مسيرة لا تعرف الكلل أو الملل، ولا توقفها تهديدات إسرائيلية بغيضة، ولا أصوات النشاز المثبطة بأجندة مشبوهة من دول وعصابات اقليمية.
يتوجه نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين على رأس وفد قانوني إلى لاهاي، وفد نبضه فلسطيني وعزمه اردني هاشمي، مؤمن بعدالة القضية وحق اهلها بالحياة والسلام و يؤكد دعم المملكة المطلق لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وإقامة دولتهم المستقلة وذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967، وعاصمتها القدس المحتلة، وفقا للمبادرة العربية، والقرارات الأممية ذات الصلة، وعلى أساس حل الدولتين الذي يمثل السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم والشامل، وضرورة احترام إسرائيل للوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، والتي للأردن مسؤولية كبيرة إزاءها بموجب الوصاية الهاشمية التاريخية عليها.
الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية التي يذهب الوفد لتقديم المرافعة الشفوية بشأنها، يعلمها العالم ويشاهدها ويشهد عليها صباح مساء في مجزرة مفتوحة ممتدة على أهل قطاع غزة منذ ثلاثة عشر عاما، يخرجون من حرب ليدخلوا إلى أخرى، وإن كانت الأخيرة بعد السابع من أكتوبر الأشد قسوة مع عداد الشهداء المفتوح بعد الثلاثين ألفا، ونحو مئتي الف جريح، ومليون وستمئة الف مهجر محاصر في جنوب القطاع تعدهم إسرائيل بالمجازر والتهجير، مع القضاء على المستشفيات ومراكز الإيواء، وإغلاق بوابات الإغاثة والمساعدات.
والعالم الذي يجمع على حق الوصاية الهاشمية على القدس والمقدسات الاسلامية والمسيحية، يعلم أن القدس نقطة ارتكاز في خريطة السياسة الاردنية وأن الأردن وبتوجيهات مباشرة من جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين لم تتحول بوصلته يوما عن دعم صمود القدس والمقدسين، المسلمين والمسيحيين، وظل الرئة التي يتنفس منها في دعم سياسي دبلوماسي تصدى لنقل السفارة الأمريكية، ورفض مخططات صفقة القرن، وقدم الإسناد القانوني لأهالي حي الشيخ جراح المقدسي، وعمل على إعادة الاعمار للمسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة المشرفتين، والمنبر والمتحف، وأعلن الوقفيات المختلفة وإنشاء مجموعة من الكليات والمدارس الدينية ومراكز حفظ التراث، وترميم قبر المسيح عليه السلام لتظل القدس مدينةٌ مقدسة لسائر البشرية، ورمزاً للسلام والوئام.
مرافعة الأردن في لاهاي هي مرافعة الحكمة التي يجسدها جلالة الملك عبدالله الثاني الذي يقرأ المشهد ويستشرف المآلات التي تنتجها سياسة إسرائيل في تطرف المواقف ورفض العيش المشترك مع أصحاب الأرض والحق والعمل على احادية الدولة والسعي إلى إفراغ الفلسطينين من أرضهم، ومرافعة الاردن في لاهاي هي مرافعة الواجب الأخوي والانساني فالقضية قضيته والدعم الذي يقدمه لا ينتظر عليه شهادات الثناء والشكر، والمرافعة الاردنية تذكر العالم بمسؤولياته تجاه مهد السيد المسيح ومعراج سيدنا محمد عليهما السلام، وسيبقى الاردن الشوكة التي تقف في حلق اسرائيل لئلا تبتلع الحق الفلسطيني والعربي والاسلامي والمسيحي والانساني التاريخي والشرعي، ولن يتوانى لحظة في اداء رسالته السامية.