عن أي قانون دولي لا زلنا نتحدث؟!

كل العالم شجب وندّد بالهجوم الإسرائيلي الغاشم على العاصمة القطرية الدوحة واعتبره انتهاكًا (صارخًا للقانون الدولي) وميثاق الأمم المتحدة، وكأن العالم لم يدرك بعد أن القوانين الدولية والمواثيق بكافة أنواعها وأصنافها لم تُخلق من أجل إسرائيل التي ترى نفسها - لا بل تجاوزت الرؤيا إلى الأفعال في وضح النهار - بكل وقاحة وصلافة وتحدٍّ للمجتمع الدولي وتعمل على أنها فوق كل القوانين والمواثيق.
من يحاسب إسرائيل؟ هذه الاعتداءات الإسرائيلية لم تبدأ نتيجة 7 أكتوبر، بل اتخذت منها ذريعة للعمل بالعلن فوق كل القوانين، وإلاّ فإن إسرائيل ومنذ 1948 تتصرف فوق كل القوانين، والأمم المتحدة التي نتحدث عن مواثيقها لم يستطع مجلس الأمن فيها، ومنذ نشأته، أن يتخذ قرارًا ضد إسرائيل بفضل «الفيتو» الأمريكي.
إسرائيل المُدانة اليوم من محكمة العدل الدولية والجنايات الدولية، ومعظم منظمات ودول العالم، لا تلقي بالًا لأحد.. ولكن إلى متى؟
ما ارتكبته إسرائيل بعدوانها السافر وهجومها العدواني على العاصمة القطرية يعني باختصار ما يلي:
1 - أن إسرائيل تتمادى في غيّها، وعدم مبالاتها، إلى درجة أن تعتدي على أرض دولة تقوم إلى جانب مصر بوساطة من أجل وقف الحرب الهمجية على غزّة.
2 - وبذلك فإن ما فعلته إسرائيل تأكيد على المؤكَّد، بأنها لا تريد مفاوضات، ولا تريد سلامًا، ولا وقفًا للحرب.. كما لا تريد إفراجًا عن أسراها - كما تزعم - بل تتخذهم ذريعة لمواصلة حرب الإبادة.
3 - إسرائيل لم تُعر المصالح الأمريكية والعلاقات مع دول المنطقة أي اهتمام، ولم تأخذها بالاعتبار.. معتقدة أن مراوغتها الإعلامية بإبلاغها واشنطن مسبقًا بالهجوم، وأن ترامب لم يوافق على الهجوم، سيُخرج كلاهما من الحرج - فإن ذلك بالتأكيد اعتقاد خاطئ.
4 - إسرائيل اليوم بأفعالها وضربها لمواقع في الإقليم وقتما شاءت وحيثما شاءت.. بدءًا من تدميرها لما تبقّى في غزة - إن تبقّى فيها شيء - مرورًا بالضفة الغربية وكذلك جنوب لبنان ثم سوريا التي تسرح إسرائيل في أجوائها طائراتها وقتما شاءت.. وكذلك اليمن، إضافة إلى حرب الـ12 يومًا مع إيران.. وبالأمس الأول قطر.. فإلى أين تريد إسرائيل، ونتنياهو تحديدًا، جرّ المنطقة والعالم؟
5 - إسرائيل باعتداءاتها لا تُرسّخ هيمنتها المطلقة على الإقليم فحسب، بل وتؤسس لتوسع جغرافي واحتلال أراضٍ جديدة في الإقليم، لأن «مساحتها الجغرافية الصغيرة لا تتناسب ودورها في الإقليم» - كما سبق وصرّح الرئيس ترامب.
6 - أن أمريكا في المقابل لا يهمها في العالم سوى إسرائيل، وأن حليفتها وربيبتها إسرائيل فقط، حتى ولو كان ذلك سيضر بمصالحها في المنطقة وحتى العالم!
7 - بعد قرابة عامين من حرب الإبادة على غزّة ماذا حققت إسرائيل سوى:
أ)- إبادة البشر والحجر في غزّة.
ب)- مسح جميع مفاهيم القوانين الدولية وحقوق الإنسان والمرأة والطفل وغيرها من القوانين التي يتغنّى بها العالم.
ج)- فضح وتعرية ضعف الضمير العالمي الذي يقف متفرجًا على ما تفعله إسرائيل.
د)- إشعال حروب ونيران توسعية في الإقليم (غزّة والضفة ولبنان وسوريا) وحرب مع إيران واعتداءات متكررة على اليمن، وهجوم سافر على قطر.
*باختصار:
 ما قامت به إسرائيل من اعتداء سافر على الشقيقة قطر تجاوز الخطوط الحمراء، ويجب ألاّ يمرّ مرور الكرام من قبل جميع دول العالم التي عليها اليوم - قبل الغد - أن توقف الطغيان الإسرائيلي عند حدّه، وإلاّ فإن القادم أصعب وأكثر طغيانًا، فإسرائيل تعبث بأمن المنطقة والعالم، في منطقة لا تستحمل تصرفات خرقاء.
 نعم: «أمن قطر من أمن الأردن» - كما قال جلالة الملك - وهذه الوقفة العربية والعالمية مع قطر الشقيقة يجب استثمارها عالميًا لوقف إسرائيل عند حدّها وإجبارها على وقف العدوان على غزّة وتهديدها المتكرر والخطير للسلم والأمن الدوليين.