البيانات التفصيلية للبطالة تستحق الدراسة والاسترشاد بها

لأول مرة يظهر تقرير دائرة الإحصاءات العامة بشأن البطالة والقوى العاملة في المملكة بيانات تفصيلية موسعة عن سوق العمل من حيث نسبة المتعطلين عن العمل من إجمالي السكان «أردنيين وغير أردنيين»، ونسبة العمالة الوافدة، والمتغيرات التي تطرأ عليها، وعدد المشتركين الجدد في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، ومعلومات في غاية الأهمية عن خصائص المشتغلين في القطاعين العام والخاص، ومعدلاتهم، والمؤشرات الأساسية المتعلقة بهم.
كثيرون توقفوا للوهلة الأولى عند مطالعة نسبة البطالة للربع الثالث من العام الحالي والتي بلغت حسب «الإحصاءات العامة» 16.2 ٪، وخيل للبعض أنها انخفاض مفاجئ وكبير في أعداد المتعطلين عن العمل، وشبه المستحيل أن تسجل ذلك التراجع خلال ثلاثة أشهر، ليتبين أن تلك النسبة تشمل كافة السكان، أردنيين وغير أردنيين. وليتضح أن معدل البطالة تراجع إلى 21.4 ٪ . وأن الإعلان عن النسبة التي تصدرت التقرير تشمل كافة سكان المملكة وليس الأردنيين فقط، مما أوجد لبساً مباشراً لمطالعي البيانات الإحصائية.
انخفاض نسبة البطالة بين إجمالي السكان قياساً إلى نسبتها بين الأردنيين فقط يعني أن احتساب عدد السكان شاملاً غير الأردنيين ينعكس على النسبة رياضياً، ويعطي دلالات واضحة على أن غالبية العمال الوافدين وغيرهم من السكان يعملون في قطاعات مختلفة، وأن نسبة الوافدين ارتفعت خلال العام الحالي.
معدل البطالة بين السكان غير الأردنيين بلغ 9.2 ٪ خلال الربع الثالث من العام الحالي بانخفاض 0.3 ٪. وارتفعت نسبة العمالة الوافدة إلى 46.4 ٪ من إجمالي المشتغلين مقارنة مع 46.1 ٪ خلال الفترة المقابلة من العام الماضي، ما يعني أن الهدف من جهود إحلال العمالة المحلية مكان الوافدة لتخفيض معدل البطالة ما زال بعيداً، رغم الجهود المتواصلة التي تبذلها وزارة العمل على أهميتها لإدماج المتعطلين في سوق العمل، والتركيز على برامج التدريب والتأهيل، وكذلك محاولات زيادة الملتحقين بالمجالات التقنية والمهنية في الجامعات والمعاهد، ما يستدعي دراسة هذا الواقع وأسبابه لإعادة توجيه تلك المساعي بالشكل الذي يحفز الإقبال على العمل في الفرص المتاحة لدى القطاع الخاص وكافة المنشآت.
وزير العمل خالد البكار وضع يده على أهم العوامل التي من شأنها الحد من البطالة وتوفير فرص العمل من خلال التركيز على الاستثمارات، وليس اتخاذ قرارات لإحالة الموظفين في سن مبكرة للتقاعد وجوباً أو جوازاً، ما يضر بحقوقهم ويحرم الدولة من الاستفادة من خبراتهم التراكمية والمتعددة.
القطاع العام لم يعد قادراً على توفير مزيد من التوظيف باستثناء ما يخصص سنوياً لوزارتي التربية والتعليم والصحة، وأعداد متواضعة في باقي الوزارات والمؤسسات. والحل في ضبط سوق العمل وإحلال الأردنيين مكان الوافدين في كثير من المجالات، واستقطاب مزيد من الاستثمارات، وتحفيز إقامة المشاريع الإنتاجية الصغيرة والمتوسطة والمايكروية.
كما تعطي نتائج التقرير مؤشرات رقمية على توفير 96 ألف فرصة عمل خلال فترة عشرة شهور ونصف من هذا العام يستدل بها من خلال المشتركين الجدد في الضمان الاجتماعي وهو ما يتماشى مع رؤية التحديث الاقتصادي التي تستهدف 100 الف فرصة عمل سنويا .
البيان التفصيلي حول البطالة والقوى العاملة في المملكة الذي أصدرته دائرة الإحصاءات العامة يستحق التوقف عنده ودراسة كل ما جاء فيه، والاسترشاد به لدى رسم الخطط والبرامج الخاصة بضبط سوق العمل والحد من البطالة.