«المحكمة».. و«التهجير»!

مباشرة.. لا بد من الاشارة الى أن قرار المحكمة المتوقع باتخاذ «تدابير مؤقتة» بوقف الحرب ومنع تدهور الأوضاع في غزة، سيكبّل اسرائيل ويفشل مؤامرات ومشاريع التهجير أو الدفع نحوها لأنها حين ذاك ستعد دليلا من دلائل وإدانة اسرائيل بارتكاب جرائم «الإبادة الجماعية».
تركيز فريق الدفاع الاسرائيلي في مرافعته أمس أمام محكمة العدل الدولية كان منصبًّا في دفوعاته على رفض الدعوى التي قدمها الفريق القانوني لجنوب افريقيا أمس الاول، وكان (الفريق الاسرائيلي) مركّزا على عدم وجود ما يستوجب اتخاذ المحكمة قرارات لـ«تدابير مؤقتة».. وكان واضحا أن هذا الامر يشكّل رعبا مزعجا ومقلقا لاسرائيل التي كرّر محاموها يوم أمس التباكي والادعاء بأنها الضحية وأن ما قامت به انما هو دفاع عن النفس وأنها تخوض حربا ضد حماس وليس المدنيين في غزة وأنها تحترم القانون الدولي، وأن لا نية مبيتة للابادة الجماعية.. الخ ما جاء في دفوعات محاميها.
اسرائيل مرعوبة من احتمالية إصدار المحكمة قرارا مستعجلا لوقف أية خطوات قد تؤدي لحرب ابادة وتفاقم الاوضاع في قطاع غزة ولذلك اختارت فريقا قانونيا دوليا من المشهود لهم بالمهنية والخبرة العميقة في القانون الدولي، ولكن المشكلة تكمن -بحسب خبراء قانونيين- بأن ما يجري على أرض الواقع يضعف الموقف الاسرائيلي ولذلك كانت الدفوعات التي دفع بها محامو اسرائيل بالامس ضعيفة، لا لضعف المحامين، بل لأن الجرائم أعظم وأفظع من إمكانية الدفاع عنها، لذلك لجأ محامو الدفاع عن اسرائيل أمس الى أمور شكلية والى مبررات سردية بعيدة عن جوهر القضية التي قد تستغرق سنوات لاصدار حكم نهائي بشأنها.. لكن القلق كل القلق بأن تتخذ المحكمة قرارا بـ»تدابير مؤقتة» وتطالب اسرائيل بوقف فوري للحرب على غزة وايصال المساعدات الانسانية، أو أية قرارات ستشكل مرحلة جديدة تسعى اسرائيل والولايات المتحدة لتجاوزها بكل ما أوتيتا من ثقل سياسي وقدرة على الضغط وكل ذلك للاسباب التالية:
1 - من حيث الشكل فمثول اسرائيل امام محمكة العدل الدولية متهمة بأبشع جريمة دولية وهي «الابادة الجماعية» يعد تشويها لصورة اسرائيل لدى المجتمع الدولي كما تنظر إليه اسرائيل.
2 - من حيث المضمون فان اتهام اسرائيل بحد ذاته ومثولها أمام الهيئة القضائية الاعلى في الامم المتحدة واضطرارها للدفاع عن نفسها في هذه التهمة البشعة ولسنوات يمثل ضغطا دوليا كبيرا.
3 - الأخطر على اسرائيل احتمالية إصدار المحكمة خلال اسابيع قليلة قرارات باتخاذ «تدابير مؤقتة» لمنع تدهور الأوضاع في غزة خلال النظر في القضية ومن التدابير المؤقتة وقف الحرب وادخال المساعدات الانسانية، واتخاذ مثل هذه «التدابير المؤقتة» في حد ذاته يعد هزيمة «قانونية» مبدئية لاسرائيل وسيشكل ضغطا دوليا عليها في المرحلة الحالية والقادمة.
4 - في حال رفض اسرائيل الانصياع لتنفيذ التدابير المؤقتة فان ذلك سيكشفها أكثر أمام العالم بأنها دولة مارقة وخارجة على القانون الدولي وليس كما تدّعي بأنها دولة قانون.
5 - أي دولة ستقف مع اسرائيل بعد ذلك ستعد بمثابة الدولة الشريكة في جريمة الابادة الجماعية وهذا ما يقلق الولايات المتحدة ويجعلها تتخذ مواقف مسبقة ضد قرارات محكمة العدل الدولية.
6 -من المتوقع أن يتمّ اللجوء بعد قرار «التدابير المؤقتة» للتصويت بمجلس الامن الدولي.. واسرائيل بالتأكيد تراهن على «الفيتو الامريكي» لكن ذلك أيضا سيشكل ضغطا دوليا على صورة اسرائيل والولايات المتحدة أمام المجتمع الدولي.
7 - قد يتم اللجوء بعد ذلك الى الجمعية العمومية للامم المتحدة التي من المتوقع أن تصوّت مع قرارات محكمة العدل الدولية.
8 - قرارات محكمة العدل الدولية في حال تم اتخاذ «تدابير مؤقتة» ستشكل نصرا -ولو مؤقتا- للعدالة الدولية وللمدنيين الابرياء من الاطفال والنساء.
9 - قرارات محكمة العدل الدولية ستجعل كثيرا من دول العالم تغيّر مواقفها ضد اسرائيل استنادا الى قرارات « المحكمة».
10 - في حال اتخاذ قرار نهائي ضد اسرائيل فستكون ملزمة بتنفيذ الحكم والتعويض عمّا سببته من دمار وإبادة جماعية.
11 - حتى لو لم ترتدع اسرائيل بعد اتخاذ «تدابير مؤقتة» لكنّها ستكون مضطرة لتخفيف حدّة اجرامها طوال سير أعمال الدعوى المنظورة أمام المحكمة.
12- من أهم ما سينتج عن التدابير المؤقتة -كما ذكرت بداية المقال- أنها ستشّكل «صفعة» لاسرائيل ضد كل مؤامراتها ومخططات التهجير سواء في غزة أو الضفة، لذلك فالقضية مهمة للاردن ومصر وكل العرب وكل الشرفاء في العالم لأن القانون الدولي هو من سيقف هذه المرّة أمام دولة لا زالت تعتقد انها فوق جميع القوانين.
13 - احتمال أخير لم نتطرق اليه.. وهو (احتمالية/ ضعيفة) بعدم اتخاذ المحكمة قرارا بـ «تدابير مؤقتة»، وهذا ما ستعتبره اسرائيل تصريحا دوليا وفرصة لاستكمال ما تبقى من جريمة «الإبادة الجماعية».