ما زالت قضية رفع الحد الأدنى لمعدل دراسة الطب وطب الأسنان داخل الأردن وخارجه تدور في فلك الجدل، بعد قرار أخير لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي برفع الحد الأدنى إلى (90 %)، في سعي تحيطه مطالبات نيابية وشعبية بالعدول عن القرار والعودة لما قبل اتخاذه لمعدل (85%)، إنصافا لطلاب الثانوية العامة هذا العام. وأكدت كتل ولجان برلمانية أهمية إعادة النظر بتلك القرارات وترك الخيارات كما كانت أمام الطلبة وذويهم بدراسة المجالات التي يرغبون بها وضمن المعدلات المطبقة تاريخيا مع الإشارة إلى أن معدلات دراسة الطب في الدول المجاورة أقل بكثير مما هو موجود في الأردن.
وأكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عزمي محافظة أن القرار تم اتخاذه العام الماضي وطبّق نتيجة لارتفاع عدد الطلبة دارسي الطب داخل المملكة وخارجها، ما يدفع باتجاه نسب بطالة مرتفعة جدا بين خريجي الطب، ويحتاج نظرة عملية لخفض نسب البطالة بهذا التخصص، وهي مصلحة وطنية عامة.
وفي متابعة خاصة لـ»الدستور» انطلقت المطالبات النيابية من كون رفع الحد الأدنى لدراسة الطب وطب الأسنان داخل الأردن وخارجه يلحق الضرر بأبنائنا الطلبة.
وركزت المطالبة النيابية والشعبية بهذا الخصوص على إلغاء قرار رفع الحد الأدنى لدراسة الطب وطب الأسنان داخل الأردن وخارجه بحيث تعود كما كانت 80% وعلى الأقل 85% حيث تم رفعها إلى 85% وبعدها الى 90% وكذلك المطالبة بإلغاء قرار تخفيض الطاقة الاستيعابية للجامعات الحكومية والخاصة من هذين التخصصين.
في حديثه لـ»الدستور» أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عزمي محافظة أن القرار اتخذ العام الماضي مع جملة قرارات، بهدف خفض عدد الطلاب الدارسين لتخصصات مشبعة في سوق العمل، مشددا على أنه لا يمكن التراجع عن هذا القرار.
وكشف الدكتور محافظة في حديثه لـ»الدستور» أن (23) ألف طالب يدرسون الطب داخل المملكة، وما لا يقل عن (15) ألف طالب يدرسون الطب خارج المملكة، وهذه أرقام ضخمة بكل المقاييس ترفع من نسب البطالة بالتخصص، علاوة على وجود بطالة مقنعة بالطب فهناك عيادات موجودة لكنها لا تعمل، وفي ذلك إشكالية أخرى لهذه التخصصات.
وبين الدكتور محافظة أن هناك إشكالية أخرى تتمثل في تدريب الخريجين، وحصولهم على الامتياز، وكطاقة استيعابية من الصعب أن نجد لهذه الأعداد الضخمة إمكانية التدريب، والامتياز، ما يجعل من هذا الأمر تحدّيا آخر لزيادة عدد خريجي الطب، ونحن نواجه أرقاما ضخمة، وعلينا التعامل مع الأمر بشكل علمي وواقعي.
ولفت وزير التعليم العالي والبحث العلمي إلى أن هؤلاء الخريجين أيضا أمامهم مرحلة التخصص، وهي مسألة هامة أيضا ننظر لها بعين الاهتمام والتعامل العملي، فأعداد الخريجين اليوم بحاجة لأن ندرسهم الاختصاص، ما يجعل من العودة عن قرار رفع الحد الأدنى للقبول بتخصصي الطب وطب الأسنان صعبا.
وأكد: لن نتراجع عنه، فهو مرتبط بسوق العمل وكذلك بواقع دراسة الطب وما تتطلبه من امتياز وتخصص، وغير ذلك من جوانب تحتاج متابعة، وكذلك تخفيض أعداد الخريجين.
ووفق متابعة «الدستور» من المنتظر اليوم الأحد أن يعقد عدد من النواب اجتماعا يضم لجنة التربية والتعليم النيابية، يتم خلاله وضع صيغة لمخاطبة وزير التعليم العالي والبحث العلمي فيما يخص معدلات القبول بتخصصي الطب وطب الأسنان، ليصار إلى رفعها بشكل رسمي خلال لقاء منتظر مع وزير التعليم العالي يتوقع أن يكون خلال الأسبوع المقبل.
رئيس كتلة إرادة والوطني الإسلامي النيابية الدكتور خميس عطية، لفت إلى قرارات مجلس الوزراء الأخيرة التي أظهرت حرص الحكومة على تخفيف الأعباء عن المواطنين وجاءت تحقيقا للصالح العام. وقال: نريد في كتلة إرادة والوطني الإسلامي أن يمس هذا التخفيف أبناءنا الطلبة وذويهم وذلك من خلال إعادة النظر بالقرار.
وأضاف الدكتور عطية: سوف يكون لنا اليوم في الكتلة اجتماع، ومع مجلس النواب الذي هو مع قرار العودة عن القرار، ومع لجنة التربية النيابية، بحيث يتم تحقيق صيغة متكاملة لتحقيق هذه المسألة بمنهجية علمية، نحقق من خلالها العدالة للطلبة، ولا يتم هدر أموال ضخمة خارج الوطن نتيجة لجوء عدد من طلبتنا لدراسة الطب خارجه، وسنعمل على تحقيق ذلك بمنهج علمي وعملي. من جانبه، قال رئيس لجنة التربية والتعليم في مجلس النواب النائب الدكتور محمد الرعود إن اللجنة وضعت تصورا لمعدلات القبول لدراسة الطب وطب الأسنان بالداخل والخارج وإعادتها كما كانت بالسابق قبل رفعها إلى (90%) بحدها الأدنى، لتعود إلى (85%) وقبلها (80)، مبينا أن اللجنة سوف تلتقي وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عزمي محافظة قريبا لبحث هذه المسألة الهامة.
وأكد الدكتور الرعود أن اللجنة تلقت اتصالات وشكاوى كثيرة بشأن معدّل قبول الطب وطب الأسنان، حيث لقي رفع معدّل القبول في الطب وطب الأسنان إلى (90%) في الداخل والخارج، ضجة كبيرة وعدم قبول وعدم رضا.
وبين الدكتور الرعود أن هناك دراسة وضعتها لجنة التربية والتعليم في مجلس النواب لمطالبة وزارة التعليم العالي ومجلس التعليم العالي بإلغاء قرار رفع الحد الأدنى لدراسة الطب داخل المملكة وخارجها، وأن يتم العودة عن قرار رفع المعدّل مساواتهم مع طلبة السنوات السابقة.
وقالت مقررة كتلة إرادة والوطني الإسلامي في مجلس النواب النائب هالة الجراح إن القرار يولد إحباطا عند من يرغب في دراسة الطب وطب الأسنان من أبنائنا مؤكدة أهمية مراعاة الفروقات المتعلقة باختلاف طبيعة وظروف المدارس وخاصة في المناطق النائية والأقل حظا قياسا إلى المدارس في مراكز المدن والمحافظات، وبالتالي من حق من يحصل على معدل 80% أن يدرس الطب وطب الأسنان.
وبينت أن الأعباء المالية على الأهالي أصبحت أكبر لتوفير متطلبات تدريس أبنائهم للحصول على معدلات تحقق الحد الأدنى لدراسة تخصصي طب وطب الأسنان. وقالت الجراح إن حوالي 19 ألف طالب وطالبة يدرسون الطب وطب الأسنان خارج الأردن بتكلفة سنوية تصل إلى مليار دينار أردني وهو ما يشكّل نزفاً اقتصادياً يمكن الحد منه عبر تمكينهم من الدراسة داخل المملكة في بيئة تعليمية مناسبة.
وأضافت الجراح «كيف تقوم الحكومة بمنح اعتماد للجامعات الخاصة بفتح كليات للطب وطب والأسنان وفي الوقت ذاته تعمل على رفع معدل القبول؟ لماذا لا نقوم باستيعاب أبنائنا في جامعاتنا الخاصة ونقوم في الوقت ذاته بجلب دارسين من مختلف الجنسيات للأردن؟ وهو الأمر الذي سينعكس إيجابا على الأردن بشكل عام».
وأكدت الجراح ضرورة أن تتوافق قرارات مجلس التعليم العالي مع آليات التحفيز التي تتبعها الحكومة في مختلف المجالات لجلب الاستثمارات. مستثمر في إحدى الجامعات الخاصة قال إن كلفة كلية طب الأسنان التي استحدثتها جامعته بعد الحصول على الموافقات الرسمية بلغت حوالي 25 مليون دينار، كما جرى التعاقد مع مدرسين برواتب مرتفعة، لكنه فوجئ بالقرارات الصادرة عن مجلس التعليم العالي بتحديد أعداد المقبولين بنسبة 20 % علما بأن الطاقة الاستيعابية تصل إلى 300 طالب على الأقل وليس 100 طالب.
وبين أن هذه القرارات تؤثر على واقع الجامعات وتهدد الاستثمار في قطاع التعليم الذي يعد رافدا اقتصاديا واستثماريا مهما إضافة إلى حاجة الجامعات دائما لتجويد مخرجاتها وتعزيز الكفاءات التعليمية وكونها أيضا عامل جذب ومحفزا لاستقطاب الطلبة من الخارج وخاصة من البلدان العربية.