(كلمات) في خطاب الملك يجب قراءتها جيدًا

في خطاب جلالة الملك يوم أمس في القمة العربية الإسلامية الطارئة بالدوحة كلمات يجب قراءتها جيدًا، لأنها كلمات ذات دلالات مختلفة تمامًا في هذا التوقيت، فهي - كما جميع خطابات جلالته دائمًا - ترقى إلى مستوى الحدث من ناحية، ومن ناحية أخرى، فهي تستشرف القادم، استشراف القائد العربي والإسلامي الحكيم، المُدرك تمامًا لفداحة الحدث.. والموجِّه لما يجب علينا كعرب وكمسلمين أن نفعله.

للدلالة على ما أقول دعونا نتوقف عند الكلمات التالية:

1 - «علينا في العالم العربي والإسلامي أن (نراجع كل أدوات عملنا المشترك)، لنواجه خطر هذه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة».

هذه دعوة مهمة للعمل العربي والإسلامي المشترك، لأن أهم رسالة وجهتها «قمة الدوحة» بالأمس إلى العالم، أن 57 دولة عربية وإسلامية تقف صفًا واحدًا مع قطر، وتعتبر أمنها من أمن قطر، وهذه رسالة مهمة ليس إلى حكومة تل أبيب التي لم يعد يهمها أي شيء لأنها تجاوزت كل الخطوط الحمراء، بل هي رسالة إلى كل من يقف خلفها بدءًا من الولايات المتحدة الأمريكية وليس انتهاءً بعدد من الدول التي رفضت التصويت على «إعلان نيويورك» منذ أيام تأييدًا لحل الدولتين. فالعودة إلى العمل المشترك تعني الخروج من حالة الضعف للأمتين العربية والإسلامية بسبب العمل المنفرد إلى توحيد القوى الدبلوماسية والاقتصادية وحتى العسكرية للدفاع عن أمن واستقرار الدول العربية والإسلامية في وجه حكومة خرقت كل القوانين.

2 - «هذا العدوان دليل على أن التهديد الإسرائيلي (ليس له حدود)».

هذه الإشارة بمثابة تنبيه للعالمين العربي والإسلامي إلى واقع بات ملموسًا، فالأطماع الإسرائيلية والاعتداءات لم تعد مقتصرة على حرب إبادة ضد غزة ولا حرب تهجير ضد الضفة، بل طالت لبنان وسوريا واليمن ثم حرب مع إيران، ووصلت إلى قطر هذه الدولة الخليجية العربية الإسلامية التي تقوم بدور الوسيط منذ نحو سنتين مع مصر والولايات المتحدة لوقف العدوان على غزة وإيجاد حل لقضية الرهائن والأسرى، لتؤكد إسرائيل للعالم بفعلتها الشنيعة أنها لا تريد سلامًا، وهي غير معنية بالرهائن، بل كشفت عن نواياها التوسعية في الإقليم.

3 - «ردّنا يجب أن يكون واضحًا، حاسمًا، ورادعًا».

هذه العبارات المحددة والمباشرة لا تقبل التأويل ولا تحتاج إلى تحليل، فجلالة الملك يخاطب 57 دولة عربية وإسلامية بضرورة: أولًا - أن يكون هناك ردّ، ثانيًا أن يكون الرد (واضحًا) ليس فيه لبس، (حاسمًا) يضع حدًا للاعتداءات والغطرسة الإسرائيلية، و(رادعًا) بكل ما تعنيه الكلمة، وهذا لا يكون إلّا بموقف عربي إسلامي موحد.

4 - جلالة الملك لسمو أمير قطر: «نقف معكم (بكل) إمكانياتنا، وندعم أي خطوة (لمواجهة هذا العدوان)، ولحماية أمنكم واستقراركم وسلامة شعبكم، (فأمن قطر أمننا)، واستقرارها استقرارنا، ودعمنا لكم (مطلق)».. كلمات تختصر الموقف الأردني والعلاقة الأردنية القطرية بكلمات «واضحة» تمامًا وبدعم «مطلق».

5 - «تتمادى الحكومة الإسرائيلية في هيمنتها لأن (المجتمع الدولي سمح لها أن تكون فوق القانون)».. هذه رسالة للمجتمع الدولي ومسؤوليته تجاه ما تقوم به إسرائيل دون أي اعتبار للمجتمع الدولي الذي يقف متفرجًا متقاعسًا عن أداء دوره ومسؤولياته تجاه ما يجري ضد الإنسانية.

6 - باختصار: جلالة الملك لخّص خطابه بكلمات مباشرة جامعة شاملة مانعة تتلخص بالنقاط التالية:

أ)- «لا بد أن تخرج قمتنا اليوم (بقرارات عملية) لمواجهة هذا الخطر، لوقف الحرب على غزة.

ب)- لمنع تهجير الشعب الفلسطيني.

ج)- لحماية القدس ومقدساتها.

د)- لحماية أمننا المشترك، ومصالحنا ومستقبلنا.

هـ)- العدوان على قطر دليل على أن التهديد الإسرائيلي ليس له حدود.

و)- ردّنا يجب أن يكون واضحًا، حاسمًا، ورادعًا.

وأخيرًا.. لا بد من الإشارة إلى اللقاءات الجانبية التي أجراها جلالة الملك، وإلى الاتصالات (المرئية) التي أجراها جلالته والرئيس المصري وأمير قطر، مع قادة فرنسا وبريطانيا وكندا، مما يدل على أن تحركًا كبيرًا وعلى مستوى رفيع قد تجدد في سبيل تشكيل موقف عربي إسلامي دولي ضد الأطماع الإسرائيلية.

كذلك، لا بد من الإشارة إلى أن بيان القمة الاستثنائية لدول مجلس التعاون الخليجي والتي تمّ فيها التوجيه لتفعيل آليات الدفاع المشترك يعدّ خطوة مهمة للغاية في هذه الظروف الاستثنائية في المنطقة.