محمود مشارقة
يؤمن القيصر الروسي فلاديمير بوتين بمبدأ الضربة الاستباقية ، ويعمل بمقولة " إذا كانت المعركة لا مفر منها، فيجب أن تكون البادئ بالضرب".
العقيدة النووية الروسية المعدلة تعطي سيد الكرملين الضوء الأخضر لاستخدام الأسلحة النووية الفتاكة في حال تعرض بلاده أو روسيا البيضاء لعدوان بأسلحة تقليدية تشكل تهديداً استراتيجيا خطيراً على سيادتهما.
الأسئلة التي تطرح نفسها في ظل لغة فوهات الصواريخ المتصاعدة مع أوكرانيا ، هل تذهب روسيا إلى حرب تدميرية شاملة للعالم تحترق أوروبا حاليا بحرارة الحديث عنها قبل إستخدامها؟
وهل لدى بوتين ما يكفي من دوافع لإطلاق شرارة حرب عالمية ثالثة ؟
وما علاقة فوز ترامب بالانتخابات الأمريكية بالتصعيد الحاصل بين موسكو والغرب ؟!
قبل الاجابة على ذلك علينا فهم أسباب التصعيد الحاصل بين الجانبين، حيث تتهم موسكو كل من واشنطن ولندن بتزويد أوكرانيا بأسلحة طويلة المدى لاستهداف عمق أراضيها ، وأعلن الجيش الروسي أن أوكرانيا أطلقت صواريخ بالستية أمريكية على منشأة عسكرية روسية في منطقة بريانسك الحدودية. وهدد بوتين في خطاب متلفز باستهداف المنشآت العسكرية للدول التي تستخدم أسلحتها ضدها وضمنيا هذا يشمل أمريكا وبريطانيا وأية دولة أوروبية أخرى تدخل على خط تسليح كييف.
الرد الأولي الروسي على ضرب بريانسك جاء بهجوم "يوجماش" عبر صاروخ باليستي فرط صوتي غير نووي ولأول مرة تستخدم موسكو صواريخ "أوريشنيك" الجديدة والتي تصل سرعتها إلى 10 ماخ ولا يمكن لأية مضادات دفاعية غربية اعتراضها مما تشكل علامة فارقة في حسم الحرب عسكريا مستقبلا.
تحركات روسيا الحالية أشبه بإعلان حرب عالمية ثالثة حيث باستطاعتها الآن إطلاق 400 صاروخ نووي في دقائق بل في ثواني ضمن ما يسمى بنظام اليد المميتة للردع النووي ولها سياقاتها وتبريراتها بما يسمى بالحرب الوجودية .
تقييم مسارات التصعيد الحاصل يمكن ضمن سيناريوهات وافتراضات بعضها خطير جدا ويمكن تلخيصها فيما يلي :
أولا : تصعيد روسيا الحرب في أوكرانيا والذهاب إلى تدمير ألعاصمة كييف وقتل الرئيس زيلنسكي .
ثانيا: جر روسيا دول الناتو إلى مواجهة عسكرية شاملة في ظل حالة استقطاب عالمية غير مسبوقة.
ثالثا: يمكن وصف ما يحدث بردع استباقي روسي لأمريكا والغرب قبل تسلم ترامب مقاليد الحكم في يناير المقبل وهناك مراكز دراسات ترى أن الهدف من تأجيج الحرب وتوسيع رقعتها الحصول على شروط تفاوضية أفضل لموسكو لإنهاء الحرب في أوكرانيا بشروط المنتصر .
رابعا : لا يمكن الاستخفاف بالتهديد الروسي الحالي رغم أنه يأتي في الوقت الضائع أمريكيا ولا تملك إدارة بايدن مفاتيح التهدئة ولا الدخول في حرب نووية أو عالمية ثالثة في الوقت الراهن ولا يمكن لروسيا الذهاب بعيدا في خياراتها .
خامسا : الخيار النووي سيكون الحل الأخير لروسيا بلا شك لكن الأرض باتت ممهدة أمام القيصر الروسي لترويض ومحاسبة أوروبا والغرب المنقسم على 1000 يوم من الحرب التي جروه إليها .