لكل دولة طقوسها وهلالها .. فماذا عن هلالنا ؟؟ ..

 

 
 

    في ظل ما تحتويه ثقافتنا المليئة بكل معاني التكامل والتضامن والتلاحم العربي ، وما لهذه الكلمات من وجود في القضايا الدينية المستركة ، لكن الحال قد يختلف في الاعلان عن شهر  رمضان المبارك ، فكل بلد عربي له هلاله ورمضانه قبل الآخر أو بعده، فهل رمضان عند العرب في يوم واحد يمسُّ سيادة واستقلال بلدانهم، أم أن لكل دولة وكل مذهب له طقوسه الخاصة ..؟!.

 

 

     انا أقول .. ان العرب متفقون شرعاً على صوم رمضان ، ومع ذلك يختلفون في اجماعهم حول توقيت صومه ، وكأنه أمر عادي وتحصيل حاصل وقضية خلافية لابد منها،  رغم التقارب الجغرافي والزمني الذي يعني أن ظهور الهلال من عدمه يكون موحّداً في مختلف الدول العربية ، ويقيناً أننا ونحن ننتظر كل عام بلهفة القرار الذي ياتي "ليله الاعلان" ، ونامل فيه ان "يفعلها" الاشقاء العرب هذا العام ويثبتوا أنهم أمّة عربية واحدة ولو "بتوحيد" يوم رمضان ضمن حسابات فلكية واحدة.!.

 

    اما نحن في الاردن ، فيؤخذ علينا اننا اختلفنا "هذا العام" عن الكثير من الأشقاء العرب والمسلمين في تحديد غرة الشهر الفضيل  ، ويعود ذلك في "الحقيقة" الى ان قرارنا قرار مستقل تتركة القيادة السياسية لاصحاب الشأن المختصين من اصحاب الفضيلة والسماحة وعلماء الدين والفلك وضمن رؤيتهم المبنية على الحسابات الفلكية العلمية ، في الوقت ناخذ بالاعتبار انه لا يجوز لنا أن نرفض المعطيات العلمية، وبالتالي لو كانت تلك "المعطيات العلمية الفلكية" تقود الى إمكانية الرؤية في أي بلد مجاور من بلاد المسلمين المحيطة بنا ورؤية الهلال "بالفعل" ، فنحن ملتزمون بكل "قناعة" بإعلان بداية الشهر ونهايته معهم ، وأن كانت المعطيات العلمية تنفي إمكانية رؤية الهلال في هذه البلدان وعندئذ "ثبتت" ، فنحن في الاردن ليس في مقدورنا أن نخالف العلم ومقتضياته الصحيحه ، اضافة للعلم القطعي لشهادة شاهد ربما قد يكون قد أخطأ في رؤيته أو أخطأ في شهادته .

 

   نحن نعلم انه "وكما هو معمول به كل عام" ، ان مجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية في الاردن يجتمع بعد غروب الشمس من يوم اعلان التحري لرؤية هلال رمضان ، في "جلسة خاصة" لتدارس معطيات وظروف تولد وإمكانية رؤية هلال شهر رمضان المبارك ، و"هذا العام" ووفق ما تقدم فقد خرج "علماؤنا الأفاضل" بنتيجة مبنية على معايير علمية ومنطقية ، اذ ان الهلال في ظهر يوم "الاعلان" قد تولد بالفعل ، ومكث بعد غروب شمس تلك الليلة مدة ١٣ دقيقة في سماء المملكة ، لكن ووفق المعايير التي يضعها العلماء الفلكيون لتحديد رؤية الهلال ، ووفق الظروف المتعلقة بإمكانية الرؤية من حيث شدة إضاءة الهلال وقربه من الشمس وبعده من الأرض وقربه من الأرض ، فلا يمكن رؤيته ، فيما أشارت الجمعية الفلكية الأردنية إلى أن رؤية الهلال كانت "غير ممكنة" ، اضافة الى الأخذ براي اللجان الفرعية التي تم وضعها في مختلف مناطق المملكة لتحرى الهلال ، بالتعاون مع "لجنة الأهلة" التابعة لدائرة الإفتاء العام، والاستعانة بعدد من الفلكيين من الجمعية الفلكية الأردنية، ناهيك عن دعوة عموم المواطنين والمقيمين في الأردن لتحري رؤية هلال شهر رمضان المبارك لهذا العام من على مختلف مساحات الوطن ، ولكن دون تقدبم أي شهادة من اي مواطن في ذلك اليوم  .

 

   فضيلة الدكتور أحمد الحسنات "مفتي المملكة" الذي التقيناه في مكتبه ومجموعة من الذوات من أبناء الوطن من اعضاء ملتقى (النخبة-elite) ، اكد وبكل شفافيه ومعه عدد من علماء الدين ان دائرة الإفتاء انتهجت منهجا علميا دقيقا في مراقبة الأهله يقوم على المعطيات العلمية ودراسة التقارير التي تقدمها الجهات ذات الاختصاص من علماء الفلك الذين يقومون بالحسابات الدقيقة لرصد الأهلة، وتدارس المعطيات العلمية لظروف رؤية الهلال في العالم الإسلامي على اختلاف المطالع.

 

   فضيلته المفتي أكد أن "اللجان المكلفة" بمتابعة تحري الهلال تأخذ كافة المعطيات المتعلقة بالرصد، إضافة إلى الحسابات الفلكية التي تبين إمكانية الرؤية من عدمها، وعرضها كاملة على مجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية، وبعد المداولة والمشاورة في الآراء، يتم الخروج بالإعلان عن مدى إمكانية إثبات هلال شهر رمضان ، واما فيما يتعلق عن رؤية الهلال في دول مجاورة، فقد قال فضيلته : إن "دائرة الإفتاء العام" ملتزمة بقرار المجمع الفقهي بتوحيد المطالع، موضحا أنه "عند ثبوت رؤية الهلال في أي "دولة إسلامية" نشترك معها في الليل والنهار، تثبت بداية الشهر ونهايته ونشترط أن تكون الرؤية في ذلك البلد ممكنة من الناحية الفلكية العلمية؛ أي باعتماد الرؤية مع العلم".

 

وأخيراً ، فانا اعتقد ووفق كل المعطيات والحسابات الفلكية والله اعلم اننا "الاصح" مع احترامنا لقرار كافة الاشقاء من الدول العربية والاسلامية الذين اعلنوا عن غرة صوم الشهر الفضيل ، لكننا نعود ونقول " سنبقى على ذات النهج الخلافي ، فكل دوله لها طقوسها وهلالها" ما لم تتوحد الرؤية في قرار جماعي مشترك .

 

ويبقى السؤال: هل سيكون العيد القادم موحدا بامر "الهلال" ؟ ومتى سنصل إلى يوم نتوحّد فيه عرباً ومسلمين ولو بالإعلان عن رمضان ..؟!

 

شكرا دائرة الإفتاء العام ، وفضيلة مفتي المملكة الدكتور أحمد الحسنات والشكر الموصول لمجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية ، وللقامات علماء الدين والفلك ، والجمعية العلمية الفلكية ، وكل من ساهم في هذا الفعل والجهد النبيل ..

وكل عام والاردن والأمة العربية والإسلامية بألف خير.

ودمتم سالمين