 ألف جرعة للمصابين بأمراض مزمنة وسرطانية ومرضى الفشل الكلوي.ويتفق كشف عضو اللجنة الوطنية لليقظة الدوائية للقاحات كورونا الدكتور ضرار بلعاوي، في رأيه العلمي مع البلبيسي، بأنه "لا تأخير لتلقي لقاح الانفلونزا”، لكنه يفضل إعطاؤه من بداية شهر تشرين الأول (أكتوبر) حتى نهايته.كما استشهد بلعاوي بأحدث الدراسات العلمية العالمية بأن يستمر العالم بالتحصين ضد الانفلونزا الموسمية حتى نهاية شهر كانون الثاني (يناير) من العام المقبل، في ظل توقعات بظهور "وباء” من مرض الانفلونزا الموسمية.ويوضح بلعاوي، وهو مستشار العلاج الدوائي السريري للأمراض المعدية، أن التوقعات العلمية ترجح ظهور فيروس "شرش” جديد بعد عدم ظهور انفلونزا موسمية خلال العام الماضي.وحول الفترة الزمنية العلمية الدقيقة التي يستحب أن تكون فاصلة بين لقاحي كورونا والانفلونزا الموسمية، بين أن الآراء العلمية تتضارب بشأن ذلك، لكنه من جهته يرى أن بإمكان الشخص تلقي اللقاحين في اليوم ذاته، على أن لا يكونا في اليد نفسها.بينما يرى البلبيسي وبعض أطباء أمراض الوبائيات والأمراض الصدرية أن الأفضل بأن يكون هناك تباعد زمني، لمدة أسبوع أو أسبوعين على الأقل، لتحقيق الفاعلية في جسم المتلقي.ومن الفروقات بين المطعوم الثلاثي والرباعي، أن "الثلاثي” يتكون من ثلاثة أنواع من الفيروسات المسببة للانفلونزا الموسمية، بينما يحمي المطعوم الرباعي من أربعة أنواع، بحسب مركز السيطرة على الأمراض المعدية، الذي ينصح بـ”تلقي أي نوع مطعوم مناسب للعمر والحالة الصحية للمريض بغض النظر إن كان ثلاثيا أو رباعيا”.وبما أن وزارة الصحة حددت فئات مستهدفة لجرعات المطاعيم الموسمية وليس للناس عامة، فلن تخصص حملة وطنية للتوعية بالانفلونزا الموسمية، بحسب البلبيسي، الذي أوضح أنه سيتم تبليغ الفئات المستهدفة عبر الإعلان مباشرة في المستشفيات والمراكز الصحية.ويعد لقاح الانفلونزا الموسمية فعالاً وآمناً، بعد أن أثبت فعاليته على مدى 60 عاماً للوقاية من الإصابة بالانفلونزا، بنسبة نجاح عالية، إذ يقلل مضاعفات المرض ونسبة الإدخال للمستشفيات، ويؤمن حماية من الفيروسات الشائعة، بحسب منظمة الصحة العالمية.وأوصت المنظمة بأخذ لقاح الانفلونزا الموسمية للعاملين الصحيين في قطاع الرعاية الصحية، خاصة في خط الدفاع الأول، وفي أقسام الطوارئ والعيادات الخارجية ومراكز الرعاية الصحية الأولية، ووحدات العناية المركزة، لتقليل فرص نقل المرض للمراجعين وأفراد الأسرة.وأوضح استشاري الأمراض الصدرية والتنفسية الدكتور خالد أبو رمان، أن هناك تشابهاً كبيراً بين أعراض مرض "كوفيد 19” والانفلونزا الموسمية، لافتا الى أهمية عدم تجاهل أي أعراض تنفسية، وإجراء الفحوص المخبرية اللازمة والعزل عن الآخرين لحين ظهور النتائج.وأكد أبو رمان، وهو المدير السابق لمديرية الأمراض الصدرية وصحة الوافدين في "الصحة”، أن التأخير في استلام أي عطاء حكومي يعود الى "الإجراءات البيرقراطية”، لافتا الى أن "المطعوم الرباعي متوفر في الصيدليات” مع تحفظه على الأسعار، مقارنة بالفوائد الطبية.ولم يغفل أبو رمان الإشارة الى أهمية ومأمونية لقاح الانفلونزا ودوره الفاعل في الحد من المرض ومضاعفاته السلبية، وخاصة للفئات الأكثر عرضة لخطر الإصابة بهذه المضاعفات، مثل الأطفال دون سن 5 سنوات، والبالغين ممن تزيد أعمارهم على 65 سنة، والنساء الحوامل، والمصابين بأمراض مزمنة، مثل الربو وأمراض القلب والكلى والكبد والسكري، والعاملين في القطاع الصحي.وخلافا لتوقعات بعض الاختصاصيين في مجال الأمراض المعدية في الأردن، توقع أبو رمان عدم انتشار "شرس” لمرض الانفلونزا الموسمية خلال فصل الشتاء المقبل بسبب المطعوم الموسمي الرباعي، إضافة الى التزام الناس بالإجراءات الاحترازية كافة من التباعد الجسدي وارتداء الكمامة.وقال "إن الخلط بين الفيروسين وارد، غير أن هناك فروقات يمكن التعرف عليها علميا من حيث أعراض وفترة حضانة الفيروس وطرق العدوى والعلاج”.وبحسب منظمة الصحة العالمية، يُشفى معظم المرضى من الحمى والأعراض الأخرى الناجمة عن الانفلونزا في غضون أسبوع واحد، من دون الحاجة إلى عناية طبية، في حين "قد تتسبب الانفلونزا بحدوث حالات مرضية وخيمة يمكن أن تؤدي إلى الوفاة إذا ما أصابت ذوي الاختطار الشديد”، وتدوم الفترة التي تفصل بين اكتساب العدوى وظهور المرض، والتي تُعرف بفترة الحضانة، يومين تقريباً.