تعدّ قوات الاحتياط واحدة من ركائز الأمن القومي الإسرائيلي، وإحدى أهم القوى التي تستند إليها آلة الحرب الإسرائيلية، وتشكّل العمود الفقري لجيش الاحتلال في أوقات الطوارئ.
تعود جذور جيش الاحتياط الإسرائيلي إلى الأيام الأولى لقيام الدولة، وحالة الصدام بينها وبين العديد من الدول العربية المجاورة، واعتمدت الكيان الناشئ حديثا في المنطقة بشكل كبير على المتطوعين الذين قاتلوا في فترة النكبة.
أصبح هؤلاء المتطوعون بمرور الوقت -وفق دراسة للمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- نواة وجزءا أساسيا من الإستراتيجية العسكرية، وأصبحت هذه القوة محط إجماع يستثنى من الانتقاد، ولا يتأثر بالصراعات السياسية أو الحزبية داخل إسرائيل، حتى أطلق عليه "بقرة إسرائيل المقدسة".
وتنبني عقيدة الجيش الإسرائيلي على نظرية "أمة تحت السلاح" التي تعني التجنيد العام للرجال والنساء مع بعض الاستثناءات.
أنواع الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال: الخدمة الإلزامية: وهي تفرض على كل من يحمل الجنسية الإسرائيلية عند وصوله إلى سن 18 عاما (باستثناء معظم الفلسطينيين من مناطق 48، وكذلك بعض المتدينين اليهود)، يخدم الذكور مدة 32 شهرا، بينما تخدم النساء مدة عامين فقط. الخدمة العسكرية الثابتة: وهي تضم كل الإسرائيليين الذي يرون بأن الجيش هو مكان عملهم الثابت، وبدل من أن يُسرّحوا بعد انتهاء خدمتهم الإلزامية، تُثبّت مكانتهم مقاتلين عاملين، ويبلغ تعداد قوات جيش الاحتلال نحو 173 ألف عسكري. جيش الاحتياط: ويتكون من نحو 500 ألف إسرائيلي، وهم الذين سُرّحوا من الخدمة، بعد انتهاء فترة التجنيد الإلزامي. الخدمة الاحتياط: خدمة الاحتياط في إسرائيل تعدّ جزءا من العقيدة العسكرية الوطنية، ومنصوص عليها في القانون. يُستدعى جنود الاحتياط كل عام لتلقي التدريبات، وللحفاظ على جاهزيتهم العسكرية. إذا صادف أن هذه الدعوة أتت خلال خوض الحروب، فينخرطون في المعارك مباشرة. يحدد القانون فترة خدمة الاحتياطي السنوية بـ 54 يوما للجنود، و84 يوما للضباط بحد أقصى. ينص القانون على إمكانية استدعاء الاحتياطيين لمهام الأمن السريع، وحُدّدت بـ 25 يوما على الأكثر. يحق لوزير الدفاع زيادة تكرار الاستدعاء في حالات الطوارئ. يُشكل جيش الاحتياط الإسرائيلي قرابة 70% من مجموع المجندين. تتراوح أعمار معظم المجندين في هذه الفئة من الجيش بين 30-45 عاما. تصل نسبة الضباط إلى نحو 17% من قوات الاحتياط. تصل المكافئة لجنود الاحتياط إلى نحو 60 دولارا عن اليوم، وقد ترتفع إلى نحو 300 دولار للضباط، وتُعطى لهم لقاء تركهم عملهم وحياتهم الاجتماعية. في العدوان الإسرائيلي على غزة، استُدعي نحو 360 ألفا من هذه القوات، وهي المرة الأولى التي يُستدعى عدد كبيرمنذ حرب 1973. الاحتياط من حملة الجنسيات الأخرى: تجيز القوانين الإسرائيلية ازدواجية الجنسية للإسرائيليين، بل مما هو مثبت أن نسبة كبيرة من الإسرائيليين لديهم جنسية أخرى، وهو ما ينطبق بطبيعة الحال على قوات الاحتياط. خلال الحرب على غزة، استُدعي عشرات آلاف جنود الاحتياط من خارج إسرائيل، من الولايات المتحدة، ومن كثير من الدول الأوروبية، ودول أميركا اللاتينية. أثارت مشاركة أجانب يحملون الجنسية الإسرائيلية بالحرب على غزة، ردود فعل في فرنسا وجنوب أفريقيا وغيرهما. طالب النائب الفرنسي توماس بورتيه بفتح تحقيقات بشأن أكثر من 4000 فرنسي موجودين على الجبهة في غزة، ضمن الجيش الإسرائيلي. هددت السلطات في جنوب أفريقيا بتجريد من انخرطوا في حرب لا تدعمها البلاد من الجنسية. الجنود الوحيدون ينضم إلى الجيش من يسمون بـ"الجنود الوحيدين" الذين يتبرعون بالانضمام للجيش الإسرائيلي، دون أن تكون لهم عائلات في إسرائيل. تشير بيانات الجيش الإسرائيلي، إلى انضمام آلاف المهاجرين الجدد إلى الجيش الإسرائيلي كونهم جنودا وحيدين، أو جنودا لا يعيشون مع عائلاتهم، وهؤلاء يحصلون على الجنسية الإسرائيلية، بخلاف الجنود المرتزقة. ويعرف مركز الجنود الوحيدين على موقعه "الجندي الوحيد"، بأنه جندي في الجيش ليس لديه عائلة في إسرائيل تدعمه: وهو إما يكون مهاجرا جديدا، وإما متطوعا من الخارج، وإما يتيما وإما فردا من منزل مفكّك. هناك أكثر من 7000 جندي وحيد -حسب المركز- يخدمون حاليا في الجيش الإسرائيلي، نحو 45% منهم من المهاجرين الجدد، و50% من الإسرائيليين الأيتام، أو الذين يأتون من خلفيات اجتماعية واقتصادية منخفضة. غياب التجانس: تشكل التباينات بين مكونات قوات الاحتياط في الجيش الإسرائيلي مشكلة للسلطات، ويظهر عدم التجانس من خلال:
تفاوت الجاهزية للقتال. انحدارهم من خلفيات اجتماعية مختلفة. أعمار متباينة. وظائف مختلفة. لكل واحد حياته الخاصة. آثار سلبية يؤثر استدعاء قوة الاحتياط بشكل كبير في الحياة العامة والوضع الاقتصادي في إسرائيل، ومن الآثار السريعة، التي ظهرت خلال الحرب على غزة:
تبلغ التكلفة المباشرة لأيام الاحتياط للمجندين نحو مليار و300 ألف دولار شهريا. تكلفة فقدان أيام العمل لجنود الاحتياط تقدّر بنحو نصف مليار دولار شهريا. انخفاض سعر الشيكل، وضخ البنوك الإسرائيلية حوالي 30 مليار دولار من أجل استعادة عافية الاقتصاد. مصانع الأسلحة تعتمد بشكل كبير على مهندسين، وقوة عاملة في جيش الاحتياط. تغير الحياة بشكل كبير جدا، حيث يصبح الاقتصاد اقتصاد حرب، وتصبح للجيش أولوية في كل شيء سواء المواد الغذائية أو الوقود أو حتى المرور في الطرقات. هناك حالة استنفار عام، حتى الأطباء في المستشفيات يُجنّدون للخدمة، ويُبحث عن بدلاء لهم. يُفرض قانون الطوارئ ويخضع الجميع للتعليمات والقوانين العسكرية. تتأثر كل مناحي الحياة الاقتصادية، وتعاني السياحة من حالة ركود؛ لأن السياح يعزفون عن زيارة دولة في حالة حرب معلنة. ربما لو امتدت فترة الطوارئ إلى حد معين، يحدث هناك غلاء في الأسعار، ونقص في المواد الغذائية. الإسرائيلي مرفّه ولا يريد العيش حياة طوارئ وحرب تغيّر من سلوكياته اليومية. تذمر المواطنين قد يدفعهم للمطالبة بإسقاط حكومة نتنياهو التي لم توفر لهم الأمن، حسب وجهة نظرهم. المرتزقة: تلتزم إسرائيل الصمت بشأن أعداد المرتزقة الأجانب الذين يقاتلون في صفوف جيشها، لكنها تسمح لهم بالإدلاء بتصريحات صحفية لتشجيع الباحثين عن المال للانضمام إلى جيشها. آلاف من المرتزقة يقاتلون في صفوف الجيش الإسرائيلي من جنسيات مختلفة، وفق تقارير صحفية وسياسية. نشرت صحيفة "إلموندو" الإسبانية مقابلة مع مرتزق إسباني في الجيش الإسرائيلي، كان أبرز دليل على استعانة تل أبيب بجيش من المرتزقة، مقابل 3900 يورو في الأسبوع الواحد.