في لحظة سطعت فيها شمس المجد على سماء الوطن، دوّى اسم الأردن عاليًا في فضائيات الاعلام ومنصاته، معلنًا تأهله التاريخي إلى نهائيات كأس العالم في أميركا وكندا والمكسيك. لم يكن هذا الإنجاز مجرد فوزٍ كروي، بل كان مرآةً تعكس صمود وطن، وإرادة شعب، وقصة كفاح كُتبت حروفها بالعرق والدمع والأمل.
لقد خطّ منتخب النشامى دربًا محفوفًا بالتحديات، وسار في دروبٍ كثيرًا ما بدت وعرة، شاقة، بل تكاد تكون مستحيلة في ضوء الإمكانات والبنى التحتية الرياضية المتواضعة مقارنة مع دول الجوار في المنطقة العربية. لكنه — وعلى هيئة هذا الوطن الصغير بحجمه، الكبير بشعبه وتاريخه — لم ينحنِ لعاصفة، ولم يتوقف عند عثرة، بل تجاوز المدى بإيمان لا يتزحزح وعزيمة لا تنكسر.
فمن رحم محدودية الإمكانات وندرة الموارد وتواضع البنى التحتية الرياضية، خرج جيلٌ من الأسود يحمل راية الأردن، يشقون طريقهم في عالمٍ رياضي تحكمه القوة والمال، ولكنهم كانوا أبناء الإرادة. تدرّبوا على ملاعب متواضعة، وتحملوا ما لا يُطاق، لكنهم كانوا يحملون في قلوبهم خريطة الحلم: الأردن في كأس العالم.
لقد أثبت النشامى أن الانتصارات لا تُشترى ولا تُمنح، بل تُنتزع بالجهد، وتصنعها القلوب التي تنبض حبًا للوطن. هذا المنتخب لا يمثل فقط أحد عشر لاعبًا، بل يحمل في قمصانه وجوه الملايين من الأردنيين الذين صلّوا مع كل مباراة، وهتفوا مع كل هدف، وبكوا مع صافرة النهاية فرحا بالانجاز والصمود.
وها هو الأردن، الحالم رغم القيود، الصامد رغم الرياح، المنتصر رغم الشك، يكتب صفحة جديدة في تاريخه، عنوانها: نحن هنا، في قلب العالم، بأقدامنا وعرقنا وإيماننا.
فليعلم العالم أن هذا الوطن، وإن ضاقت به السبل، قادر أن يكتب المعجزات. وليفخر كل أردني بأن العلم الذي سيرفرف في سماء كأس العالم، هو علم وطن يعرف كيف يحوّل الضعف إلى قوة، والهزيمة إلى نهوض، واليأس إلى فرح.
لقد كتب منتخب النشامى فصلًا جديدًا من فصول الفخر الوطني، لكنه لم يكتبه وحده، بل سطّره إلى جانبه قائدٌ أحب شعبه، وولي عهدٍ آمن بشبابه، وأردنيون كانوا وسيبقون يدًا واحدة، وقلبًا واحدًا، خلف كل من يرفع اسم الأردن عاليًا. إن تأهل الأردن إلى كأس العالم ليس فقط إنجازًا رياضيًا، بل هو احتفال وطني بقيمة الانتماء والولاء، ولحظة مجد تُضاف إلى رصيد وطنٍ عظيم، إذا وعد أوفى، وإذا بدأ الطريق، وصل.