شرق أوسط جديد

تسعى إسرائيل إلى تغيير خريطة الشرق الأوسط، وبناء تغيير استراتيجي كامل في المنطقة، وذلك من خلال امتلاك ترسانة عسكرية كبيرة، وفرض الهيمنة الكاملة عسكرياً، وتكنولوجياً، واقتصادياً على دول المنطقة بعد تحقيق الأهداف الأساسية وهي؛ تجريد الدول والقوى المُحيطة بإسرائيل من كل أنواع الأسلحة ذات التدمير الشامل وأية قوة صاروخية طويلة المدى؛ توسیع حدود إسرائيل إلى حدود نهر الليطاني، وقطع التلامس في الحدود من الجهة الجنوبية بين سوريا ولبنان، مُحاولة توجيه ضربة عسكرية لأي دولة تمانع هذا المشروع، وفرض واقع سياسي عسكري جديد في كافة أرجاء الإقليم. وهذا المشروع يهدف لدمج إسرائيل في المنطقة كدولة مُهيمنة واستثمار اللحظة الراهنة وحالة الانكسار لقوى المُمانعة، وفرض أجندتها بقوة السلاح، وهذا يعني إنهاء التصعيد من القوى المُمانعة وهو طرف واحد وبقاء إسرائيل صاحبة اليد الطولى، وبناء تحالفات جديدة وخصوصاً القوى المُتخوفة من إیران كدولة لها مشروع سياسي ايديولوجي في المنطقة.

 

 

 

وحسب السردية الإسرائيلية فإننا أمام هندسة الشرق الأوسط وهذا ما ورد في رؤية شمعون بيريز الشرق الأوسط الجديد، وما يحتويه من مضامين تتعلق بهيمنة إسرائيل على الشرق الأوسط الجديد، وصعودها كقوه عسكرية مدعومة أميركياً وربما هذا ينسجم مع الأهداف الأميركية كما استحقاق أميركي لمواجهة الصين في قادم الأيام.

 

إن هذا المشروع هو جزء من النظريات الإسرائيلية النشأة الدولة وتوسعها ويشمل الأمر مشروعين؛ المشروع الأول هو إسرائيل الكبرى افتراضياً ويقوم على الهيمنة والسيطرة والاعتماد على الذكاء والخبرة والقدرة التكنولوجية، والمشروع الثاني هو مشروع حياتي وجودي أي إسرائيل الكبرى جغرافياً وهذا يتفق تماماً مع رؤية الصهيونية الدينية، وقد قيل على لسان دونالد ترامب إن مساحة اسرائيل صغيرة ولا بد من توسيعها جغرافياً. ويقول رئيس الدولة هرتسوغ «لا تحتاج إلى عملية سياسية تفتح أفقاً يغير المنطقة ويتيح تحالفات نتطلع إليها».

 

إننا أمام رؤیة جابوتنسكي «الجدار الحديدي» القائم على أن انتصار إسرائيل سيقود العرب للتطبيع والقبول بالأمر الواقع. وعليه فإن الهدف الاستراتيجي الأساس هو الانتهاء من كل أشكال المقاومة للوجود الإسرائيلي ودفع إيران للداخل الجغرافي لها، وتبدأ بالمفاوضات وإذا لم يتم ذلك سيتم توجيه ضربة لإيران والمفاعلات النووية في إيران بدعم أميركي.

 

وتتجسَّد الرؤية الأميركية في عدة نقاط وهي؛ بناء شرق أوسط جديد تكون فيه إسرائيل هي اللاعب الأوحد والأقوى على أن تقوم الولايات المتحدة باعادة التموضع عسكرياً لمواجهة قوى أخرى في العالم، بناء شرق أوسط جديد بدون مقاومة، دول مُسالِمة ومُطبِّعة مع إسرائيل والسير بقوة لتصفية القضية الفلسطينية وأخيراً شرق أوسط جديد بدون إیران تؤكد على الدفاع عن مصالحها في المنطقة وخوض اي حرب للدفاع عن إسرائيل ووجودها، إن أمن وبقاء إسرائيل هو جزء أصيل من السياسة الخارجية والداخلية للولايات المتحدة في المنطقة، وهذا الأمر تاريخياً معمول به ولنتذكر قول جولدا مائير في حرب تشرين عام ١٩٧٣ «لولا الدعم العسكري الأميركي لانتهت إسرائيل» فهي على استعداد كامل في خوض أي حرب للدفاع عن وجود الدولة العبرية.

 

إن ما يجرى هو سياسة ملء الفراغ وهو غياب أي مشروع عربي فالمشروع الإسرائيلي هو البديل لملء الفراغ في المنطقة تراجعت الدول العربية عن الحفاظ على مصالحها، والدفاع عن وجودها يدفع العدو الصهيوني لملء الفراغ الناشئ عن حالة الغياب والضعف العربي أمام المشروعين الإيراني من جهة، والإسرائيلي من جهة اخرى. إن الهوان والتراجع والضعف الرسمي العربي له ثمن وثمنه الواضح هو المشروع الصهيوني الإسرائيلي للسيطرة تشارك فيه بقوة الولايات المتحدة الأميركية، ألا من صحوة.