وتضيف، "حياتنا كلها كانت زعل ورضا، ودايما السبب واحد: قلة الاحترام، المسبات والضرب، كل مرة كنت أقله عيب بلاش المسبة قدام الولاد والناس، الولاد كبروا وبفهموا.. في مرة رفعت عليه قضية شقاق ونزاع لكن وقبل الجلسة الأولى وبسبب تدخل القرايب والوجهاء وعشان ولاد العم وعشان العيب أسقطت القضية”.
تمكنت الرضيعة من الدخول إلى الغرفة مع والدتها قبل أن يغلق الزوج الباب، وبعد ذلك أخذ الزوج ملقط الفحم الخاص بالأرجيلة، تمكنت فاطمة من انتزاع الملقط من يده ليقول لها بعد ذلك "ما بدي أذبحك والله لأعملك عاهة طول عمرك، وتموتي كل يوم بسبب عاهتك”.
حاولت فاطمة حماية وجهها بتغطيته بساقيها لكنه أدخل إصبعه وفقأ عينها وتقول "صرت أدافع عن نفسي بس الصغيرة كانت بيني وبينه، صرت أترجى فيه عشان بنتنا، مشان الله.. مش بتحب بنتك خليلي عين وحدة أشوف الولاد فيها وأخدمهم فيها، قال لي لأ، وبعدها أدخل إصبعه بعيني الثانية”.
وتتابع "حاول فتح فمي بأقصى حد. أراد قطع لساني. لكن بعدها ركض وهرب”.
وتزيد "لم أسمع صوته بعدها، دخل أبنائي عندي قلتلهم يا ماما مش شايفة مش شايفة، وكأنهم خافوا من منظري وفلوا، بعد هيك طلعت من البيت أتحسس الطريق وأنادي الجيران لحد ما فاقوا علي، وحكوا مع إخواني والدفاع المدني”.
نقلت العائلة ابنتها الى مستشفى الأمير راشد العسكري ومن هناك ولعدم تواجد أخصائي العيون، تم نقلها الى مستشفى الملك المؤسس عبدالله الجامعي، حيث تم اتخاذ اجراءات طبية لحين نقلها إلى مدينة الحسين الطبية والتي تقيم بها منذ الخميس الماضي.
في مدينة الحسين خضعت فاطمة لعملية جراحية في كلتي عينيها، حيث تمكن الأطباء من إبقاء إحدى العينين بشكل تجميلي أما الأخرى فقد فقدت بشكل تام، ولتفقد فاطمة البصر بنسبة 100 %، لكنها بدت في المستشفى قوية ومتماسكة، محاطة بوالدتها وشقيقتها وزوجة شقيقها، ورغم عرض إدارة المستشفى عليها نقلها الى غرفة خاصة لكن فاطمة رغبت في البقاء في قاعة تضمها وسط نساء أخريات، لأنها كما تقول "بتونّس بالصوت وحركة الناس”، فيما بدي المريضات والكادر الطبي والتمريضي تعاطفا ودعما كبيرا لفاطمة وهو ما يساهم في دعم وضعها النفسي.
وفي نهاية حديثها، رغبت فاطمة بإيصال ثلاث رسائل، أولها أنها "لن تتنازل عن حقها بأي شكل من الأشكال لإيقاع أشد العقوبات بحق الجاني، ومتمسكة بحقها باستعادة أطفالها إلى حضنها ولن تقبل التنازل عنهم”، أما رسالة فاطمة الأخيرة فهي موجهة إلى النساء والمجتمع بشكل عام "لا تقبلي العنف ولا تتعايشي معه ولا تقبلي الإساءة”.
وتابع، ان "قانون العنف الاسري أقر وعدل استجابة لواقع مؤلم تتعرض له النساء فيه للتنكيل والعنف من قبل أزواجهن وما يرافق ذلك من عواقب نفسية وجسدية قد تخلف عاهات دائمة وربما تصل إلى الموت”، مشيرا إلى أن "المعلومات حول واقعة العنف ضد الزوجة قد تبقى على الأغلب طي الكتمان أو قد تصل لأقارب الزوجة فقط، او قد يفصح أو يبلغ عنها لجهة مهنية من مثل مراكز الشرطة أو اقسام حماية الأسرة، او المحاكم الشرعية أو المراكز الطبية والمستشفيات، او مؤسسات المجتمع المدني”.
وزاد، ان "برامج التوعية وتمكين المرأة المستدامة على المستوى الوطني، على الرغم من ان واقع الحال يشير لتعثرها المتكرر، يتوقع منها ان تساهم، في حال إنجازها، لمواجهة الكتمان والصمت حول ارتكاب العنف ضد الزوجة في محيط اسرتها وعائلتها الممتدة”.
واعتبر جهشان أن المشكلة التي توازي وقد تفوق مواجهة كتمان وصمت المرأة وحثها على طلب المساعدة القانونية او الاجتماعية او الطبية، هي "إخفاق الجهة التي تم ابلاغها عن واقعة العنف في القيام بما يتوجب عليها القيام به مثل توفير الحماية المباشرة أولا ومن ثم توفير الرعاية القانونية والصحية والاجتماعية من خلال التواصل مع القطاعات الأخرى حسب ما اوجب قانون الحماية من العنف الاسري”.
وأوضح أنه "عند اطلاع قاض شرعي، على سبيل المثال، على قضية نزاع وشقاق يرافقها تعرض الزوجة للعنف والتنكيل يتوقع منه عقب القيام بالمقتضى القانوني الشرعي أن يوجه الزوجة لطلب المساعدة من إدارة حماية الاسرة، او أن يقرر إحالة الزوجة مباشرة لطلب المساعدة القانونية او الصحية او الاجتماعية من الجهات التي تقدم هذه الخدمات كما ورد في قانون الحماية من العنف الاسري”.
وأكد أن "مواجهة العنف ضد الزوجة ليست مهمة اختيارية أو هامشية، وإنما واجب تمليه ضرورات الوقاية منه بالتنسيق مع الجهات المتعددة، وهذا يتطلب أن يتجاوز العمل الاستجابات المخصصة المتعلقة بكل قطاع منفردا ليصبح نهجا شاملا متعدد القطاعات ومنهجيا ومطّردا تدعمه دعما كافيا وتسهله آليات مؤسسية متخصصة وقوية ودائمة”.
وأضاف، "يتوقع من الحكومة ان توفر الموارد المالية والبشرية الكافية لتنفيذ قانون الحماية من العنف الاسري، ولا تعتمد فقط على المنح المؤقتة، ويجب ان تضمن الحكومة تطبيق آليات إنفاذ القانون والتقيد التام بالأدلة التي أنجزت تحت الرقابة الإدارية الصارمة”.(الغد)