اغتيال أبو جهاد خليل الوزير عام 1988، بعد انفجار الانتفاضة الشعبية الأولى عام 1987، لم تتوقف، بل ازدادت اشتعالاً واتساعاً، حتى فرضت على اسحق رابين الرضوخ لجزء من مصالح الشعب الفلسطيني، ولشروط منظمة التحرير، باتفاق أوسلو، ونقل العنوان والموضوع والقيادة الفلسطينية من منفى تونس التي روى أرضها أبو جهاد باستشهاده، نقلها بالعودة إلى فلسطين.
في الانتفاضة الثانية التي انفجرت أواخر عام 2000 بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد في شهر تموز 2000، بين الرئيس الراحل ياسر عرفات ويهود براك برعاية الرئيس كلينتون، اغتالوا ياسر عرفات وأحمد ياسين وأبو علي مصطفى، والعديد من قيادات فتح وحماس والشعبية والجهاد الإسلامي والديمقراطية، ومع ذلك لم تتوقف الانتفاضة حتى انتزعت من شارون قرار الرحيل من قطاع غزة بعد فكفكته للمستوطنات، وإزالته قواعد جيش الاحتلال عن قطاع غزة.
مبادرة 7 تشرين أول أكتوبر 2023، الكفاحية المميزة غير المسبوقة بالشكل والمحتوى، لن تتوقف استمرارية تداعياتها المتمثلة بفشل مخططات وعداء وهمجية وتطرف نتنياهو وفريقه من يوآف جالنت إلى حليفيه بن غفير وسموترتش، ونجاحهم باغتيال صالح العاروري، لن تتوقف مسيرة الصمود الفلسطيني، وانتفاضة الضفة الفلسطينية المتتابعة بتضحيات وعمليات كفاحية باسلة من الشباب والصبايا، في مواجهة قوات المستعمرة وقطعان عصابات المستوطنين، ولن تتوقف عناوين الإنجاز في قطاع غزة، وأن استمرار القتل المتعمد والقصف العشوائي الإجرامي، لن يكون إلا عنوان تضحية فلسطينية ثمناً للحرية والاستقلال، وستكون كل جرائم المستعمرة عنواناً للهزيمة والاندحار والتلاشي للاحتلال وآثاره ومظاهره، كما حصل مع كل تجارب الصراع بين المحتلين ومشاريعهم الاستعمارية، وبين مناضلي الحرية الذين نالوا تطلعاتهم باستقلال بلادهم وحرية شعوبهم.
لن تتوقف مسيرة العطاء والتضحية باغتيال صالح العاروري، وربما غيره يتعرض للاغتيال والمباغتة، فالشعب الذي دفع أثماناً باهظة من خيرة قياداته ومناضليه، ومن عموم شعبه من الرجال والنساء، ومن الأطفال، سيواصل العمل مهما غلا الثمن.
جرائم المستعمرة، شروط باتت مطلوبة لكشف حقيقته أمام المجتمع الدولي كله، وخاصة أمام شعوب صنعت حكوماتهم المستعمرة على أرض فلسطين، بدءاً من وعد بلفور البريطاني وإسهامات بريطانيا لفرض الأجواء والتسهيلات للأجانب ليستوطنوا ويحتلوا فلسطين ويحولوها إلى مستعمرة لهم، بطرد نصف شعبها خارج وطنه، واحتلال ثلثي وطن الفلسطينيين قبل أن يستكملوا احتلالهم لكامل خارطة فلسطين عام 1967.
الشعوب الأوروبية ايقظتها جرائم المستعمرة على معاناة الشعب الفلسطيني، بقتل عشرات الآلاف من أهالي قطاع غزة، وتدمير البيوت والبنايات وتخريب مؤسسات الخدمات من المستشفيات والمدارس ودور عبادة المسلمين والمسيحيين، والمخابز بهدف التجويع وفقدان حق الحياة ومتطلباتها، باتت هذه الجرائم أدوات وعي ووسائل يقظة للشعوب الأوروبية والأميركية لعلها تصحو من الغفلة والتضليل والديموغوجيا الصهيونية وأسيادها وأدواتها التي قدمت المستعمرة على أنها تواجه الكره والموت والرمي في البحر من قبل العرب والمسلمين والمسيحيين، وباتت الحقائق جلية واضحة، عبر جرائم المستعمرة المعبرة عن الكره للآخر، وممارستها للعنصرية والفاشية والقتل الجماعي المتعمد والتطهير العرقي الذي سبق ومارسوه بحق الشعب الفلسطيني عام 1948، وها هم يكررونه مرة أخرى أمام الوضوح المرأي بالصورة، ومشهد إجرام المجرم وهو يقتل ضحيته علناً مصحوبة بالتصريحات من نتنياهو وجالنت وبن غفير وسموترتش وغيرهم.