عـــن الوعي الأردني

ليس جديداً هذا الظلم، ولا هذا الاستهداف والانحدار والتضليل لمحاولة النيل من الأردن ومواقفه ووحدة أهله ومتانة مؤسساته.
الجديد هو هذا الانتشار الكبير لوسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي، الذي منح الأشخاص والجماعات والمؤسسات فرصاً غير مسبوقة لنشر الأفكار والمنجزات، وكذلك نشر الأحقاد والتضليل والكراهية. والجديد أيضاً هو استثمار هذا الانهيار الكبير في المنطقة في محاولة لإرباك الجبهة الوطنية.
خلال السنوات القليلة الماضية، شهدنا موجات من الاستهداف لم تؤثّر لا في النيل من مواقفنا، ولا في زعزعة ثقة الأردنيين بوطنهم وقيادتهم ومؤسساتهم، لأن كل ما قيل وكُتب وحُرّف لم يكن سوى أخبار كاذبة أو فبركات شائنة.
الأردنيون، إضافة إلى مستوى وعيهم ومعرفتهم وتعليمهم، يدركون حجم المخاطر التي يتعرض لها وطنهم، وقضيتهم الأولى في زمن التحول الأسوأ والأكبر الذي تعيشه منطقتهم، والتحديات المصيرية التي تواجهها أمتهم.
فشلت كل الحملات في النيل من وطننا ومواقفنا، لأنها لم تكن سوى جملة من الشائعات المضلِّلة، ولن تكون هذه الحملة الجديدة استثناءً.
تعلّم الأردنيون كثيراً على مدى العقود الماضية، تعلّموا من البطولات الوهمية، ومن الشعارات العاطفية التي لم تجلب لأشقائهم سوى الفُرقة والقتل والدمار.
لعقود خلت كانوا «تقدميين» وكنا «رجعيين».
هدم «التقدميون» مؤسسات واعدة، وفرّقوا شعوبهم بين ظالم ومظلوم، قاتل ومقتول، سجان وسجين.
وبنى «الرجعيون» دولاً ومؤسسات، وحافظوا على كرامة شعبهم، ولم يبقَ غيرهم من يَسند الشقيق ويُغيث الملهوف ويدافع عن الحق.
جرى كل هذا من حولنا على مدى عقود، ولا يحتاج أي عاقل إلى جهد كبير لكي يدرك ما حلّ اليوم بدول بلاد الشام والرافدين واليمن والسودان وليبيا وغيرها من ويلات.
أما في الداخل، فثمّة من حاولوا، استثماراً لكل حادثة في المنطقة، تَقدُّم الصفوف. كانوا يستدرّون المشاعر، ويستدرجون العشائر للمزاودة على الدولة ومواقفها.
يدرك الأردنيون، مثلما يدرك أشقاؤنا الفلسطينيون، أهمية صمود الأردن في مرحلة الانهيارات الكبرى غير المسبوقة التي تشهدها المنطقة. صمود الأردن وقوّته ضمانة مهمة لفلسطين وأهلها وحلم الدولة، وإغاثة أهلنا في الضفة الغربية وغزة، والدفاع عن قضيتها في وجه الغطرسة الإسرائيلية.
قوة الأردن مهمة أيضاً لأشقائه العرب، لاستعادة الدور العربي ولو بالحد الأدنى، ولدعم استقرار سوريا ولبنان.
استهداف الأردن في هذه الظروف بالذات، ومحاولات النيل من سمعته ومكانته، لن تجلب على من يقفون وراءها ومن يروّجونها سوى الفشل، فالأردنيون يعرفونهم جيداً.