لا شيء كما كان..

اليوم التالي للحرب لن يعود شيء كما كان، لا عند الفلسطينيين، ولا عند الاسرائيليين، ولا عند العرب، ولا في العالم، ومما يتبين أن حكومة نتنياهو السادس تجس نبض حليفتها في البيت الأبيض للتملص من وقف الحرب والذهاب إلى اليوم التالي، فيا ترى ما هي الأشياء التي قد تتغير بعد (6) شهور من الحرب الدموية؟!.

--أول شيء بعد انتهاء الحرب هو إعلان انتصار الفصائل الفلسطينية بغزة، وهذه أول مواجهة على أرض فلسطين بعد (75) عاما من الاحتلال الاسرائيلي، وطبعا فإن ما نراه صورة انكسار لإسرائيل الثالثة وجيشها وفشلهما في تحقيق انتصار تاريخي على الفلسطينيين.

--ما بعد إنتهاء الحرب سنرى صفقة تبادل مذلة لإسرائيل الثالثة، وهي تتجرع أول هزيمة مدوية لها في اطول حروبها مع الفلسطينين، وطبعا فإن نهاية نتنياهو السادس حتمية، واختفاؤه من الساحة السياسية مرة واحدة وإلى الأبد، وربما يصار إلى محاكمته، وربما ادانته وسجنه، وإذا قدر البحث في اخفاقات 7/أكتوبر الماضي فان الاطاحة بكبار جنرلات الجيش الاسرائيلي وتحميلهم مسؤولية الفشل، وربما تطال رئيس الأركان هرتسي هليفي واخرين.

--كل الذين راهنوا على هزيمة حماس والجهاد واخواتهما، وراهنوا على اليوم التالي لانتصار إسرائيل الثالثة، سيصابون بنوبات قلبية طويلة الامد، ونوبات سياسية صادمة، فكثيرون توقعوا أن لا تطول الحرب أكثر من ثلاثة شهور ومن ثم استسلام المقاومة الفلسطينية وما بعد..إما سلطة دولية أو هيئة ما..ستباشر حكم غزة، وطبعا هذا لن يحدث، وما نراه اليوم هو بقاء المقاومة الفلسطينية وعودتها إلى حكم غزة.

--على المستوى الإقليمي سنرى تراجعا عربيا للتطبيع مع إسرائيل الثالثة، وربما إلغاء دعوات لتبادل زيارات وبعثات دبلوماسية، وهنا سيكون الرهان على الوقت لتناسي ما جرى قبل العودة عن مسارات سياسية للتطبيع مع إسرائيل الثالثة.

--إسرائيل الثالثة سوف تتخلص من اليمين المتطرف بزعامة نتنياهو السادس، وربما أن العالم يراهن على تغيرات داخلية بمجيء ثلة علمانيين يقبلون بانصاف حلول مع الفلسطينيين، وهنا لا نستبعد قيام دولة فلسطينية منزوعة السيادة، ضمن صفقة إقليمية شاملة باعتراف أممي.

---الأهم..أن ثقافة الهزيمة ولت، وأن محور المقاومة نجح في أول مواجهة متعددة الجبهات، ولعل الصمود الأسطوري للمقاومة الفلسطينية سيؤدي حتما إلى تفسخ النسيج الإجتماعي الاسرائيلي، ومن ثم تحجيم المشروع الصهيوني وحصره داخل فلسطين بمنع تمدده في الجوار العربي، وكلنا ما زال يتذكر خارطة نتنياهو السادس في الأمم المتحدة في شهر أيلول الماضي.

الأطراف المتقاتلة..هل تتجهز لجولة حرب أخرى قادمة، لا شيء مستغرب، فما زالت هناك أصوات باسرائيل الثالثة تطالب بعدم وقف الحرب، بل وتطالب بفتح جبهات أخرى مع حزب الله وحتى مع ايران.

واشنطن عازمة على وقف الحرب نهائيا، والتخلي عن نتنياهو السادس، بل واسقاط حلفائه المتطرفين والايتيان بثلة جديدة راغبة باحياء عملية السلام، والكل بإنتظار جولة مفاوضات القاهرة وإعلان إسرائيل الثالثة قبول شروط المقاومة الفلسطينية لابرام صفقة شاملة تبدأ بوقف إطلاق النار، والانسحاب الكامل من غزة، واغاثة المدنيين الفلسطينين، وتبادل الأسرى ومن ثم رفع الحصار عن قطاع غزة.