المفاجأة الوحيدة بما حصل ليلة الجمعة هي «ساعة الصفر» فقط، وإلّا فالمنطقة والعالم كانا ينتظران هجومًا إسرائيليًا على إيران، لكن توقيتها فقط كان هو «السرّ» الذي نجحت إسرائيل، وبمساعدة وتخطيط أمريكيين، وبسلاح «التضليل الإعلامي» الذي كان أكثر فتكًا من جميع الأسلحة التي استخدمت في الضربة الإسرائيلية على إيران.
ضرب إيران كان هدفًا لطالما خطّط له نتنياهو، وقد أتاحت له أحداث 7 أكتوبر 2023 أن يعلنها «حربًا وجودية» يحقّق من خلالها أهداف إسرائيل الكبرى وأطماعها في فلسطين المحتلة وفي الإقليم.
- ضرب إيران - كما حدث ليلة الأمس - استوجب تخطيطًا بدأ بما يلي:
1 - تقليم «أظافر» إيران بالقضاء على وكلائها في الإقليم، بدءًا من القضاء على «حماس» واغتيال قياداتها وتدمير غزة (والمماطلة بحل مشكلة الرهائن لتبقى ذريعة أمام العالم للتمادي بتوسيع الحرب).
2 - تدمير المخيمات في الضفة الغربية بخطط ممنهجة، وبدء مخططات هدم الأقصى و»تهويد» المقدسات (وهذه مؤجلة لحين الانتهاء من حرب إيران).
3 - القضاء على حزب الله في لبنان، واغتيال قياداته التاريخية ورمزها «حسن نصرالله»، والإبقاء على حزب الله شكلاً مقلم الأظافر.
4 - تدمير البنية التحتية للحوثيين في اليمن.
5 - إعادة ترتيب الداخل السوري وتجريد الدولة من الأسلحة التي يمكن أن تشكل خطرًا على إسرائيل، بل وإعادة احتلال أراضٍ سورية.
- كل هذه الجبهات التي كانت تفتحها إسرائيل، بدعم وتخطيط وتنسيق أمريكي غربي مباشر وغير مباشر، كان يوازيه على الجبهة الأخرى حرب جاسوسية «بشرية وسيبرانية» بدأت تتصاعد منذ اغتيال إسماعيل هنية في عقر دار الإيرانيين، تلاها وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في ظروف غامضة، لتُعمّق إسرائيل من حرب الجاسوسية والخيانات في العمق الإيراني، إلى أن تظهر إيران كما بدت ليلة الأمس بهذا الوهن، وكأنّ العالم كان يتوقع الضربة عدا إيران نفسها؟!
- اختراق أمني استخباراتي فظيع، ذلك الذي حدث وأدّى إلى اغتيال جميع القيادات العسكرية وعلماء الطاقة النووية بضربة واحدة.
- الأكثر غرابة أن يتم إنشاء قاعدة «للمسيّرات الإسرائيلية» على الأراضي الإيرانية لتقوم بمهمات هجومية في الداخل، ومهمات اغتيالات القادة العسكريين والعلماء، دون أن تتنبه إيران لهذا الاختراق!
- من الواضح تمامًا أن سلاح «التضليل الإعلامي» كان الأكثر فتكًا، وجعل إيران تنام في سبات عميق ليلة الأمس، وهي «تصدّق» كذب مجلس الوزراء الإسرائيلي «قبل الحرب بساعات» ليُعلن كذبًا «أنه بحث موضوع الرهائن في غزة»، وليُعلن نتنياهو عن انشغاله وزوجته بحفل زفاف ابنهما نهاية الأسبوع!
* سيناريوهات القادم:
1 - إسرائيل ستستمر بتوجيه ضرباتها لإنهاء مهمتها قبل أن تستفيق إيران من هول الصدمة، وقبل أن يتمكن القادة «البدلاء» من إعادة تقييم ما حدث، والرد على الضربات الإسرائيلية.
2 - قد يتأخر الرد الإيراني، وقد لا يكون بحجم الضربة الإسرائيلية، لأنها ستكون قد فقدت الكثير من قوتها الضاربة.. وهي - بسبب الحصار - لا تملك أسلحة واحتياطات متطورة لمدة طويلة، ومن المستبعد أن تحظى بدعم مباشر من دول مثل روسيا والصين في هذا الوقت بالتحديد، إلا إذا امتدت الحرب لمدة أطول من اللازم.
3 - الخطورة القادمة من أن يتخذ الرد الإيراني توجيه ضربات للمصالح الأمريكية في الخليج والعالم.
4 - الخطورة تكمن في أن حرب إسرائيل ضد إيران «حرب مفتوحة» بدأت، ولا يمكن التنبؤ بمتى وكيف تتوقف؟ وإلى أين ستمتد؟ فهي ليست كباقي حروب المنطقة، لأن مداها وساحتها الإقليم والعالم كله.
* موقف الأردن؟
- موقف الأردن واضح وصريح، ولطالما أكده جلالة الملك، فالأردن لم ولن يسمح أبدًا بأن يكون ساحة حرب لأحد، وسيدافع عن أجوائه وحدوده وأمنه وأمانه مهما كلفه ذلك.
- مطلوب من الجميع - وكما هي عادة الأردنيين دائمًا في الملمّات - الالتفاف حول القيادة الهاشمية وجيشنا وأمننا، نفدي الأردن بأرواحنا، ولا مكان بيننا للمشكّكين، ولا المضلّلين، ولا المندسين.
- مقبلون - كما العالم - على ظروف وتطورات صعبة بدأت ردودها السريعة منذ الأمس، بارتفاعات على أسعار النفط والذهب وسلاسل التوريد وغيرها.. علينا أن نستعد وأن نواجه التحديات بقوة وعزيمة كما نحن دائمًا.
- حمى الله الأردن ملكًا وجيشًا وشعبًا.. وستبقى فلسطين «بوصلة الأردن وتاجها القدس الشريف».