الحكمة والاستقرار

بينما اشتعلت الأزمات في المنطقة العربية وتبدلت ملامح الأمن في أكثر من دولة، ظلّ الأردن ثابتًا على مواقفه، متماسكًا في وجه العواصف السياسية والاقتصادية والأمنية التي عصفت بالشرق الأوسط خلال السنوات الماضية، هذا الثبات لم يكن مصادفة، بل جاء نتيجة سياسة حكيمة وقيادة راشدة ووعي شعبي عميق أدرك أن حماية الوطن تتطلب تلاحمًا وتعاونًا بين الدولة والمجتمع، حيث أن سياسة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين كانت ولا زالت سياسة تقوم على الاعتدال والواقعية، ومستمرًا في بناء مستقبله بثقة، ومثبتًا أن الحكمة والاعتدال يمكن أن يحفظا الأوطان حين تتقاذف الآخرين أمواج الفوضى، فكان صوته دائمًا داعيًا إلى الحوار وحلّ النزاعات بالطرق السلمية بما جعل المملكة تحظى باحترامٍ واسع إقليميًا ودوليًا، وأكسبتها دورًا مؤثرًا في ملفات المنطقة من القضية الفلسطينية إلى الأزمة السورية، حيث كان الاردن ولا يزال جسرًا للحوار ووسيطًا للحلول، محافظًا على أمنه القومي دون الانجرار وراء الاستقطابات، وعزز ذلك نهج جلالته الدبلوماسي المتوازن.

 وفي الوقت الذي واجهت فيه المنطقة خطر الإرهاب والتطرف، كانت الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة الأردنية تعمل بصمتٍ وكفاءة لحماية الحدود والتصدي لأي تهديد يستهدف أمن البلاد ونفذت المملكة استراتيجية شاملة لمكافحة الفكر المتطرف وتجفيف منابعه، ليس فقط أمنيًا بل فكريًا وثقافيًا أيضًا، من خلال دعم خطاب الوسطية الذي يُجسّد رسالة الإسلام السمحة، وينشر قيم التسامح والتعايش،حيث أدت الحدود الطويلة مع دول تشهد نزاعات إلى تحديات أمنية معقدة لكن الجاهزية العالية للقوات المسلحة الأردنية مكّنت البلاد من منع تسلل الجماعات الإرهابية وتهريب الأسلحة والمخدرات ما جعل الأردن نموذجًا للأمن في منطقة مضطربة، ولم يقتصر

جهود الأردن على البعد الأمني والسياسي، بل برز دوره الإنساني بشكلٍ استثنائي، فقد استقبلت المملكة مئات الآلاف من اللاجئين من سوريا والعراق وفلسطين، ووفّرت لهم الأمان والتعليم والرعاية الصحية رغم محدودية الموارد.

ولم تستطيع الاحداث رغم زخمها انشغال جلالته على المضي قُدمًا في بناء نموذج تنموي مستدام، يوازن بين الإصلاح السياسي والاستقرار الاجتماعي، إذ أطلق الأردن سلسلة من برامج الإصلاح والتحديث الهادفة إلى تطوير الحياة السياسية والاقتصادية والإدارية، ورغم التحديات الاقتصادية العالمية، وواصل العمل على تحفيز الاستثمار وخلق فرص العمل وتطوير البنية التحتية والخدمات العامة.

يُجمع الأردنيون على أن الوحدة الوطنية كانت وما تزال سرّ صمود البلاد في وجه التحديات حيث قدّم الأردن خلال العقود الماضية مثالًا يُحتذى في إدارة الأزمات بالحكمة لا بالمواجهة وفي تغليب المصلحة الوطنية على أي اعتبارات أخرى. وبينما تتغير الموازين في المنطقة وتتعاظم التحديات الاقتصادية والسياسية، يبقى الأردن متمسكًا بثوابته