"عام دراسي جديد" فرص تتجدد .. وتحديات تتغلب

وفق التقويم الدراسي المعتمد ، ينطلق اليوم الأحد العام الدراسي الجديد ٢٠٢٥ / ٢٠٢٦ ، حاملاً معه آمالاً متجددة وتطلعات واسعة ، غير أنّ هذه الانطلاقة، وإن تبدو في ظاهرها اعتيادية، فإنها تحمل في طياتها دلالات عميقة على حجم المسؤولية التربوية التي باتت أشد جسامة وأعظم شأنًا مما كانت عليه في أي وقت مضى ، اذ من المفترض ان يلتحق أكثر من مليون و٦٠٠ الف طالب وطالبة بمدارسهم ، وبذلك تتعاظم المسؤوليه على كاهل وزارة التربية والتعليم مع هذه الاعداد الضخمة ، ما يتطلب همة عالية وإرادة قوية وتعاوناً وتكاتفاً جاداً ، لتوفير كافة الاحتياجات اللازمة ، آملين ان تتضافر كافة جهود الفاعلين التربويين لما فيه الخير بتعاون فرسان الميدان المعلمون الاشاوس .

إننا نامل من وزارة التربية والتعليم و"كما في كل عام" تطبيق خطة اجرائية متكاملة ، تضمن في اولوياتها الوقوف على كافة الاحتياجات ، في تأكيدات واضحة على ضرورة تجاوز كل الصعاب وتجاوز التحديات وتذليل كافة العقبات ، والتي يكمن اهمها في الأعداد المتزايدة من الطلبة وتناميها بصورة مطردة ، والتي ستستوعبها "رغماً" المدارس الحكومية ، ذلك بسبب استمرار تنامي ظاهرة الانتقال الطلبة من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية ومن مختلف الصفوف الدراسية لأسباب اقتصادية وتربوية وتعليمية ما يشكل ضغوطا كبيرة على مدارس وزارة التربية والتعليم ، وبما ينعكس على نوعية التعليم ومخرجاته ، بالرغم من حرص الوزارة المستمر على أن الطالب والمعلم هما أهم عناصر العملية التعليمية ومحور العمل ، والتركيز على النوعية لا الكمية في المخرج التعليمي .

ان من الواضح ومع بدء العام الدراسي الجديد اهمية الاعتماد على القيادات التربوية الميدانية في مواجهة مجمل التحديات والصعوبات القائمة ، فمن المؤمل في تلك القيادات القدرة على التماس حاجات الميدان التربوي في مديرياتهم بكفاءة عالية وبقدر كبير من المسؤولية ، والقيام بواجبها في قيادة العملية التربوية الميدانية ، ومعالجة مجمل الإرهاصات الكامنة في الميدان ، ذلك بالعمل على إرساء السياسات الإجرائية الضرورية القادرة على استخدام السلطة الرسمية من خلال المهارات القيادية الفعالة التي من الواجب امتلاكها ، اضافة إلى قدرتها على التأثير في إطار من العمل الجماعي ، ذلك باتخاذ القرارات الجريئة والموضوعية الهامة والحفاظ على الثوابت التربوية والوطنية كجزء من المهمة التربوية الشاملة ، مع التذكير بالعوامل التي من شأنها التأثير الايجابي على صياغة القرارات والسياسات التربوية المرتبطة بمجمل التحديات ، وذلك بالتعاون مع الإدارات المعنية بالوزارة ومتابعة حثيثة ومستمرة من كوادر وحدة جودة التعليم والمساءلة وكوادر وحدة الرقابة الداخلية في الوزارة ، ما يمكّن من تحقيق مكاسب وعائدات تحسن من العمل التربوي والتعليمي ...

اليوم ومع بدء العام الدراسي الجديد ، دعونا نؤكد وقوفنا عند أركان العملية التعليمية ، ومحاولة جادة للتأكيد على دور المدرسة في تنشئة الجيل القادر على تحمل مسؤولياته ، ذلك من أجل خلق حياة مدرسية ينعم فيها الفاعلون التربويون بالسعادة والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان فالمدرسة باتت اليوم فضاءً واسعاً للتعلم ، بل ما نتمناه أن تكون مدارسنا مرتعاً للأمان ، يشعر فيها المتعلم بالدفء والحميمة وشاعرية الانتماء ، ونبذ العنف والتطرف والانعزالية ، مع تبني مبدأ الحوار البناء والمشاركة الفعالة ، وإقصاءٍ للتغريب والتهميش .

دعونا نؤكد على ضرورة أن تجسد مدارسنا روح المواطنة والإبداع والتنشيط والتفاعل الإيجابي البناء بين كل المعنيين في الحياة المدرسية من خلال هيئات إدارية وتدريسية نشيطة ، في مجتمع مدرسي نشيط وفاعل ، حتى يشارك الجميع في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها ، مع التركيز على المساهمات الحقيقية التي تعمل على تنمية القدرات الذهنية والجوانب الوجدانية والحركية لدى طلبتنا ، ليكونوا مواطنين فيهم الصلاح لوطنهم وأمتهم ، مبدعين ومبتكرين وخلاقين يهتموا بمؤسستهم التربوية ويساهموا في تغيير محيطهم الاجتماعي ، كما ونريد جودة في التعليم ، من خلال تطبيق مفهوم إدارة الجودة ، ذلك ما يعني الحديث عن تقديم الخدمة المميزة والأنشطة والبرامج التعليمية باستخدام المقاييس المرجعية التي ترقى إلى أسلوب حديث ..

وأخيراً .. فإنّ بداية العام الدراسي الجديد ليست حدثًا دوريًا متكررًا فحسب، بل هي لحظة وعي تستدعي منّا جميعًا – معلمين وأولياء أمور وصناع قرار – إدراك جسامة الأمانة التربوية الملقاة على عاتقنا ،إنها مسؤولية تتعاظم يومًا بعد يوم، لكنها تظل في جوهرها أعظم استثمار يمكن أن يقدمه المجتمع لأبنائه، وأوثق ضمانة لمستقبل مشرق للأوطان

دعوني أهنئ الوطن مع بداية العام الدراسي كل المخلصين من تكويننا التربوي العتيد وعلى راسهم "المعلم في صفه" ، والى كل الذين يُجيدون التمسك بجميع الحبال القوية لبلوغ النجاحات المشرفة لتسبقهم في ذلك النية الصادقة والمبيتة لرفعة هذا الوطن ، الذي نسير على نهجه قولاً وتطبيقه وفعلاً .

أدام الله الجميع وأبقاهم ذخراً وفخراً للوطن وأبنائه وأجياله اللاحقة في ظل قيادتنا الهاشمية الفذة.
وفقنا الله وأبناءنا الطلبة وحمى أردننا العزيز الغالي من أي مكروه