كيف كسرت الصين سلسلة العدوى؟

ظهرت دراسة أجراها أربعة من علماء الأوبئة من هونغ كونغ ونشرت في مجلة The Lancet أن إغلاق مدينة ووهان في أواخر كانون الثاني (يناير) حال دون انتشار العدوى خارج مقاطعة هوبي. وكتبوا أن المدن الرئيسية في الصين شهدت هبوطاً حاداً في عدد الإصابات في غضون أسبوعين من الإغلاق الجزئي. وتستمر الحكومة الصينية في توخي كامل اليقظة بشأن هذا الفيروس التاجي الجديد. ومع ذلك، تلألأت أضواء الاحتفال عبر ووهان مع رفع الإغلاق. وتنفس الطاقم الطبي والمتطوعون الصعداء. وكانت الصين قادرة على استخدام مواردها الكبيرة -ثقافتها ومؤسساتها الاشتراكية- لكسر سلسلة العدوى بسرعة.

  • * *
    في 31 آذار (مارس) 2020، نشرت مجموعة من العلماء من جميع أنحاء العالم -من جامعة أكسفورد إلى جامعة بكين للمعلمين- ورقة مهمة في العلوم. وتقترح هذه الورقة -التي جاءت تحت عنوان: "تحقيق في تدابير التحكم في انتقال العدوى خلال الأيام الخمسين الأولى من وباء "كوفيد 19″ في الصين”- أنه لو أن الحكومة الصينية لم تبدأ سريعاً في إغلاق ووهان والاستجابة الوطنية للطوارئ، لكانت هناك 744.000 من حالات الإصابة المؤكدة الإضافية بـ”كوفيد 19″ خارج ووهان. ويقول المؤلفون: "من الممكن أن تقدم إجراءات السيطرة التي يتم اتخاذها في الصين دروساً للدول الأخرى حول العالم”.
    وفي تقرير منظمة الصحة العالمية الذي صدر في شهر شباط (فبراير) بعد زيارة للصين، كتب أعضاء الفريق الزائر: "في مواجهة فيروس لم يكن معروفا من قبل، بذلت الصين ما قد تكون أكثر الجهود طموحاً ونشاطاً لاحتواء مرض في التاريخ”.
    في هذا التقرير، نورد بالتفصيل التدابير التي اتخذتها المستويات المختلفة من الحكومة الصينية والمنظمات الاجتماعية لوقف انتشار الفيروس والمرض في وقت كان فيه العلماء قد بدؤوا للتو في تجميع المعرفة حولهما، وعندما عملوا مع عدم وجود لقاح أو علاج دوائي محدد لـ”كوفيد 19″.
    ظهور خطة
    في الأيام الأولى من شهر كانون الثاني (يناير) 2020، بدأت اللجنة الوطنية للصحة (NHC) والمركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) في وضع بروتوكولات للتعامل مع مسائل التشخيص والعلاج والاختبارات المعملية لما اعتبر آنذاك "انتشاراً فيروسياً للالتهاب الرئوي لسبب غير معروف”. وأنتجت اللجنة الوطنية للصحة والأقسام الصحية في مقاطعة هوبي كتيباً للعلاج وقامت بإرساله إلى المؤسسات الطبية كافة في مدينة ووهان في 4 كانون الثاني (يناير)؛ وتم إجراء تدريب على مستوى المدينة في اليوم نفسه. وبحلول 7 كانون الثاني (يناير)، تمكن المركز الصيني لمكافحة الأمراض من عزل أول سلالة من فيروسات كورونا المستجدة. وبعد ثلاثة أيام، طور معهد ووهان لعلم الفيروسات (الأكاديمية الصينية للعلوم) وآخرون مجموعات الاختبار للكشف عن الإصابة.
    بحلول الأسبوع الثاني من شهر كانون الثاني (يناير)، كانت المزيد من المعلومات قد عُرفت حول طبيعة الفيروس، وبالتالي شرعت خطة لاحتوائه في التشكل. وفي 13 كانون الثاني (يناير)، طلبت اللجنة الوطنية للصحة من سلطات مدينة ووهان بدء عمليات فحص درجة حرارة الناس في الموانئ والمطارات والمحطات وتقليل التجمعات العامة. وفي اليوم التالي، عقدت اللجنة الوطنية للصحة مؤتمراً هاتفياً وطنياً، والذي نبهت فيه الصين كلها إلى سلالة فيروس كورونا المستجد الفتاكة وضرورة الاستعداد لحالة طوارئ صحية عامة. وفي 17 كانون الثاني (يناير)، أرسلت اللجنة الوطنية للصحة سبعة فرق تفتيش إلى مقاطعات الصين لتدريب وتثقيف مسؤولي الصحة العامة فيها عن الفيروس، وفي 19 كانون الثاني (يناير) وزعت اللجنة كواشف الحمض النووي لمجموعات الاختبار على العديد من الإدارات الصحية في الصين. وقاد تشونغ نانشان -الرئيس السابق للجمعية الطبية الصينية- فريقاً رفيع المستوى إلى مدينة ووهان لإجراء عمليات التقصي في 18 و19 كانون الثاني (يناير).
    خلال الأيام القليلة التالية، بدأت اللجنة الوطنية للصحة في فهم كيفية انتقال الفيروس وكيف يمكن إيقاف هذا الانتقال. وبين 15 كانون الثاني (يناير) و3 آذار (مارس)، نشرت اللجنة الوطنية للصحة سبع طبعات من مبادئها التوجيهية. وتظهر نظرة عليها تطوراً دقيقاً لمعرفتها حول الفيروس وخططها لتخفيف أثره؛ وشملت هذه التوجيهات طرقاً جديدة للعلاج، بما في ذلك استخدام عقار الريبافيرين ومزيج من الطب الصيني والعلاج الالتهابي. وأفادت "الإدارة الوطنية للطب الصيني التقليدي” في نهاية المطاف بأن 90 في المائة من المرضى تلقوا دواءً تقليديًا، والذي وُجد أنه كان فعالاً في حالة 90 في المائة منهم.
    بحلول 22 كانون الثاني (يناير)، أصبح من الواضح أنه يجب تقييد الانتقال من ووهان وإليها. وفي ذلك اليوم، حث مكتب الإعلام التابع لمجلس الدولة الناس على عدم الذهاب إلى ووهان، وفي اليوم التالي تم إغلاق المدينة بشكل أساسي. والآن، أصبح الواقع المروع للفيروس واضحًا للجميع.
    تصرفات الحكومة
    في 25 كانون الثاني (يناير)، شكل الحزب الشيوعي الصيني "مجموعة قيادية للجنة المركزية للوقاية والسيطرة على كوفيد 19” تحت رئاسة قائدين: لي كويكيانغ، وهوانغ هونينغ. وكلف الرئيس الصيني شي جين بينغ المجموعة باستخدام أفضل مناهج التفكير العلمي أثناء صياغة سياساتها لاحتواء الفيروس، واستخدام كل الموارد لوضع صحة الناس قبل الاعتبارات الاقتصادية. وبحلول 27 كانون الثاني (يناير)، قاد نائب رئيس مجلس الدولة، صن تشونلان، "فريقاً للتوجيه المركزي” إلى مدينة ووهان لتشكيل الاستجابة القوية الجديدة لمكافحة انتشار الفيروس. وبمرور الوقت، طورت الحكومة والحزب الشيوعي أجندة للتعامل مع الفيروس، والتي يمكن تلخيصها في أربع نقاط:
  • منع انتشار الفيروس من خلال الحفاظ -ليس فقط على إغلاق كامل للمقاطعة، وإنما عن طريق تقليل حركة المرور داخل المحافظة إلى الحد الأدنى أيضاً. وقد تعقد هذا الهدف بسبب عطلة رأس السنة الصينية التي كانت قد بدأت بالفعل؛ وفيها تقوم العائلات عادة بزيارة بعضها البعض وزيارة الأسواق (وهي أكبر هجرة بشرية قصيرة المدى، عندما يتجمع جميع سكان الصين البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة في منازل بعضهم البعض). كل هذا كان يجب منعه. وكانت السلطات المحلية قد شرعت مسبقاً في استخدام التفكير الوبائي الأكثر تقدمًا لتتبع ودراسة مصدر العدوى وتعقب مسار انتقالها. كان هذا ضروريًا لوقف انتشار الفيروس.
  • توفير الموارد للعاملين وتوزيعها، بما في ذلك معدات الحماية للكوادر الطبية والمساعدة، وأسرّة المستشفيات للمرضى، والمعدات والأدوية اللازمة لعلاج المصابين. وشمل ذلك بناء مراكز علاج مؤقتة -بما فيها مستشفيين كاملين تم إنشاؤهما لاحقاً (مستشفى هاوشنشان، ومستشفى ليشنشان). وتطلبت زيادة الفحوصات توفير المزيد من مجموعات الاختبار، التي يجب تطويرها وتصنيعها.
  • ضمان توفير الغذاء والوقود للسكان خلال إغلاق المقاطعة. وكان الطعام والوقود متوفرين للسكان.
  • ضمان نشر المعلومات للجمهور على أساس الحقيقة العلمية وليس الإشاعة. وتحقيقاً لهذه الغاية، حقق الفريق في أي وكل الإجراءات غير المسؤولة التي اتخذتها السلطات المحلية في ووهان منذ تقارير الحالات الأولى حتى نهاية كانون الثاني (يناير).
    عرّفت هذه النقاط الأربع النهج الذي اتبعته الحكومة الصينية والسلطات المحلية حتى شباط (فبراير) وآذار (مارس). وتم إنشاء آلية مشتركة للوقاية والسيطرة تحت قيادة اللجنة الوطنية للصحة، مع سلطة واسعة النطاق لتنسيق الكفاح لكسر سلسلة العدوى. وظلت مدينة ووهان ومقاطعة هوبي تحت الإغلاق الفعلي لمدة 76 يوماً حتى أوائل نيسان (أبريل).
    في 23 شباط (فبراير)، تحدث الرئيس شي جين بينغ إلى 170.000 من كوادر المقاطعة والحزب الشيوعي والمسؤولين العسكريين من كل جزء من الصين. وقال شي: "هذه أزمة، وهي اختبار رئيسي أيضا”. وسوف يكون كل تركيز الصين منصباً على مكافحة الوباء ووضع الناس في المرتبة الأولى، وفي الوقت نفسه ستضمن الصين عدم تضرر أجندتها الاقتصادية طويلة المدى.
    لجان الأحياء
    ثمة جزء رئيس -ولو أنه لم يحظ بالتغطية الكافية- من الاستجابة للفيروس، والذي تمثل في العمل العام الذي يميز المجتمع الصيني. في الخمسينيات من القرن الماضي، تطورت المنظمات المدنية الحضرية كطريقة لجأ إليها المقيمون في الأحياء لتنظيم سلامتهم ومساعدتهم المتبادلة. في ووهان، مع تطور عمليات الإغلاق، كان أعضاء لجان الأحياء يتنقلون من بيت إلى بيت للتحقق من درجات الحرارة، ولتوصيل الطعام (خاصة للمسنين) وإيصال الإمدادات الطبية. وفي أجزاء أخرى من الصين، أقامت لجان الأحياء نقاط تفتيش للتحقق من درجة الحرارة عند مدخل الأحياء لمراقبة الأشخاص الذين يدخلون ويخرجون؛ وكانت هذه وسيلة للعناية بالصحة العامة الأساسية بطريقة لامركزية. وحتى 9 آذار (مارس)، خسر 53 شخصاً يعملون في هذه اللجان حياتهم، 49 منهم كانوا أعضاء في الحزب الشيوعي.
    ساعد أعضاء الحزب الشيوعي البالغ عددهم 90 مليوناً و4.6 مليون منظمة حزبية شعبية في تشكيل العمل العام في جميع أنحاء البلاد على الخطوط الأمامية لمجتمعات الصين الحضرية والريفية البالغ عددها 650.000. وسافر العاملون الطبيون من أعضاء الحزب إلى ووهان ليكونوا جزءاً من الاستجابة الطبية في الخطوط الأمامية. وعمل أعضاء الحزب الآخرون في لجان أحيائهم أو طوروا منصات جديدة للاستجابة للفيروس.
    ميزت اللامركزية الاستجابات الإبداعية. في قرية تيانكسينكياو، مدينة تياوما، منطقة يوهوا، تشانغشا، مقاطعة هونان، استخدم يانغ تشي تشيانغ -مذيع القرية- "الصوت العالي” لـ26 مكبر صوت لحث القرويين على عدم القيام بزيارات السنة الجديدة لبعضهم البعض وعدم تناول العشاء معاً. وفي ناننينغ، منطقة قوانغشي ذاتية الحكم لقومية تشوانغ، استخدمت الشرطة طائرات من دون طيار لتشغيل صوت الأبواق كتذكير بعدم انتهاك أمر الإغلاق.
    في تشنغدو بمقاطعة سيتشوان، شكل 440.000 مواطن فرقاً للقيام بمجموعة من الأعمال العامة لوقف انتقال الفيروس: نشروا التعليمات الصحية، وفحصوا درجات الحرارة، وقدموا الطعام والأدوية، ووجدوا طرقاً للترفيه عن المصابين المصدومين بخلاف ذلك. قاد كادر الحزب الشيوعي الطريق هنا؛ حيث جمع بين الشركات والمجموعات الاجتماعية والمتطوعين في هيكل الإدارة الذاتية المحلية. وفي بكين، طور السكان تطبيقاً يرسل تحذيرات للمستخدمين المسجلين بشأن الفيروس وينشئ قاعدة بيانات يمكن استخدامها للمساعدة في تتبع حركة الفيروس في المدينة.
    التدخل الطبي
    كانت لي لانجوان من أوائل الأطباء الذين دخلوا ووهان؛ وتتذكر أنها عندما وصلت إلى هناك، كان من الصعب الحصول على الاختبارات الطبية، وكان الوضع مع الإمدادات "سيئاً جداً”. وأضافت أنه في غضون أيام قليلة، وصل أكثر من 40 ألف عامل طبي إلى المدينة، وتم علاج المرضى الذين يعانون من أعراض خفيفة في مراكز العلاج المؤقتة، في حين تم نقل المصابين بأعراض خطيرة إلى المستشفيات. وقالت الدكتورة لي لانجوان إن معدات الحماية، والاختبارات، وأجهزة التنفس الاصطناعي، وغيرها من الإمدادات جاءت بسرعة. وأضافت: "انخفض معدل الوفيات بشكل كبير. وفي شهرين فقط، كان الوضع الوبائي في ووهان تحت السيطرة بشكل أساسي”.
    من جميع أنحاء الصين جاء 1.800 فريق وبائي -خمسة أشخاص في كل فريق- لإجراء المسوحات للسكان. وقال وانغ بو، قائد أحد الفرق من مقاطعة جيلين، إن فريقه أجرى مسوحات وبائية "متطلِّبة وخطيرة” من باب إلى باب. وقال ياو لايشون، العضو في أحد فرق جيلين، إن فريقهم قام خلال أسابيع بإجراء مسوحات وبائية لـ374 شخصاً وتتبع ورصد 1.383 من المخالطين القريبين؛ وكان هذا عملاً أساسياً في تحديد من أصيب بالعدوى وعولج بالإضافة إلى من يحتاج إلى العزل إذا لم يكن لديهم أعراض حتى الآن، أو إذا كانت نتائج اختباراتهم سلبية. وحتى 9 شباط (فبراير)، تحققت السلطات الصحية من 4.2 مليون أسرة (10.59 مليون شخص) في ووهان. وهذا يعني أنهم قاموا بالتحقق 99 في المائة من السكان، وهو تمرين هائل.
    كانت سرعة إنتاج المعدات الطبية، وخاصة معدات الحماية للعاملين الطبيين، مذهلة. في 28 كانون الثاني (يناير)، قامت الصين بصنع أقل من 10.000 مجموعة من معدات الحماية الشخصية يومياً، وبحلول 24 شباط (فبراير)، تجاوزت طاقتها الإنتاجية 200.000 في اليوم. في 1 شباط (فبراير)، أنتجت الحكومة 773.000 مجموعة اختبار يومياً. وبحلول 25 شباط (فبراير)، كانت تنتج 1.7 مليون مجموعة يوميًا؛ وبحلول 31 آذار (مارس)، وصل الإنتاج إلى 4.26 مليون مجموعة اختبار يوميًا. وقامت السلطات بتوجيه المنشآت الصناعية لإنتاج معدات الحماية، وسيارات الإسعاف، وأجهزة التنفس الاصطناعي، وأجهزة مراقبة تخطيط كهربية القلب، وأجهزة العلاج بالتبخير التنفسي، وأجهزة تحليل غازات الدم، وآلات تعقيم الهواء، وآلات غسيل الكلى. وركزت الحكومة الانتباه إلى التأكد من عدم وجود نقص في أي معدات طبية.
    هرعت تشن وي، وهي من كبار علماء الفيروسات الصينيين الذين عملوا على وباء "سارز” في العام 2003 والتي كانت قد ذهبت إلى سيراليون في العام 2015 لتطوير أول لقاح لمرض الإيبولا في العالم، إلى ووهان مع فريقها. قاموا بإنشاء مختبر اختبار متحرك بحلول 30 كانون الثاني (يناير)؛ وبحلول 16 آذار (مارس)، أنتج فريقها أول لقاح لفيروس كورونا المستجد، والذي ذهب إلى التجارب السريرية؛ حيث كانت تشن واحدة من أوائل الذين أخذوا اللقاح كجزء من التجربة.
    ارتياح
    ليس إغلاق مقاطعة يبلغ عدد سكانها 60 مليون نسمة لأكثر من شهرين وإغلاق بلد يبلغ عدد سكانه 1.4 مليار نسمة بالأمر السهل. كان التأثير الاجتماعي والاقتصادي دائمًا كبيرًا جدًا. لكن الحكومة الصينية -في توجيهاتها المبكرة- قالت إن الضربة الاقتصادية للبلاد لن تقوم بتقييد الاستجابة؛ يجب أن تكون مصلحة الناس هي الغاية المسيطرة على صياغة أي سياسة.
    في 22 كانون الثاني (يناير)، قبل تشكيل "المجموعة القيادية”، أصدرت الحكومة تعميمًا ينص على أن العلاج الطبي لمرضى "كوفيد 19” مكفول للجميع وأنه سيكون مجانياً. وبعد ذلك، تمت صياغة سياسة لتسديد دفعات التأمين الطبي، والتي نصت على أن النفقات من الأدوية والخدمات الطبية اللازمة لعلاج "كوفيد 19” ستتم تغطيتها بالكامل من قبل صندوق التأمين؛ لن يضطر أي مريض لدفع أي أموال.
    أثناء فترة الإغلاق، أنشأت الحكومة آلية لضمان التدفق المستمر للإمدادات من المواد الغذائية والوقود بالأسعار العادية. وزادت الشركات المملوكة للدولة مثل "الشركة الصينية للنفط والمواد الغذائية”، و”المجموعة الصينية لمخزونات الحبوب”، و”مجموعة الصناعات الملحية الوطنية الصينية” إمداداتها من الأرز والدقيق والزيت واللحوم والملح. وساعد "اتحاد عموم الصين لتعاونيات التوريد والتسويق” المؤسسات على تأمين اتصال مباشر مع تعاونيات المزارعين؛ وتعهدت منظمات أخرى، مثل "الغرفة التجارية للصناعات الزراعية الصينية” بالحفاظ على استقرار العرض والأسعار. واجتمعت وزارة الأمن العام في 3 شباط (فبراير) للقضاء على التلاعب بالأسعار واكتناز البضائع. وحتى 8 نيسان (أبريل)، حققت أجهزة النيابة العامة في الصين في 3.158 قضية من الجرائم الجنائية المتعلقة بالوباء. وقدمت الدولة دعماً مالياً للشركات الصغيرة والمتوسطة؛ وفي المقابل، قامت الشركات بإعادة تنظيم ممارساتها لضمان بيئة عمل آمنة (قامت شركة قوانغتشو لينغنان للكابلات، على سبيل المثال، بجدولة استراحات الغداء لمنع التداخل، وفحص درجة حرارة العمال، وتطهير منطقة العمل بشكل دوري، وضمان عمل أجهزة التهوية، وتزويد الموظفين بالمعدات الواقية مثل الأقنعة والنظارات الواقية، وغسول اليدين والمطهرات القائمة على الكحول).
    الإغلاق الكامل
    أظهرت دراسة أجراها أربعة من علماء الأوبئة من هونغ كونغ ونشرت في مجلة The Lancet أن إغلاق مدينة ووهان في أواخر كانون الثاني (يناير) حال دون انتشار العدوى خارج مقاطعة هوبي. وكتبوا أن المدن الرئيسية في بكين وشنغهاي وشنتشن وونتشو شهدت هبوطاً حاداً في عدد الإصابات في غضون أسبوعين من الإغلاق الجزئي. ومع ذلك، يكتب العلماء أنه نتيجة لضراوة "كوفيد 19” وغياب مناعة القطيع، فإن الفيروس قد يهاجم في موجة ثانية. وهذا أمر يقلق الحكومة الصينية، التي تستمر في أن تكون كاملة اليقظة بشأن هذا الفيروس التاجي الجديد.
    ومع ذلك، تلألأت أضواء الاحتفال عبر ووهان مع رفع الإغلاق. وتنفس الطاقم الطبي والمتطوعون الصعداء. وكانت الصين قادرة على استخدام مواردها الكبيرة -ثقافتها ومؤسساتها الاشتراكية- لكسر سلسلة العدوى بسرعة.
  • *فيجاي براساد: مؤرخ ومحرر وصحفي هندي. زميل كتابة وكبير المراسلين في "غلوبيتروتر” Globetrotter، وهو مشروع لمعهد الإعلام المستقل. وهو رئيس تحرير LeftWord Books ومدير Tricontinental: معهد البحوث الاجتماعية. كتب أكثر من عشرين كتابا، منها "موت الأمة ومستقبل الثورة العربية”؛ و”تاريخ ممكن للجنوب العالمي”.
    *دو شياوجون: يعمل مترجماً في شنغهاي. يتركز بحثه على العلاقات الدولية والتواصل بين الثقافات واللغويات التطبيقية.
    *وييان زْهو: محامية مقيمة في بكين. وهي مهتمة بالقضايا الاجتماعية والسياسية.
    *نشر هذا المقال تحت عنوان: How China Broke the Chain of Infection