بكل وضوح وجرأة ودون أي زخرفة للكلمة، أو للقول، بكلمات ليست كالكلمات، إنما هي مواقف بحجم دقة وحساسية المرحلة، علا صوت المملكة الأردنية الهاشمية أمام العالم تجاه ما تقوم به إسرائيل من جرائم وتطرف وكراهية، وخروقات فاضحة للقانون الدولي، وبطش وعنصرية، تحدث الأردن بصوت قوي بل الأقوى، واضعا الحقيقة كاملة أمام العالم وعلى أكثر المنابر الدولية أهمية وتأثيرا، مطالبا المجتمع الدولي بتحرك فوري وبفاعلية وربما هو الموقف الأول الذي يصدح بأن يتخذ العالم موقفا فاعلا، وفي كلمة فعالية خارطة طريق كاملة للجم غطرسة إسرائيل.
الأردن، من أوائل الدول، وربما الدولة المنفردة، في الحديث على أن إسرائيل تنسى وتتناسى أنها قوة بالاحتلال، أنها كيان محتل، وعليها أن تدرك ذلك، كونها تعيش واقعا خاصا بها، بطبيعة الحال، تتناسى به أنه محتل، وفي الأخذ بهذا الحسم الأردني حتما حل للغطرسة الإسرائيلية، وإعلان عملي لحل الدولتين، فما على إسرائيل اليوم ان تعيه أنها «تحتل» أرضا، تقترف بها جرائم وعنصرية وتطرف، ليس هذا فحسب إنما تمد يد تطرفها وكراهيتها خارج جغرافيا فلسطين لتطال من يسعون للسلام والأمن والاستقرار، كما كان عدوانها الجبان على الشقيقة قطر، تمنح نفسها حقوقا هي أبعد ما تكون عن الحق، وتمضي بمزيد من جعل الدماء تُغرق المنطقة.
وفي علامة فارقة بتاريخ الدبلوماسية الدولية، والمكاشفة العالمية، مضى الأردن بذات النهج كاشفا فظاعة إسرائيل، وجرائم حكومة يمينها المتطرف، عندما قال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين في الجلسة الطارئة لمجلس الأمن التي عُقِدت في نيويورك، لمناقشة العدوان الإسرائيلي على دولة قطر الشقيقة، «هذه هي حقيقة الحكومة الإسرائيلية التي آن للمجتمع الدولي أن يتحرك فورًا وبفاعلية للجم غطرستها، وحماية المنطقة كلها من كارثية أفعالها، بعدما كشف للعالم أنها «حكومة مارقة، ملطّخة بدماء الأبرياء، مجبولة على التطرف والكراهية، لا تكترث بقانون دولي، ولا ترتدع بقيمة إنسانية، ترى نفسها فوق القانون، وتعتمد البطش لفرض عقائدية عنصرية، وتحقيق أهداف توسّعية، تهدّد السلم والأمن في المنطقة والعالم»، تشخيص ووصف واقعي، ومسؤولية وضعها الصفدي على أهم المنابر العالمية للجم إسرائيل، ووقف كوارثها.
وضع الصفدي العالم أمام الحقائق كاملة، بالأرقام والحقائق، مبينا كوارث إسرائيل في غزة، من قتل وتدمير وتجويع، وانعدام للحياة في حياتهم، متحدثا كذلك عن الضفة الغربية وخطورة التوسع في الاستيطان، ما يجر المنطقة لحروب تسعى إسرائيل أن لا توقفها، كما تحدث الصفدي على خرق فاضح آخر لإسرائيل للقانون الدولي، وتصعيد خطير، إذ انتهك سيادة دولة قطر الشقيقة، «وتشنّ على عاصمتها الدوحة هجومًا جبانًا، في تجسيد فجّ للغدر بدولة لم تنفك تعمل بلا انقطاع، بشراكة مع جمهورية مصر العربية الشقيقة والولايات المتحدة الأميركية، للتوصل لاتفاق تبادل يحقق وقفًا دائمًا لإطلاق النار، وينهي المعاناة، ويفتح الباب أمام العودة للدبلوماسية لتحقيق السلام والأمن للجميع»، بوضوح ومجاهرة ودون مداراة، فهذا هو الموقف الأردني يضعه الصفدي أمام العالم برؤية واضحة ومجاهرة بتفاصيل على العالم أن يراها كما هي برؤية الحق والعدالة.
وبكل عملية، ووضوح، قال الصفدي إن رؤية الأردن واضحة، «رؤيتنا وخيارنا هي شرق أوسط آمن مستقر، ينعم بالسلام العادل والدائم والشامل، الذي يلبي حق الشعب الفلسطيني في الحياة والحرية والدولة، ويضمن أمن الإسرائيليين والفلسطينيين وكل شعوب المنطقة، ويحل التعاون محل الصراع، والأمل مكان اليأس»، ليس هناك أكثر من هذا الموقف حسما، ولا مدعاة لجدليات تشخيص للواقع، فقد وضع الصفدي الحال من ألفه إلى يائه أمام العالم، بوضوح وجرأة ومكاشفة لا نبالغ في القول إنها من نوادر واستثنائيات المواقف العربية والدولية تجاه إسرائيل، فقد وضع الصفدي الحقيقة والرؤية، وضرورة أن يتحمل مجلس الأمن مسؤولية حماية الأمن والسلم، بتأكيد أنه يملك أدوات ذلك، وأن يتم تطبيق القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وهما أساس شرعية مجلس الأمن.