قال نائب رئيس الوزراء الأسبق الدكتور محمد الحلايقة خلال حوار أداره الدكتور خليل أبو سليم ، عبر مجموعة المجلة العربية على تطبيق " الواتس أب" : إن "برنامج التحول الاقتصادي أو برنامج التصحيح الاقتصادي ليس جديداً في الأردن بل كان لدينا برامج عديدة قديمة ولكن في العام 2004 أعلنا تخرجنا من برنامج تصحيح اقتصادي بعد تحقيق الاقتصاد الأردني نتائج ايجابية.
وتاليا نص الحوار كاملا:
نطل عليكم في هذا المساء الأغر، مرحبين بكم عدد ما هلت الأمطار و عدد ما طارت الأطيار، فاهلا بكم كل ما مر تذكار واهلا بكم كثر ما في الأرض أشجار واهلا بكم كثر ما في الدنيا أسرار لعلها تجربتنا الاولى في هذا المضمار، ان نلتقييكم عبر شبكات الواقع الافتراضي لنتباحث واياكم في شؤون الوطن الاعز، ولعل الحديث في هذا الموضوع يطول وهو بالتاكيد ذو شجون، وقد يكون احيانا ذو سجون.
الحضور الاماثل: نستضيف اليوم هامة وطنية مهمة، كان لها بصمة واضحة في مسييرة الوطن، ليحدثنا عن رؤيته عما يدور في خلد كل واحد منكم،آملين منكم، وانتم القامات الكبار ان تشاركونا هذا اللقاء بمداخلاتكم واسئلتكم القيمة، والتي نرجو من خلالها ان تثري النقاش، لعلنا نخطو واياكم خطوة مهمة على طريق البناء والتحديث لأردن الرجال الرجال، الذين ضحوا بدمائهم الزكية لبناء هذا الوطن الاعز.
نرحب جميعا بمعالي الدكتور محمد الحلايقة، واعتقد جازما ان سيرته الذاتية العطرة والتي تم نشرها على القروب قد قدمته باختصار شديد ولم توفيه حقه، فاهلا وسهلا بالدكتور الحلايقة صاحب العلم الوفير والعطاء الكثير.
سؤال: منذ العام 2000 والاردن يواجه العديد من التحديات على كافة الاصعدة، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية....الخ من تلك التحديات التي تحولت مع الزمن الى معضلات باتت عصية على الحل.
بدات هذه التحديات مع بداية ما يسمة ببرنامج التحول الاقتصادي او ما يسمى ببرنامج الخصخصة، أين نحن من هذا البرنامج اليوم؟ وهل حقق هذا البرنامج الاهداف التي كان يسعى اليها ضمن محاوره المتعددة؟ خصوصا اذا ما علمنا انه تم بيع معظم مقدرات الدولة وخصوصا الناجحة منها أملا في تسديد المديونية والحد من عجز الموارنة المتفاقم، الان ان المديونية ارتفعت الى مستويات خطيرة جدا تكاد تعادل الناتج المحلي الاجمالي.
الجواب : برنامج التحول الاقتصادي أو التصحيح الاقتصادي ليس جديدا في الأردن ، نحن كان لدينا برامج عديدة وقديمة ، ولكن في العام 2004 أعلنا تخرجنا من برنامج تصحيح اقتصادي بعدما حقق الأردن نتائج ايجابية ، وتعاقبت الحكومات ولأسباب مختلفة لا مجال للخوض فيها خاصة في الفترة من 2007 الى 2009 بدأت المديونية ترتفع وبشكل كبير ، وهذا الارتفاع اضطرنا مرة أخرى لنبدأ بمحاولات مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي .
اخصخصة كانت جزءا من برامج التحول أو التصحيح الاقتصادي السابقة ، وكان الهدف في ذلك الوقت تسديد مديونية بعض المؤسسات ، وأيضا جلب شركاء استراتيجيين ، وأنشأنا في ذلك الوقت صندوق الأجيال لتذهب جزء من المخصصات اليه ، ولكن اليوم لا يوجد نقد في هذا الصندوق ، وهناك سياسات اقتصادية أدت لفشل التجربة .
على كل حال الخصخصة تم اعداد تقرير خاص بها من خلال فريق ترأسه رئيس الوزراء عمر الرزاز ويقع في 900 صفحة ، ومعظم الإجراءات التي اتخذت بهذا الشأن كما يشير التقرير غير شفافة ، ونحن ما قبل العام 2014 اضطرت حكومة فايز الطراونة لتوقيع مذكرة مع صندوق النقد الدولي ، ووافقت عليها حكومة الدكتور عبدالله النسور ، ومنذ ذلك الوقت نحن رهينة هذه الإجراءات من رفع الأسعار ورفع الدعم وغيرها ، في ظل غياب برنامج وطني للتصحيح.
اليوم نحن في وضع اقتصادي صعب والمطلوب أن نعتمد برنامجا وطنيا بالشراكة مع القطاع الخاص ، وعلينا أن نعيد النظر بأسباب فشلنا في الفترة السابقة التي اعتمدت بشكل أساس على جيب المواطن ، وزيادة الضرائب ورفع الدعم ، ولم يكن هناك أية أبعاد تنوعية في برنامج التصحيح الإقتصادي مع البنك الدولي ، الذي جلّ اهتمامه هو عدم ارتفاع عجز الموازنة ، وزيادة ايرادات الحكومة ، ولا يهمه النظر للجانب الاجتماعي والفقر والبطالة ، وهذا هو الخطأ الكبير الذي وقعنا فيه ، ونتائجه الآن واضحة للعيان.
بيع مقدرات الدولة غير دقيق ، ولا اتفق معه مائة بالمائة ، ولكن معظم عمليات الخصخصة وبحسب تقرير فريق الرزاز المشار اليه سابقا شابها غياب الشفافية ، وتم حينها ببيع بعض الشركات بأقل من قيمتها الحقيقية ، وكان هناك عدم نزاهة ببعض هذه العمليات ، ولكن جزء من عمليات الخصخصة كان جيدا ، إلا أن الأغلب عليه ملاحظات مالية ونقدية كبيرة.
سؤال: لعل أحد المحاور الرئیسة لعمل برنامج التحول الاقتصادي هو التركيز على محور الاستثمار الرأسمالي من خلال التركیز على المحاور الفرعیة التالیة: 1. الاستثمار في تنمیة الموارد البشریة (التعلیم العام والتعلیم العالي والتدریب المھني والتقني والانشطة الثقافیة وانشطة الرعایة الشبابیة المختلفة).
2. الاستثمار في الخدمات الحكومیة الاساسیة (الرعایة الصحیة، الرعایة الاجتماعیة ومكافحة الفقر، الموارد المائیة،تنمیة المحافظات، وتنفیذ الاصلاحات المالیة والاداریة والقضائیة).
3. الاطار المؤسسي والتنظیمي والرقابي. هل تحققت هذه الرؤى والتطلعات اذا ما علمنا ان الفقر والبطالة اصبحت من السمات الملازمة للمجتمع الاردني، واذا ما علمنا ايضا ان الدولة قد انسحبت من كافة القطاعات او في طريقها الى ذلك دون العمل على ايجاد البديل المناسب؟
الجواب : بخصوص برنامج التحول الاقتصادي للعام 2000 ، رغم أنني كنت في بعض الحكومات التي تبنت هذا المشروع ، وفي إحدى الفترات كنت مسؤولا عنه ، ثم أحيل الى وزارة التخطيط التي كان يرأسها حينها الدكتور باسم عوض الله ، إلا أن هذا البرنامج نتائجه متواضعة جدا مقارنة بالأموال التي صرفت عليه .
واليوم إذا تم عمل بحث عن نتائج هذا البرنامج سيفاجأ الباحث من أن نتائجه متواضعة جدا ، إن لم تكن صفرا ، وأنا أظن أن هذا البرنامج فشل فشلا كبيرا ، وكان من الخطأ أن تنفذه وزارة التخطيط لوحدها ، كان من المفترض أن يكون تحت اشراف لجنة وزارية .
البرنامج ساهم في بعض المناطق بتحسين الخدمات وإنشاء المشاريع الصغيرة ، ولكن مقارنة بالأموال التي صرفت عليه فشل فشلا كبيرا.
سؤال: جميع فئات المجتمع ومستويات السلطة وعلى رأسها جلالة الملك يتحدثون عن الفساد والفاسدين، والمقولة الاشهر في هذا المجال، اننا نرى الفساد ولا نرى الفاسدين، وان سمعنا عن بعض قضايا الفساد التي تحال للنائب العام، فهي بالكاد تذكر مع القضايا الكبيرة التي لا يجرؤ احد على الحديث بها، ما هو تعليقك على هذه الافة التي باتت تفتك بالمجتمع والدولة على حد سواء؟
الجواب : أنا لا أشكك بنزاهة أي شخص ، ولكن ارجعوا لتقرير الفريق الذي كان برئاسة الرزاز كما أشرنا سابقا ، سنجد بعض الشركات بيعت بأقل من قيمتها الحقيقية ، وأنا لست ضد التخاصية في إطارها الصحيح ، وبعض المؤسسات حاليا لها أرباحها نظرا لاختلاف الظروف.
نعم نحن قطنا شوطا بمكافحة الفساد ، ولكنه غير كافي ، فلا زالت هناك قضايا أخرى تنتظر الحسم ، منها على سبيل مثال قضية اتفاقية الغاز ، و رأيي أن جزءا من معضلتنا هو فقدان المصداقية من قبل المواطن لدى الحكومات ، وذلك بسبب عدم جديتها الكاملة بمكافحة الفساد.
سؤال: ماذا قدمت الاحزاب على الساحة الاردنية، وهل تعتقد ان المجتمع الاردني لديه فكر وميول نحو الاحزاب، خصوصا ان تلك الاحزاب في معظمها قائم على اشخاص وليس على برامج؟
الجواب : لا أظن أن هناك حياة حزبية جادة في الأردن بالرغم من محاولات الكثير لإنشاء أحزاب ، على العكس مما كان في الستينات ، حيث كانت لدينا أحزاب وتيارات أقوى ، ولكن للأسف معظم الأحزاب بالساحة الأردنية ليست لها برامج واضحة ، وأنا أظن أن الدولة الأردنية حقا ليست جادة في حياة حزبية ، فوجود أحزاب قوية هو أداة رقابية هامة على الحكومات ، ولكن للأسف معظم هذه الأحزاب أنشئت وتلتف حول شخصية واحدة في معظم الأحيان ، وهناك استثناءات قليلة ، لكن جزء من الإصلاح السياسي الجاد هو ايجاد حياة حزبية سياسية مفعمة ، وأيضا برلمان قوي بناء على قانون انتخاب نزيه وجاد.
سؤال : معاليك ،نتحدث دوما عن وجود فساد وانه واجب على مكافحة الفساد اجراء اللازم ،هل هناك خطة للوقاية بشكل جدي لديكم حتى لا يكون لدينا اصلا فساد ؟؟مع ان اسماء الفاسدين يومييا تتكرر على السن النواب والشعب فلم بعد اي شىء خفي علينا؟