الموظفون يترقبون زيارات "المتسوق الخفي" في الدوائر والوزارات يوميا

دخل مفهوم "المتسوق الخفي” ضمن سلسلة المفاهيم التي رافق بروزها مع حكومة عمر الرزاز، مثل مفهوم دولة النهضة وحتى مصطلح الاقتصاد الرقمي. وما تزال تفاصيل مهمة "المتسوق الخفي” مخفية بالنسبة للأردنيين، ومن أهم هذه التفاصيل التكييف القانوني لأعمال المتسوق الخفي وما إذا كان يجوز الاستناد لما يقدم من تقارير باتخاذ عقوبة تأديبية إدارية بحق الموظف العام، وهل تأخذ المحكمة الإدارية بمثل هذه المضبوطات، وما هي النصوص القانونية الناظمة لذلك أصلاً. هذه الأسئلة التي تدور في ذهن الوسط القانوني والحقوقي على وجه الخصوص حاولت الحصول على إجابات عليها من قبل مختصين، مثل المحامي لؤي العمايرة الي يرى أن المتسوق الخفي (من الجانب القانوني المجرد) مخالف لقواعد الوظيفة العامة بالذات ﻻنها محددة بزمن معين ومكان معين وحدود معينة وتتسم بالعمومية والعلنية ووسائل الشكوى والتظلم اﻻداري متاح فيها ورقابة الرؤساء المباشرة وتقاريرهم التي رسمها المشرع و حدد تفاصيلها كل وجه التحديد والحصر. وإن كانت وكما يضيف العمايرة كتب اﻻدارة العامة تحدثت عن وسائل الرقابة اﻻدارية ومنها التحريات اﻻدارية التي تقوم بها جهات ادارية مخولة بذلك من المشرع بصورة سرية وترفع تقاريرها عن كفاءة الموظفين وفاعلية الجهاز اﻻداري الى الجهات الرئاسية لتتخذ ما تراه مناسبا في هذا الشأن وهنا تكون فكرة المتسوق الخفي غير واردة في نطاق العمل اﻻداري العام وبالتالي ان اي اجراء يستند عليها يعتبر باطل ولا ينتج اي أثر.  ‏واعتبر المحامي العمايرة أن "المتسوق الخفي هو مواطن عادي كبقية المراجعين ولكن يكتب ملاحظته لاحقا حول مستوى تقديم الخدمة فإذا لاحظ أن هناك خللا معينا من حيث تقديم الخدمة وكان هذا الخلل اداريا فإن المتسوق الخفي يصبح مشتكي ‏مثله مثل أي مشتكي آخر يقدم شكوى للجهة الإدارية.  وبين أنه في "حال كان المتسوق الخفي من جهات الرقابة الإدارية ‏ففي هذه الحالة يكتب تقريرا بما حصل معه وللإدارة أن تشكل لجنة تحقيق للوقوف على الملاحظات المقدمة فإذا تم تأكيدها فيحال الموظف إلى جهات التأديب لتقوم هي باتخاذ الإجراءات القانونية والتي تمكن الموظف من الاستفادة ضمانات الدفاع وبالتالي فإن الإدارة تأخذ بتقرير (الخفي) كنقطة انطلاق للتحقيق وليس مركز أساسي له”.  ونوه إلى أنه وبالبحث بالقانون لم يجد إلا نص مادة واحدة تتعلق بمفهوم المتسوق الخفي وهي المادة (8) من تعليمات تقييم الأداء في مؤسسة المواصفات والمقاييس للعام 2009، إضافة إلى أن خدمة المتسوق الخفي يتم تطبيقها من قبل مركز الملك عبدالله الثاني لتميز الاداء الحكومي والشفافية، ومن الملفت أن نظام الخدمة المدنية يأخذ بتقييمات المركز الايجابية ويمنح الموظف بموجبها الزيادات السنوية، ومثال ذلك نص المادة ٣٤/أ من قانون الخدمة المدنية. وأضاف: "لكني لم أجد الى الآن ما يجيز اعتماد تقارير المتسوق الخفي التي يعدها المركز في تقييمات الموظف عندما تكون سلبي”.  بدوره وفي حديث له مع اعتبر أستاذ القانون الإداري، الدكتور بشار عبد الهادي، أنه "لا يعترف بشيء اسمه المتسوق الخفي في نطاق الوظيفة العامة”، وبالتالي "ﻻ تكييف قانوني له عندي” بحسب قوله. ونوه عبد الهادي إلى أن "الوظيفة العامة لها قوانينها وأنظمتها وتعليماتها الواضحة والصريحة التي تحكمها… وللموظف العام مكان محدد وزمن محدد وموضوعات محددة وأهم من ذلك أن هذه الوظيفة العامة (علنية) ﻻ تتم في الخفاء”. فضلًا عن أنه "إذا تضرر المواطن من جهاز إداري فله أن يقدم (تظلمًا يتضمن مطالبه) أما للموظف المعني وإما إلى رؤسائه… وله أيضا أن يقدم (شكوى تتضمن مطالبه)، أما الى الموظف المعني وإما إلى رؤسائه… بل وسنداً للمادة (17) من الدستور فإن له مخاطبة أي سلطة عامة في الدولة أيا كانت فيما ينوبه من أمور”. وأضاف عبد الهادي أن "هناك جهات رقابية في الدولة تقوم (بتحريات ادارية سرية) على الأجهزة اإدارية والموظفين فيها مستندة بذلك إلى إذن من المشرع ليكون عملها مشروعاً ومحترماً للقانون، وأن رقابة الرؤساء لمرؤوسيهم وكتابة تقارير سنوية عن أدائهم وتقديم المخطيء والمقصر منهم للمساءلة التاديبية وتوقيع عقوبات صارمة عليه هي أمور نظمها المشرع لضمان سير المرافق العامة بانتظام واطراد وبالتالي تقديم الخدمة لجميع المواطنين”. وبحسب عبد الهادي فإن "توقيع عقوبات مباشرة على الموظف بسبب ما يقدمه المتسوق الخفي ضده هو أمر باطل ويتنافى مع قواعد الوظيفة العامة وغير مشروع الغد