قراءة في كتاب ملك وشعب

(20)  المبادرات الملكية السامية – الورقة النقاشية الرابعة لجلالة الملك  
يعد كتاب «ملك وشعب» الذي أصدره الديوان الملكي الهاشمي العامر منجزا وطنيا هاما يوثّق المبادرات الملكية السامية الزاخرة بالخير والعطاء والإنسانية ضمن رحلة خيّرة لا ينضب عطاؤها بين ملك إنسان وأبناء شعبه. إن هذا الملف الإنساني والتنموي الذي يوليه جلالة سيدنا كل إهتمام حيث أسند أمر متابعته وتنفيذه إلى لجنة برئاسة معالي الأستاذ يوسف حسن  العيسوي رئيس الديوان الملكي الهاشمي ضمن فريق عمل مخلص وجاد ليعكس صورة إرتباط ملك رحيم تجلّت صفات الإنسانية بأجل صورها مع أبناء شعبه الأردني بروح تنم عن إنتماء ومحبة قائد لوطنه ولشعبه، وولاء ومبايعة شعب لقائده بصدق وإخلاص.
لقد تضمّن كتاب ملك وشعب «الأوراق النقاشية لجلالة الملك» التي بدأ  جلالة سيدنا في إطلاقها بتاريخ 29/12/2012 حيث جاءت لتكون محفّزا للحوار الوطني حول القضايا الكبرى التي تهم المجتمع الأردني مبينّا أن إرساء رؤية واضحة للاصلاح الشامل ومستقبل الديمقراطية في الأردن هو من الأولويات التي نحرص على تنفيذها بهدف بناء التوافق وتعزيز مشاركة الشعب في صنع القرار، وكذلك تحفيز حوار وطني حول مسيرة الإصلاح وعملية التحّول الديمقراطي التي يمر بها الأردن، بهدف بناء التوافق وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار، وإدامة الزخم البنّاء حول عملية الاصلاح. هذه الأوراق التي تضمّنت رؤية جلالة سيدنا لمسيرة الإصلاح الشامل في الأردن في مختلف المجالات.  
وسأتناول هنا في المقال العشرين ( 20) ضمن سلسلة مقالات قراءة كتاب ملك وشعب «الورقة النقاشية الرابعة لجلالة الملك» التي أعلنها جلالة سيدنا في الثاني من حزيران عام 2013 بعنوان « نحو تمكين ديمقراطي ومواطنة فاعلة» التي تزامنت مع إطلاق التمكين الديمقراطي لصندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية.
ويذكر جلالة سيدنا في هذه الورقة أن بعض الآراء في المنطقة العربية وخارجها تعتقد بأن العالم العربي غير مهتم بممارسة العمل السياسي بشكله المعاصر، وأن شعوب العالم العربي لاترغب بالديمقراطية، ولكن جلالة سيدنا يرى أن تجديد الحياة السياسية في العديد من الدول العربية من شأنه أن يسهم في تلبية تطلعات أبناء وبنات الوطن العربي نحو حياة أفضل، وأننا في الأردن نعمل على تطوير النموذج الديمقراطي الذي يعكس ثقافة مجتمعنا الأردني وتطلعاته.
وتمحوّرت أهمية هذه الورقة النقاشية حول تطوير النموذج الأردني الديموقراطي الذي يتطلّع إلى حماية التعددية وعدالة الفرص السياسية، وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار من خلال تعميق نهج الحكومات البرلمانية، لكي نصل إلى حكومات مستندة إلى أحزاب برامجية وطنية. وهنا، يقول جلالة سيدنا «فلا بدّ من الإقرار بأننا كمجتمع بحاجة إلى آليات أفضل لترجمة الأفكار الريادية على أرض الواقع ضمن برنامج التمكين الديموقراطي الذي يوفّر المساعدة لمن يحملون أفكارا جديدة تهدف إلى زيادة إنخراط المواطنين في مجتمعاتهم».  
ومن أهم ما تطرقّت إليه الورقة النقاشية الرابعة لجلالة الملك لتحقيق أهم متطلبات التحّول الديمقراطي، هو تعزيز المجتمع المدني ودوره في مراقبة الأداء السياسي وتطويره نحو الأفضل عبر ترسيخ الثقافة الديمقراطية في المجتمع، ليكون التغيير الديمقراطي حقيقة ملموسة على جميع المستويات. وأن إطلاق برنامج التمكين الديمقراطي لصندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية الذي تزامن إعلانه مع إعلان الورقة النقاشية الرابعة، يؤكّد أن التقدّم على طريق إنجاز النموذج الديمقراطي لبلدنا سيتحدّد بالقدرة على عبور محطات محدّدة تؤشرعلى تقدّم ونضوج سياسي حقيقي وملموس.
كما أن إلتزام كافة مكوّنات مجتمعنا الأردني بالممارسات الديمقراطية الراسخة، يعتبر ضمانة النجاح في مواجهة مختلف المعيقات، ويشكّل مبدأ الإلتزام والمشاركة جوهر «المواطنة الفاعلة» التي ترتكز على حق  وواجب ومسؤولية المشاركة السياسية، لتترك أثرها الإيجابي والمؤثّر، حيث أن الإنخراط  في الحياة السياسية يشكّل حقا أساسيا لكل مواطن، كما تعتبر واجبا يتحمّل المواطن جزءا من هذه المسؤولية عبر إختيار شكل المستقبل الذي ننشده للأجيال القادمة، وأن بناء أردنا أفضل وأقوى يتحقّق بالإيمان بأن المواطنة الفاعلة هي مسؤولية وواجب يترّتب على كل مواطن في بلدنا فيما يتعلّق بكيفية الإنضمام إلى العمل السياسي.
وأكدّت الورقة النقاشية الرابعة لجلالة سيدنا على التحلي بالإحترام والمروءة حيث تعتبر من المبادىء التي نعتز بها في ثقافتنا العربية، ممّا يتطلب توظيف هذه المبادىء وإعتبارها مرتكزا وأساسا للإنخراط في حياتنا السياسية، كما أن الحوارات والنقاشات يجب أن تبنى على معلومات موضوعية من أجل الوصول إلى قرارات تخدم المصلحة العامة، لا على الإشاعات والعدمية المطلقة التي تنكر على الوطن إنجازاته وتطوره، ولا على التنطير والتشخيص غير الموضوعي للماضي دون طرح البدائل والحلول العملية للحاضر والمستقبل، لنمضي في تمكين ديمقراطي يوفّر أدوات المواطنة الفاعلة التي تنعكس إيجابا على تنمّية الحياة السياسية والإجتماعية في بلدنا.
وتكمن أهمية برنامج التمكين الديمقراطي بالعمل على خدمة المواطنين، وتقديم الدعم على أرض الواقع وتسخير كل الأدوات المتوفرة التي تهيء الفرص للمشاركة في الحياة العامّة بفاعلية وتأثير إيجابي في الشأن العام، ضمن الجهود الدؤوبة والريادية لبناء مجتمع مدني على إمتداد ربوع وطننا وفق أسس غير حزبية تلتزم الحياد، ليدعم برنامج التمكين الديمقراطي المؤسسات الصغيرة والكبيرة التي تهدف للمساهمة في تعزيز المشاركة في الحياة السياسية والمدنية، حيث يقوم الدعم على أسس الشفافية والتنافس الشريف من خلال إطلاق مبادرات ذات نطاق أوسع بالشراكة مع جهود قائمة، أو مع مؤسسات ذات سجلات نجاح، ليشكّل برنامج التمكين الديمقراطي إضافة نوعية يسهم في حل التحديّات التي تواجه مسيرة بلدنا نحو التنمّية السياسية والتحّول الديمقراطي، ضمن مسؤولية مشتركة تؤمن في ريادة العمل السياسي والإجتماعي والمدني لنساهم جميعا في بناء أردن أفضل وأقوى، ولنثبت أننا قادرون على أخذ زمام المبادرة وإنجاح تجربة الديمقراطية والتحّول الديمقراطي في بلدنا.
نعم، إنه الفكر الملكي الهاشمي الذي يضع استراتيجيات ورؤية للمستقيل التي تضمنتها الأوراق النقاشية لجلالة الملك التي جاءت تحفيزا للجوار الوطني، ضمن منظومة عمل جادة تعمل بضمير مؤسسي مسؤول الذي أنجزه الديوان الملكي الهاشمي العامر بيت جلالة سيدنا وبيت الأردنيين جميعا، يرافق ذلك جهود تقوم على الإخلاص والتفاني في العمل في ظل مجتمع متكافل واحد موحّد ومتماسك يزرع بذور الخير والعطاء والإنسانية، برعاية وإهتمام جلالة سيدنا الملك الإنسان عبد الله الثاني بن الحسين أعز الله ملكه القدوة لنا جميعا في الإنجاز والعمل وللحديث بقية