الأردن .. ماذا كان في داخل (صندوق باندورا) الانتخابي؟!

الانتخابات  كانت اختبارا للجميع، للدولة وللمرشحين وللناخبين، ونتيجتها تقول بأن الإسلاميين دخلوا مرحلة جديدة ومختلفة في العلاقة الرسمية مع الدولة التي راقبت المشهد من بعيد، كيف ستكون وما هي تفاصيلها، هذا أمر لا أعرف عنه شيئا فهو منوط بالجماعة وبجبهة العمل الإسلامي وهم أدرى بما يخدم الوطن والأمة، وبما يذيب الجليد ويزيل الغشاوة عن العيون والقلوب.

 

لكن كان واضحا أن الدولة تركت رياح الانتخابات تجري بما تشتهي السفن، لمعرفة ماذا يوجد في هذا الصندوق المغلق، كان يجب فتح "صندوق باندورا " الذي بحسب الميثولوچىة اليونانية حين فتحته پاندورا خرجت منه كل مشاكل العالم وشروره.

 

صندوق الانتخابات قد يأتي بنتائج لا ترضي الحكومات وبعض مراكز القوى، وقد لا ترضى قوى شعبية ونخب ولوبيات وأقليات، خصوصا إذا جاءت الريح بما لا تشتهي سفنهم.

وقد لا ترضي النتائج قوى خارجية ترى فيها تهديدا لمصالحها ولخططها، وترى فيها تهديدا محتملا.

الدولة سبق لها أن فتحت هذا الصندوق أكثر من مرة، في انتخابات عام 1956 حين نجح الحزب الاشتراكي الوطني بالفوز بـ 12 مقعدا في البرلمان. اعتبرت الانتخابات واحدة من أكثر الانتخابات الحرة في تاريخ الأردن، وكانت الانتخابات الأولى والوحيدة التي قامت لانتخاب حكومة منتخبة لكنها انتهت باضطراب داخلي.

ثم جاءت انتخابات عام 1989 وكانت الأولى منذ عام 1967. وبسبب حظر عمل الأحزاب السياسية آنذاك، خاض جميع المرشحين الانتخابات كمستقلين، على الرغم من أن 22 من 80 ممن نجحوا ناجحا كانوا أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين.

في هذه الانتخابات قالت الدولة للأحزاب التي هندست على عجل وبعض الطامحين والطامعين بدعمها، أذهبوا إلى صناديق الاقتراع واعتمدوا على أنفسكم، نريد أن نعرف وزنكم عند الشارع عبر أوراق التصويت في صندوق الانتخاب وليس بأصوات المنتسبين للحزب لغايات الترخيص، أو الذين يحضرون مهرجاناتكم.

صندوق الانتخاب ليس "صندوق باندورا " لكنه يخرج كل ما فيه، الصالح والطالح، الغث والسمين، اللؤلؤ والمرجان أو غثاء السيل وزبد البحر.

الصناديق أخرجت  كل ما فيها، بناء على اختيار حر من الناخب الذي اختار الأفضل لخدمته ولخدمة الوطن.

قانون الانتخاب الحالي كشف عورته وبأنه يحتاج إلى إعادة نظر من جذوره، فإما قائمة تصويت فردي في الدوائر، أو قوائم محلية أو انتخابات حزبية كاملة. 

كما انه كشف عوار الكثير من الأحزاب المتعالية والنخبوية أصحاب الياقات .

نتائج الانتخابات الحالية وضعت الجميع أما الحقيقة عارية  حتى من ورقة التوت.

حين فتحت باندورا الصندوق خرج كل ما فيه لكنها أغلقته بسرعة ولم يتبقى فيه إلا أهم ما ضمه وهو الأمل.

لنقل أننا أمام الأمل بأن تستفيد الدولة من هذه النتائج داخليا وخارجيا، وبأن يحسن الإسلاميون قراءة النتائج التي جاءت بأكثر مما اشتهت سفنهم.