الأردن: مباحثات لتزويد سوريا بالطاقة الكهربائية

- أكد وزير الطاقة والثروة المعدنية، صالح الخرابشة، أن الأردن يواصل توسيع مجالات التعاون مع الدول الشقيقة، وعلى رأسها سوريا وقطر ومصر، في قطاعات الطاقة المختلفة، وخاصة في مجالات التبادل الكهربائي، والطاقة المتجددة، والمشتقات النفطية.

وقال الخرابشة، خلال مؤتمر صحفي، إن اللقاءات التي عُقدت مع الجانب السوري بحثت سبل رفع قدرة الشبكة الكهربائية السورية تحت الضغط القائم، مشيرًا إلى أن الأشقاء في سوريا يعملون حاليًا على إعادة تأهيل الشبكة، ما يمهّد الطريق لإقامة شبكات تبادل كهربائي بين الأردن وسوريا في المستقبل القريب.

وأوضح أن التواصل جارٍ حاليًا مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي لتمويل دراسة فنية لرفع قدرة التبادل الكهربائي بين البلدين، وقد تم الاتفاق على تشكيل فريق فني مشترك لمتابعة هذه الدراسة ووضع خطة عمل ضمن إطار زمني محدد للسير بها قُدمًا.

وأضاف الخرابشة أن الاجتماعات تناولت كذلك مجالات التعاون السابقة، لا سيما في قطاع توزيع الكهرباء، حيث استعرض الجانب الأردني خبراته في هذا المجال، إلى جانب بحث فرص التعاون في قطاع المشتقات النفطية، من خلال الشركات التسويقية، والاستفادة من البنية التحتية المتوفرة في الأردن، مثل الخزانات التابعة للشركة اللوجستية للمشتقات النفطية – المملوكة بالكامل للحكومة – ومصفاة البترول الأردنية.

وأكد الخرابشة أن توجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني كانت واضحة بوضع كافة إمكانيات الأردن في خدمة الأشقاء في سوريا، مشيرًا إلى أن الأردن يمتلك تجربة متقدمة في مجال الطاقة المتجددة، وسيتم قريبًا عقد لقاءات مع ممثلي القطاع الخاص الأردني لبحث فرص التعاون والاستثمار في هذا المجال الحيوي مع الجانب السوري.

وشدد الوزير على أن الأردن يعمل حاليًا على بلورة خطة عمل شاملة في قطاع الطاقة مع سوريا، بهدف ترجمة رؤية القيادتين السياسيتين في البلدين إلى مشاريع عملية تخدم مصالح الشعبين الشقيقين، وتُسهم في تعزيز أمن الطاقة واستقرارها في المنطقة.


من جانبه، أكد وزير الطاقة السوري، محمد البشير، أن زيارة الوفد الأردني إلى دمشق تأتي استكمالًا للاجتماعات التي عُقدت سابقًا في العاصمة السورية، وتهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي في مجالات الطاقة والمياه، ورفع قدرات التبادل بين البلدين.

وأوضح البشير أن سوريا بدأت منذ اليوم الأول للتعاون مع الأردن في مجال الطاقة، وجرى بالفعل تمديد الغاز من الأردن إلى سوريا ضمن تعاون ثلاثي ضمّ سوريا والأردن وقطر، لتحسين واقع الطاقة في سوريا لفترة محددة. وأضاف أن الزيارة الحالية تهدف إلى استكمال هذا التعاون من خلال زيادة كميات الغاز التي سيتم ضخها من الأردن إلى سوريا، إضافة إلى بحث توريد الكهرباء وتحسين كفاءة خدمات التوليد الكهربائي في سوريا.

وأشار إلى أن النقاشات شملت أيضًا الربط الإقليمي القائم، والذي يتطلب إعادة تحديث بعد تخصيص منحة من البنك الدولي لدعمه. وفي هذا الإطار، تم تشكيل فرق فنية مشتركة من الجانبين لمتابعة التفاصيل التقنية المتعلقة بخط الربط الكهربائي، وتحديد احتياجاته تمهيدًا لتشغيله في أسرع وقت ممكن، بما يُسهم في تحسين التغذية الكهربائية في سوريا لتصل إلى 250–300 ميغاواط خلال الفترة المقبلة.

وفيما يخص قطاع المياه، أوضح البشير أن الجانبين ناقشا اتفاقية حوض اليرموك، في ظل التحديات التي تواجه سوريا نتيجة الجفاف، مؤكدًا أنه سيتم تشكيل لجان فنية لدراسة الاتفاقيات الحالية بهدف تحسين شروطها بما يعود بالنفع على البلدين. وأشار إلى أن سوريا منعت بشكل نهائي حفر الآبار العشوائية، خاصة في جنوب البلاد، بسبب التأثير السلبي لهذا الحفر على ينابيع المياه التي كانت تُسهم في تغذية السدود، وفق اتفاقية عام 1987.

كما عُقدت اجتماعات مع شركات مختصة بتوزيع الطاقة الكهربائية، حيث أكد الوزير أن سوريا لا تزال بحاجة إلى المزيد من القدرات في هذا المجال، وأن الأبواب مفتوحة لدخول الشركات الأردنية للاستثمار في قطاع توزيع الكهرباء في سوريا خلال الفترة المقبلة.


وبدوره، أكد وزير المياه والري، رائد أبو السعود، أن التعاون القائم مع الأشقاء في سوريا يشكّل بارقة أمل لحل التحديات المائية المشتركة، لا سيما تلك المتعلقة بسد الوحدة وحوض نهر اليرموك، في ظل ظروف مائية صعبة تواجهها المنطقة منذ سنوات.

وأشار إلى أن سد الوحدة، الذي يُعد من المشاريع المائية الاستراتيجية، لم يمتلئ منذ إنشائه في عام 2005 وحتى عام 2023، لأسباب متعددة، ما يحتم العمل المشترك والجاد لإيجاد حلول عملية ومستدامة.

وأوضح أنه تم التوصل إلى اتفاق مبدئي مع الجانب السوري لعقد أول اجتماع للجنة الأردنية السورية المشتركة، في المكان الذي تختاره اللجنة، وذلك لبحث مختلف القضايا المتعلقة بحوض اليرموك ونهر اليرموك، بالإضافة إلى الحصص المائية المستحقة لكل طرف.

وبيّن أبو السعود أنه سلّم نظيره السوري رسالة رسمية تتعلق باتفاقية عام 1987، والتي تتضمن بندًا يتيح للطرفين تعديل الاتفاقية، بما يخدم مصالحهما المشتركة، خاصة فيما يتعلق بإدارة مياه سد الوحدة وحوض اليرموك.

وأعرب الوزير عن تفاؤله بإمكانية معالجة أزمة المياه في المنطقة، مشيرًا إلى أن الجانب السوري أبدى تفهمًا عميقًا لحجم التحديات التي يواجهها الأردن، وأظهر رغبة صادقة في التوصل إلى حلول مشتركة من خلال آليات تنسيق فعّالة بين الجانبين.

كما عبّر عن أمله في أن يشهد الموسم المطري المقبل تحسنًا في الوضع المائي، بما يُسهم في تعويض جزء من الفاقد المائي الذي عانته المملكة خلال السنوات الماضية.