يعد الحق في حرية الرأي والتعبير أحد حقوق الإنسان الذي كفلته المواثيق الدوليّة والوطنيّة، ونظّمته جملة واسعة من القوانين والأنظمة الوطنيّة ذات العلاقة. بوصفه شرطًا أساسيًا لتحقيق مبادئ الديمقراطية و الشّفافية والمساءلة، وتعتبر حماية هذا الحقّ من أهم معززات حماية حقوق الإنسان، ومكافحة الفساد، والإسهام بالنهوض بالمجتمع اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا، وعماد الدولة الديمقراطية، ومؤشرًا على مدى توجه الدولة نحو مزيد من تعزيز الحقوق والحريات، وهو ضرورة لازمة للوصول ولممارسة حقوق الإنسان جميعها. مع التسليم بالمبدأ الحقوقي بأنّ حرية الفرد تنتهي عندما تبدأ حرية الاخرين .
ومن احدى أدوات حرية الرأي والتعبير تقنيات الذكاء الاصطناعي وأدواتها التي شكل الاستخدام غير المسؤول لها مساساً بالحقوق؛ وظهر ذلك في بعض من محتويات منصات التواصل الاجتماعي والتطبيقات التقنية وبعض من خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تبث عبر وسائطها الاشكال المتعددة من صور للكراهية الرقمية والتطرف والعنف السيبراني ، فالكراهية الرقمية اليوم أصبحت تحدياً جليّاً عبر ما ينشر من أشكال حرية الرأي والتعبير من قول أو تعليق او نشر او إعادة نشر ضد شخص أو مجموعة من الأشخاص. تستهدف الأفراد بناءً على خصائص محمية بموجب القوانين الوطنية وتتخذ عدة اشكال التي منها استخدام لغة مسيئة ومهينة من خلال توجيه إهانات عنصرية، أو متحيزة أو معادية والعمل على التحريض على العنف باستهداف أفراد أو جماعات معينة. فضلاً عن تقديم معلومات امضللة وتشويه للحقائق وتزييفها ونشر المعلومات الكاذبة ( الاشاعات ) لتشويه سمعة مجموعة أو فرد معين او زعزعة السلم المجتمعي ؛ الكراهية الرقمية أو الإلكترونية فضفاضة في استخدامها بمعنى لا تشمل لغة او نموذجا معينا أو أفعالًا محددة بل تمتد لتطال الانسان وكان اكثر المستهدفين هم الأطفال والنساء والفتيات من خلال اتخاذها لاشكالاً متعددة منها الابتزاز الالكتروني ، والتنمر الإلكتروني، والتهديدات ، واغتيال الشخصية ، والتشهير، ونشر محتوى كراهية يستهدف العرق، أو الجنس، أو الدين،أو جوانب أخرى من الهوية. وأصبحت تنتشر في الرسوم المتحركة والألعاب الالكترونية.
و تتصف الكراهية الرقمية بالتنامي والتسارع في الفضاءات الافتراضية، بما في ذلك منصات التواصل الاجتماعي، والمنتديات، ومنصات التراسل الإلكترونية، وأقسام التعليقات، وغيرها. و والسرعة في الانتشار لا نجده عادةً في الكراهية على أرض الواقع، إذ تبقى عادةً في الفضاء الإلكتروني إلى أجل غير مسمى. لتصل إلى جمهور كبير، وغالبًا ما تبقى مجهولة المصدر، مما يؤدي إلى غياب عام للمساءلة والافلات من العقاب. على عكس الوسائط التقليدية،
لذلك يُعد فهم خطاب الكراهية ومراقبته عبر المجتمعات والوسائط الإلكترونية المتنوعة أمرًا أساسيًا لتشكيل استجابات جديدة. لكن غالبًا ما تتعطل الجهود بسبب النطاق الواسع للظاهرة والقيود التكنولوجية لأنظمة المراقبة الآلية ونقص الشفافية والافصاح في الشركات المنتجة للتطبيقات على الإنترنت.
على صعيد التشريعات الوطنية تم التصدي لخطاب الكراهية في قانون العقوبات تحديدا المادة (150) منه وقانون الجرائم الالكترونية حيث أورد القانون تعريف لخطاب الكراهية بأنه كل قول أو فعل يهدف إلى إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحض على النزاع بين مكونات المجتمع الأردني.
على صعيد الاستراتيجيات الوطنية أقر مجلس الوزراء الاستراتيجية الوطنية لتعزيز الدراية الإعلامية والمعلوماتية، بهدف زيادة الوعي المجتمعي وتمكين المواطنين من مواجهة الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة وخطاب الكراهية. وتم انشاء مركز السلم المجتمعي التابع لمديرية الأمن العام، والذي يوّحد الجهود لمواجهة الأفكار المتطرفة ومحاربة خطاب الكراهية. والحرص على بناء القدرات والتوعية وتطوير برامج توعوية للشباب وجميع فئات المجتمع حول مخاطر خطاب الكراهية وضرورة التحقق من المعلومات قبل نشرها. ويقوم مرصد مصداقية الإعلام الأردني «أكيد» برصد مظاهر خطاب الكراهية في وسائل الإعلام الأردنية المختلفة، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي، لتقييم حجم المشكلة والتعامل معه.