بلا جلبة ولا ضوضاء، ولا استعراضات إعلامية، فقط مجرد أخبار (أصبحت شبه يومية)، تعبر صفحات وشاشات وسائل إعلامنا، ولا تنال اهتماماً يذكر، مقارنة بأخبار السياسة والسياسيين، وأخبار الناس العاديين والناس (الأقل من عاديين.. أعني حتى المجرمين تشقع اخبارهم وترقع).. بينما هؤلاء الجنود، وتلك العيون التي تحرس الحدود، والأفئدة التي تخفق بحب وحماية الوطن والناس والتراب وكل ما هو أردني.. لا تنال حقها من الحديث، سيما وأن الحديث عن الجيش العربي، وجنوده، حديث فيه جانب تربوي جميل، نتمنى لو أن كل الناس يتصفون بالسجايا العسكرية النقية الصادقة، وينهلون من مدرسة العسكر في حب الوطن والناس والحق والخير والعدل.. قبل أكثر من أسبوع، قرأت خبراً من تلك الأخبار التي تعبر وسائل إعلامنا، وكنت أنوي السؤال عنه والكتابة حوله، وكغيري، لم أفعل، واليوم (أمس الثلاثاء)، أيضاً قرأت خبراً، يتحدث عن بطولة كاملة وعمل كبير يقوم به الجيش، ونحن ننام مطمئنين في بيوتنا، ونلهو بشاشات هواتفنا، ونجود على أخبار، وقضايا العالم بالتفاعل بكل أشكاله، لكن العسكر لا ينامون، ولا يغفلون عن حماية حدودنا من كل الجهات، فالخبر الذي قبل أسبوع يقول بأن القوات المسلحة تعاملت مع سيارة لم تمتثل لتعليمات التفتيش وحاولت اختراق حاجز عسكري ما، وتم التعامل معها، وجرى قتل اثنين يستقلانها، وخبر أمس يقول أيضا بأن حرس الحدود طبقوا قواعد الاشتباك على 3 أفراد «مسلحين»، حاولوا اقتحام حدودنا الشرقية.. ماذا لو لم يتعامل الجيش كما ينبغي مع متسلل مسلح يحاول عبور الحدود عنوة؟!.. ما الذي ينوي فعله هذا العابر لو تمكن من عبور الحدود ووصل لبغيته؟.. هذه هي واحدة من العينين، التي لا تمسهما النار يوم القيامة، كما ورد في الحديث النبوي الشريف، فالعين التي تبيت تحرس لحماية أرواح الناس الآمنين، وممتلكاتهم، وهيبة وسيادة دولتهم، هي «عين باتت تحرس في سبيل الله». وكل يوم تقريباً ثمة أخبار عن جهود الجنود المخلصين الذين «يسقطون مسيرات تحمل مخدرات وتحاول عبور الحدود».. هذه بطولات عسكرية، أصبحت شبه يومية، تحدث على حدود المملكة، وترصدها عيون القوات المسلحة، وتحيّدها حال عدم امتثالها للتعليمات العسكرية الصارمة، وننعم نحن بحياة هادئة، لا ينغصها إلا ما نفعله نحن بأنفسنا.. ليست هذه هي فقط الحدود التي تحميها قواتنا المسلحة «الجيش العربي»، بل إن هناك حدوداً معنوية ترعاها المدرسة العسكرية الأردنية، وتحافظ على منظومة قيمها وتعاليمها الوطنية الجميلة، فالأمانة والتضحية والسهر من أجل الوطن وهيبته وسيادته وقيادته، وأمن الناس على أرواحهم وممتلكاتهم، هي أيضا حدود أردنية، يحرسها العسكر، ويقدمون أرواحهم من أجلها.. حمى الله الجنود الأشاوس، فهم الذين لا تنام عيونهم من أجل أمن البلاد والعباد وسلامتهما.. ولو دفعوا أرواحهم ثمناً، فهم لا يمنّون على أحد.. ولا ينتظرون تبجيلاً من أحد. وأنا لا أكاد أرى أحداً بمستوى أمانتهم وصدقهم وشجاعتهم، ونقاء سرائرهم. عاشوا.