نتباهى بمظاهرات شعبنا الأردني التضامنية مع معاناة شعبنا في فلسطين، دعماً لتطلعاته نحو دحر الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال.
نتباهى بالانفعال على قاعدة الشراكة من قبل شعبنا على امتداد خارطة بلدنا من مدن الشمال وقراه حتى مدن الجنوب وبواديه، تعبيراً عما في داخلنا من أحاسيس الواجب والتقدير والانحياز أمام حجم معاناة أهالي غزة وبسالة مقاومتهم، وأمام ما يتعرض له أهالي الضفة الفلسطينية من قمع وأدوات قتل، أسوة بما يجري في مدن قطاع غزة، من وجع وألم وقتل وتدمير.
وحشية الاحتلال وأدواته، غير مسبوقة بهذه القسوة المتعمدة، المقصودة بالقتل والتصفية بشرياً، ومادياً، بهدف جعل مدن قطاع غزة غير قابلة للحياة، ودفع أهلها نحو الرحيل القسري والتشريد واللجوء.
الصراع في فلسطين، وعلى أرضها صراع يشمل مفردتين: الأرض والبشر، وقد نجح المشروع الاستعماري التوسعي إلى الآن احتلال كامل الأرض، ولكنه فشل استراتيجياً بطرد كل الشعب الفلسطيني وتشريده، إذ بقي على كامل خارطة فلسطين أكثر من سبعة ملايين عربي فلسطيني، وهذا يحول دون إقامة «دولة يهودية» على كامل أرض فلسطين، ولذلك يعملون على تحقيق الشرط الثاني لنجاح مشروعهم الاستعماري، بعد نجاحهم في التمكن من الشرط الأول وهو احتلال كامل أرض فلسطين، فيعملون على تحقيق الشرط الثاني وهو إنهاء الوجود البشري الديمغرافي الفلسطيني من أرض فلسطين، وجعلهم أقلية محدودة.
القتل والتدمير وجعل الأرض طاردة لأهلها وشعبها الفلسطيني، برنامج مقصود منهجي، بات مكشوفاً عارياً أمام العالم، مما يتطلب أوسع مظاهر التضامن والدعم والاسناد للشعب الفلسطيني، بهدف البقاء والصمود على أرضه، ومن هنا أهمية مظاهر تضامن شعبنا الأردني بكافة شرائحه مع صمود الفلسطينيين ونضالهم.
مظاهرات واحتجاجات الأردنيين الشعبية حارة مُتدفقة، تعكس وعي الأردنيين لأهمية حماية الأمن الوطني لبلدنا من محاولات المستعمرة إعادة رمي القضية الفلسطينية خارج وطنها إلى لبنان وسوريا والأردن كما حصل عام 1948.
الفريق الحاكم لدى المستعمرة المكون من تحالف أحزاب اليمين السياسي المتطرف، مع الأحزاب الدينية اليهودية المشددة، يعمل مرة أخرى على إعادة رمي القضية الفلسطينية من غزة إلى مصر ومن الضفة إلى الأردن، ولهذا لنا مصلحة وطنية وقومية ببقاء وصمود الفلسطينيين على أرضهم ومواصلة نضالهم حتى ينتزعوا حقوقهم الكاملة غير المنقوصة على أرض وطنهم فلسطين، حيث لا وطن لهم غيره.
لقد عمل الأردن على إحباط مشروع المستعمرة الهادف إلى إيجاد قيادة فلسطينية بديلة، وتنصيبها على قطاع غزة وفق المرحلة الثالثة لخطة يؤاف جالنت، وتم ذلك بمظاهر وتحركات بارزة متتالية بدأت بجولة رأس الدولة الأردنية جلالة الملك إلى أوروبا يوم 14 تشرين أول 2023، شملت لقاءات مع قادة بريطانيا وايطاليا والمانيا وفرنسا على التوالي: ريشي سوناك، وجورجيا ميلوني، وأولاف شولتز، والفرنسي ايمانويل ماكرون، وذلك على خلفية البيان الخماسي الذي أصدرته البلدان الأربعة مع الولايات المتحدة يوم 8 تشرين أول أكتوبر، حيث شكل هذا البيان غطاء سياسياً لحرب المستعمرة على قطاع غزة.
وفي يوم 7 تشرين الثاني نوفمبر 2023 زار جلالة الملك بروكسل وعقد لقاءات مع قيادات الاتحاد الأوروبي، وحلف شمال الأطلسي، رداً على صدور البيان الخماسي الثاني للبلدان الأوروبية مع واشنطن.
وقد سبق لقاء بروكسل عقد اجتماع وزاري في عمان يوم 4 تشرين الثاني نوفمبر 2023، بين وزراء خارجية البلدان العربية الخمسة : السعودية، مصر، قطر، الإمارات، والأردن، بحضور ومشاركة ممثل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير مع وزير الخارجية الأميركي بلينكن، تأكيداً نحو التوجه الأردني في التمثيل الفلسطيني.
وقد تُوجت هذه التوجهات الأردنية يوم 10 كانون الثاني يناير 2024، عقد القمة الثلاثية المصرية الفلسطينية الأردنية في العقبة، تأكيداً على مكانة الرئيس الفلسطيني كعنوان تمثيلي للشعب الفلسطيني ورفض محاولات المس بالمؤسسة الفلسطينية وعدم إيجاد قيادة بديلة، والتصدي للخطط الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين خارج وطنهم.