في القاهرة تنعقد القمة العربية الاستثنائية اليوم، وقد سبقتها قمة الرياض، وتأتي القمة في توقيت استثنائي حقا، يرتبط بالوضع في غزة والضفة الغربية أيضا، والمخاوف المشهرة من ملف مدينة القدس، والخطر على الأقصى.
هناك تركيز في القمة على عدة محاور، أولها: تعريب الملف الفلسطيني وبناء موقف عربي موحد إزاء غزة وإعادة الإعمار، وما يتعلق بكل تفاصيل الملف داخل القطاع، والخروج بخطة موحدة عربيا من أجل عرضها على الإدارة الأميركية من خلال وفد سيقوم بزيارة واشنطن، قريبا، وهي خطة ستكون على ما هو مفترض بديلا لكل سيناريوهات التهجير، وهو ما تحدث عنه أساسا الملك خلال زيارته إلى واشنطن، وإشارته للموقف العربي الموحد في هذا الإطار، وإلى الخطة المصرية لإعادة الإعمار، ردا على قصة التهجير.
ثانيها: أن يتم تجاوز كل سيناريو التهجير في نموذج غزة، وهذا يعتمد على الفلسطينيين أولا، وعلى موقف مصر المجاورة للقطاع وعلى الموقفين العربي والدولي، وخطة إعادة الإعمار المصرية، القائمة على إعادة الإعمار دون إخراج أبناء غزة من القطاع، وهي خطة تشاركت بها أطراف عربية ومؤسسات دولية.
ثالثها: إيجاد حل بشأن هوية الطرف الذي سيحكم غزة في ظل إشكالات كثيرة ترتبط بمحاولات إسرائيل استئناف الحرب، مع وقفها للمساعدات في ذات توقيت القمة، وهي رسالة ضغط واضحة، والكلام هنا عن عدة احتمالات من بينها دور محتمل للسلطة، أو اللجوء إلى لجنة الإسناد التي ستدير القطاع ضمن صيغة معينة، تكون فيها اللجنة مقبولة من أهل القطاع، فيما لم يتضح بعد دور السلطة النهائي هنا، مع الحديث عن قوات دولية قد تدخل القطاع، أو قيام العرب بتدريب فلسطينيين لتولي الأمن داخل القطاع، فيما يبدو أن موقف حركة حماس هنا مهما جدا، كون الحركة لها تحفظاتها على أي خطة قد تؤدي إلى حدوث استبدالات في الطرف الحاكم للقطاع، لكن المفارقة تكون في أن الخطة العربية التي ستعرض على واشنطن ستدمج بين محوري إعادة الإعمار، وهوية الطرف الحاكم في غزة، ضمن تصور واحد مترابط، وهنا العقدة الأساسية، اي استحالة إعادة الإعمار، دون فرض رؤية حول الطرف الذي سيدير القطاع، في ظل تداخلات كثيرة داخل القطاع، وبين الفلسطينيين أنفسهم.
رابعها: أن تتعاون سلطة أوسلو بشأن مطالبات عربية ودولية حول إصلاح السلطة، لتكون تصوراتها بشأن القطاع مقبولة، ودورها المحتمل في إعادة الإعمار، مع وجود اعتراضات عربية ودولية على التصور الذي تطرحه السلطة بشأن إعادة الإعمار، مع أهمية توفير خطة قابلة للتطبيق أصلا، دون أي اعتراضات عربية أو دولية، خصوصا، لوجود ملاحظات بشأن الحوكمة والشفافية، على الصعيد المالي، بشأن السلطة، أو حتى ما يتعلق بإعادة الإعمار ومخصصاته المالية وهي قصة ثانية، ستواجه تعقيدات من حيث الممولين والكلف المالية.
الأردن في القمة يحمل ذات الموقف الذي أعلنه مرارا، فهو يقف بقوة ضد التهجير من غزة، وإفشال هذا السيناريو، سيجعل أي محاولة للتهجير من الضفة الغربية، أقل خطرا، مثلما أن الأردن يريد وقف الحرب كليا، وإيجاد تسوية في المنطقة، حتى لا تنحدر كل المنطقة إلى سيناريوهات مفتوحة مكلفة على العرب بشكل رئيسي.
القمة فاصلة من حيث كونها تأتي في توقيت تريد فيه واشنطن وتل أبيب فرض تصورات محددة بشأن قطاع عزة، وهذا أمر يزيد من حساسية رغبة تل أبيب بالعودة إلى الحرب، وفرض التهجير، وما تفعله الآن إسرائيل داخل الضفة الغربية وسط المخاوف من حدوث انفجار داخل القدس بسبب ملف المسجد الأقصى.
أخطر ما تواجهه القمة أمران، أولهما: غياب دول عربية وإشهارها لاعتراضات علنية حول مسارات التهيئة للقمة، وثانيهما: المخاوف من عدم اتفاق العرب حول تفاصيل كثيرة تتعلق بكل ما سبق، في ظل وجود وجهات نظر متباينة تماما.
أهمية القمة تكمن في أنها ستخرج بالخطة البديلة لسيناريو التهجير.