التين.. فاكهة الصيف ومخزون الشتاء

التين من أعرق الفواكه التي ارتبطت بحياة الإنسان في المشرق، حتى صار جزءًا من ثقافته وموروثه الشعبي. ويُعدّ شهر آب، المعروف بحرارته الشديدة، بداية موسم التين، ويسمّى عند العامة بـ»موسم القيظ»، حيث يكثر الاعتماد على هذه الثمرة في الغذاء اليومي، حتى قيل المثل: «في موسم التين فش عجين»، في إشارة إلى أن التين وحده يكفي ليكون طعامًا مشبعًا.  لم يقتصر التين على الأكل الطازج، بل شكّل أساسًا في صناعة «القطين» (التين المجفف)، الذي كان يُخزّن للشتاء ويُبادَل ببعض السلع التموينية. وكان موسم التين من أجمل مواسم الزراعة، يتسابق الكبار والصغار لانتظار نضج ثماره، بينما يجتمع الشباب مساءً في كروم التين، في أجواء يملؤها الفرح والأنس.

 أسماء وأنواع التين

 عرفت البيئة الشعبية أنواعًا متعددة من التين، وأطلقت عليها أسماء لها دلالات مرتبطة بالشكل أو الطعم أو اللون، ومن أشهرها:

 السوادي: ويُسمى «سلطان التين» لحلاوة مذاقه.

 البياضي: يميل لونه إلى الخضرة الفاتحة.

 السماوي: أكثر الأنواع انتشارًا لتحمله الظروف الصعبة.

 العسيلي: شديد الحلاوة وتظهر نقطة من السائل السكري على رأس ثمرته الناضجة.

 الشحيمي: سُمّيت قشرته السميكة وكأن طبقة من الشحم تعلوها.

 الخضاري: أخضر اللون قريب المذاق من السماوي.

 القيسي: حامض الطعم.

 المليصي: قشرته رقيقة جدًا تنزلق من اليد عند قطفه.

 العديسي: أحمر اللون ومستدير كحبة العدس.

 الموازي: أصفر طويل يشبه الموز.

 وهناك أيضًا أنواع أخرى مثل: الشنيري، السباعي، القراعي، والمواني، وبعضها يصلح للتجفيف، والبعض الآخر للأكل الطازج فقط ويُعرف باسم «الطعامي».

مراحل نضج التين

 مرّ التين بمراحل لغوية تعكس علاقة الناس به:

 عند بداية تكوّن الثمرة يُسمى «طقش».

 عندما يكبر قليلًا يُعرف بـ»فج» أو «عجر».

 قبل النضج يُطلق عليه «دفور».

 وعندما يبدأ بالنضج فيقال: «بشّر التين» أو «نمر».

 أما عند كثرة النضج المفاجئ فيقال: «هجم التين».

 أمثال وأغنيات شعبية

 ارتبط التين بالأمثال والأغاني الشعبية، ومنها:

 «أكلت من أول الثمار ريتني من طويلين الأعمار».

 «عليك بأول التين وآخر العنب».

 في المدح يقولون: «الطويل بطول التين، والقصير بيموت حزين».

 وفي المقارنة بين الزراعة: «التين اقطع واطيه، والزيتون اقطع عاليه».

 كما تغنّى الناس به:

 > «تين مشطب ع الندى

ما حدا يطعم حدا

تين مشطب تشطيبه

الواحد يطعم حبيبه»

 التين والشتاء

 التين المجفف (القطين) كان زاد البيوت في برد الشتاء، يدخل في أكلات شعبية مثل «البسيسة» التي تُحضّر من القطين المطحون مع الطحين والسكر والزيت. ومن هنا جاء المثل: «إن وجد القطين من الجوع آمنين».

 ومع نهاية الموسم، تتساقط أوراق التين ويجمع الناس ما تبقى من ثمر يابس أو «ذبيل»، وهي لحظة تحمل شيئًا من الحزن لانقضاء الموسم، فيقال على سبيل التندر: «التين فرقع يا ورشة، يا ويل اللي كبر كرشه».