أدانت وزارة الخارجية الأمريكية ما وصفته بالفظائع الجماعية التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في الفاشر، شمال دارفور.
وأعربت الخارجية عن قلقها البالغ إزاء سلامة المدنيين داخل المدينة والفارين إلى المناطق المجاورة، داعية قوات الدعم السريع إلى الكفّ عن الانخراط في أعمال الانتقام والعنف العرقي.
وأكدت واشنطن مواصلتها العمل مع شركائها لإيجاد مسار سلمي للمضي قدما فيما حثت الطرفين على انتهاج مسار تفاوضي لإنهاء معاناة الشعب السوداني.
من جهتها أعربت منظمة "أطباء بلا حدود" السبت عن خشيتها من أن آلاف المدنيين عالقون في مدينة الفاشر السودانية ويواجهون خطرا وشيكا إثر سيطرة قوات الدعم السريع عليها، فيما أظهرت صور جديدة بالأقمار الاصطناعية أن المجازر ما زالت مستمرة في عاصمة ولاية شمال دارفور.
وفي سياق الحرب التي اندلعت في نيسان/أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو، سيطرت قوات الدعم السريع الأحد على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور الذي يغطي ثلث مساحة السودان بعد حصار استمر 18 شهرا.
ومنذ سقوط المدينة، توالت شهادات عن إعدامات ميدانية وعنف جنسي وهجمات على عمال الإغاثة وعمليات نهب وخطف، بينما لا تزال الاتصالات مقطوعة إلى حدّ كبير.
وأفاد ناجون وصلوا إلى بلدة طويلة القريبة وكالة فرانس برس عن عمليات قتل جماعية وإطلاق نار على أطفال أمام ذويهم وضرب ونهب للمدنيين أثناء محاولتهم الفرار.
وقال آدم، وهو أب لستة صبيان وفتاتين وصل إلى طويلة صباح الخميس، إن اثنين من أبنائه (17 عاما و21 عاما) قتلا أمام عينيه.
وروى "قالوا لهما كنتما تقاتلان (مع الجيش) وضربوني بالعصا على ظهري وما زالت آثار (الضرب)... لا أستطيع النوم على ظهري". وأضاف "رأوا دماء أولادي على ملابسي فحققوا معي وقالوا انت كنت تقاتل".
وبعد ساعات سمحوا له بالذهاب.
بدورها، قالت زهرة وهي أم لستة ابناء "خرجنا من الفاشر يوم السبت عندما اشتدت الضربات، وقبل أن نصل إلى قرني أوقفونا وأخذوا اثنين من أولادي واحد عمره 20 عاما والثاني 16 عاما. رجيتهم أن يتركوهما" لكنّ المقاتلين أفرجوا فقط عن الابن الأصغر.
كذلك قال حسين، وهو شاب يعاني كسرا في رجله بسبب إصابته بشظية قذيفة عندما كان في الفاشر "أبي قتل في اليوم الذي أصبت فيه. خرجت مع أمي وجيراننا، أوقفوني وقالوا إنني عسكري. وبعدما توسلت اليهم أمي تركونا. في الطريق، رأينا جثثا كثيرة وأشخاصا مصابين متروكين بمفردهم".
وقالت الأمم المتحدة إن أكثر من 65 ألف شخص فرّوا من مدينة الفاشر منذ الأحد، لكن عشرات الآلاف ما زالوا عالقين هناك، في حين كانت المدينة تؤوي نحو 260 ألف نسمة قبل الهجوم الأخير لقوات الدعم السريع.
وأوضحت "أطباء بلا حدود" أن "أعدادا كبيرة من المدنيين ما زالت تواجه خطرا شديدا وتُمنع من الوصول إلى مناطق أكثر أمانا من جانب قوات الدعم السريع وحلفائها".
وأضافت المنظمة أن حوالي خمسة آلاف شخص فقط تمكنوا من الوصول إلى بلدة طويلة الواقعة على مسافة نحو 70 كيلومترا غرب المدينة.
وقال رئيس قسم الطوارئ في المنظمة ميشال أوليفييه لاشاريتيه إن "عدد الوافدين إلى طويلة لا يتطابق مع حجم الكارثة، في وقت تتزايد الشهادات عن فظائع واسعة النطاق".
وتساءل "أين كل المفقودين الذين نجوا من أشهر من الجوع والعنف في الفاشر؟"، مضيفا "الاحتمال الأكثر ترجيحا، والمروّع في الوقت نفسه، هو أنهم يُقتلون أو يُطاردون أثناء محاولتهم الفرار".