تغييب اللهجة المحلية عن الشاشة يثير القلق .. ومطالبات بتكريس الهوية الأردنية عبر وسائل الإعلام

ما تزال اللهجة الأردنية مغيبة عن الشاشة المحلية بالتزامن مع وجود صورة افتراضية لا تشبه او تمثل الأردنيين بصلة كانت على الشاشات المحلية، لدرجة أن المواطن أصبح يعتقد للوهلة الأولى أن بعض القنوات والوسائل الإعلامية الأردنية تبث من الخارج وكأن الهوية الأردنية باتت محظورة عن الشاشات لحين إشعار آخر.


تغييب اللهجة الأردنية وتصدر الصورة الافتراضية التي يقدم عليها بعض الإعلاميين والناشطين يقرع أجراس الخطر، لطالما أبسط البديهيات والأبجديات المعنية بالتراث الوطني بعيدة كل البعد عن الشاشات في ظل وجود مطالب شعبية كبيرة بترسيخ مفهوم اللهجة الأردنية على خارطة الإعلام المحلي والعربي.

تفسر اللهجة الأردنية بالمفهوم العام: إحدى اللهجات العربية العامية التي تتبع طائفة اللهجات الشامية، ويتحدث بها الأردنيون بشكل عام وتختلف من منطقة إلى آخرى؛ فهناك لهجة الشمال ولهجة الجنوب، واللهجة الفلاحية واللهجة البدوية.

وتعد اللهجة المنتشرة في الأردن والتي يتحدث بها معظم الأردنيين اليوم اللهجة "الهجينة"، التي أخذت بالتشكل في بدايات القرن الماضي، بتأثير واضح من اللهجة الشمالية.

 

*اللهجة الأردنية مغيبة عن الشاشات المحلية

أكد عدد من المواطنين أن اللهجة الأردنية مغيبة عن الشاشة بالكامل لأسباب غير معروفة، مشيرين إلى أن معظم ما يقدم عبر الشاشات والإذاعات المحلية بعيد كل البعد عن الهوية الأردنية .

وطالب المواطنون أثناء حديثهم  من المؤسسات الإعلامية والفنية توظيف الهوية الأردنية بالشكل الصحيح والاهتمام بها على أكمل وجه؛ كون الأردنيين باتوا اليوم متعطشين لرؤية ومشاهدة التراث الأردني الحقيقي البعيد كل البعد عن الإسفاف والتهريج.



*وزير الثقافة: إذاعات خاصة تتحدث بلهجات غير أردنية

بدوره قال وزير الثقافة، الدكتور باسم الطويسي، إن وزارة الثقافة معنية وفق رؤيتها بترسيخ وتكريس الهوية الوطنية وتقديمها إلى الأجيال الجديدة من خلال تقديم تعريفات موسعة بالثوابت الوطنية المتمثلة بالتاريخ والجغرافيا الأردنية بقيم الدولة والنظام السياسي.

وبين الطويسي أثناء حديثه ، أن اللهجة الأردنية من أقرب اللهجات إلى اللغة العربية الفصيحة وتعد إحدى مدخلات الهوية الوطنية، مشيراً إلى المسلسلات البدوية والريفية التي ساهمت بنشر اللهجة الأردنية خلال العقود الماضية على القنوات الفضائية العربية.

وأضاف أن مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردني حريصة على توطيد اللهجة الأردنية سواء في المحتوى الإعلامي أو الدرامي، بينما بعض الإذاعات والمنابر الإعلامية الخاصة تلجئ لاستخدام اللهجات غير الأردنية، مطالباً بتكريس اللهجة الأردنية بشكل مركزي عبر تلك المؤسسات.

وختم الطويسي حديثه  قائلاً:إن الأردن يحترم التنوع الثقافي مع ضرورة وجود اللهجة الأردنية بشكل أوسع في المنابر الإعلامية المحلية ولا مانع من وجود اللهجات الآخرى بجانبها.

 

* محطات تلفزيونية لا تقدم دوراً ثقافياً

الكاتب مصطفى صالح، قال في تصريحات ، إنه على الرغم من وجود لهجات عديدة في الأردن سواء في الشمال أو الوسط أو الجنوب أو حتى الشركس والشيشان إلا أن اللهجة الأردنية مغيبة عن الشاشة وجميع المسلسلات الدرامية.

وتساءل مؤلف نمر بن عدوان ورأس غليص عن أسباب تغييب اللهجة الأردنية وعدم استغلالها في عملية إثراء التراث الشعبي، مؤكدًا أن الدراما الأردنية في مرحلة البدايات كانت تتحدث باللهجة الأردنية الحقيقية عبر المسلسلات التي كتبها محمود الزيودي ومخلد الزيودي مما لقت إقبالاً كبيراً عند المشاهد.

وأضاف صالح أنه عندما تم تسويق الدراما إلى الخارج أصبح المنتج ينظر لعمليات التسويق من ناحية مادية بعيدة عن الثقافة وبات سلم الأولويات وفق ما يريده الآخرون وليس كما يريد المواطن الأردني؛ مما تراجعت اللهجة الأردنية عبر الشاشة، مشيراً إلى أن اللهجات المدنية الحديثة ساهمت بإنشاء اللهجة الهجينة ليتم إرضاء الأسواق العربية على حساب اللهجة الأردنية التي تم تشويهها.

وأوضح أن عملية الإغراق في المحليات تعد بداية الطريق نحو العالمية، وتغريب اللهجات لا يعني التقدم او التطور، حيث إن الجانب المادي ضغط على المنتج الأردني وساهم بضياع الطريق، لافتاً إلى  وجود محطات تلفزيونية أردنية لا تقدم دراما أردنية ولا تساهم بانتشار اللهجة الأردنية عربياً وتكريسها محلياً، معتبراً أن المحطات التي لا تقدم دوراً ثقافياً حقيقياً مسماها الصحيح:"دكانة تجارية".

ونوه أن اللوم الأكبر يقع على عاتق التلفزيون الأردني كونه محطة وطنية يفترض ان تتبنى العمل المحلي ليس إنتاجياً إنما تسويقياً أيضاً، مؤكداً أن الشاشة الوطنية مقصرة بحق الدراما والفنان ولا تقدم أدنى جهد.

وختم الكاتب مصطفى صالح حديثه : قمت مؤخراً بكتابة مسلسل شارع طلال، الذي يتحدث عن تاريخ عمان في حقبة الخمسينيات، يضم العمل كافة اللهجات الدارجة في الأردن:(البدوية والفلاحية والجنوبية والشركسية ولهجة الضفة الغربية، ويعرض العمل الصورة الحقيقية للعاصمة عمان حاضنة الأمم من كافة الأصول والمنابث).

 

*الرواشدة: لا بد من تكريس اللهجة الأردنية على الشاشة

 

الكاتب الصحفي رمضان الرواشدة أكد في تصريحات ، وجود اللهجة الأردنية في التلفزيون الأردني وبعض القنوات والمؤسسات الإذاعية المحلية، مشيراً إلى أن بعض الإذاعات تقوم باستقطاب بعض من الإعلاميين غير الأردنيين ويقومون بتقديم برامج إذاعية بلهجات غير متعارف عليها من قبل الشعب الأردني سوى في المسلسلات العربية، ومما يسهم بشكل واضح بإلحاق الضرر على عملية توظيف اللهجة الأردنية على الشاشة.

وأضاف الرواشدة أنه لا بد من تكريس اللهجة المحلية في الإعلام الأردني كون اللهجة الأردنية المحكية من أقرب اللهجات إلى اللغة العربية الفصيحة ومما يسهم بتوافق كبير بين اللغتين.

 

*الحراحشة : ما يتم تداوله على الشاشة بعيد كل البعد عن الهوية الأردنية

الشاعرة والإعلامية آيه الحراحشة التي تمكنت من توظيف صورة الفتاة الأردنية على قدر عالٍ من المسؤولية من  خلال العديد من البرامج التلفزيونية والإذاعية والمحافل العربية ، تقول لسرايا إن اللهجة الأردنية مغيبة عن الشاشة وكل ما يتم تداوله اليوم بعيد كل البعد عن الهوية الأردنية، مؤكدة أن ما يعرض اليوم تحت مسمى اللهجة الأردنية الغرض منه للتهريج والإسفاف وإخفاء جوهر اللهجة الأردنية وهويتها الأصلية وما تتمتع به من جماليات وقيم أصيلة.

وبينت الحراحشة أن اللهجة البدوية أصبحت اليوم مشوهة المعالم في العديد من المسلسلات التي تدرج تحت الإطار البدوي، ومما ساهمت بنشر الفكر الخاطئ عن اللهجة الأردنية والبدوية، منوهة أن الأردنيين اليوم متعطشين لذكرياتهم التي باتت مفقودة ولم تعد موجودة سوى في المسلسلات التي تم إنتاجها في حقبة الثمانينات ومنها مسلسل وجه الزمان الذي قام بنقل الهوية الأردنية بطريقة محكمة وأمينة .


حول أسباب تغييب اللهحة الأردنية عن الشاشة، اعتبرت الحراحشة أن بعض المؤسسات الإعلامية ظنت أن اللهجة الأردنية لا تشكل انتشارًا واسعاً ولا تحقق الأهداف المرجوه مما اصبح التوجه مختلف ومبني على الناحية التجارية فقط، فتم إلغاء كافة البرامج التي تلامس عمق اللهجة الأردنية ومنها: (برامج البادية والتراث والارياف والبرامج الشعرية التي تحاكي المواطن عن قرب)، لافتة إلى أن هناك شريحة كبيرة من الجمهور فضلت عدم مشاهدة القنوات الفضائية كون المحتوى المعروض لا يلبي الطموحات ولا يشبه بيئة الأردنيين.


وطالبت الحراحشة في نهاية حديثها ، ترسيخ اللهجة الأردنية بهيبتها وإعادة إنتاج البرامج المعنية في البادية والأرياف الاردنية ودعم كافة الطاقات التي حملت على عاتقها مسؤولية المحافظة على التراث الأردني، وإظهار اللهجة الأردنية بأجمل صورة دون تزييف أو تشويه.