الاقتصاد في 2024.. «تحديات وبدائل»

حتى تكون توقعاتنا أقرب الى الواقع لما يمكن أن يكون عليه حال الاقتصاد الأردني في العام الجديد 2024 علينا أن نشير إلى: 

*أولا: أهم الأحداث «المستمرة والمرتقبة» ومدى تأثيرها على الاقتصاد الاردني: 

1 - استمرار حرب العدوان على غزة: التي لا يبدو في الافق القريب توقف لها، رغم كل مناشدات العالم بوقف فوري لهذه الحرب الاجرامية، والحال بعد نحو ثلاثة أشهر على هذه الحرب يشير لمزيد من قتل الابرياء من الاطفال والنساء والمدنيين، وتدمير شامل للبنية التحتية، ولهذه الحرب تداعيات اقتصادية مدمرة للاقتصادين (الاسرائيلي والفلسطيني) بالدرجة الاولى، وآثار سلبية على قطاعات اقتصادية في مقدمتها السياحة في الدول الاقرب لهذه الحرب وهي (لبنان-الأردن- ومصر)، وتداعيات على الاقتصادات الاقليمية والعالمية بعد تطور الأحداث في باب المندب.. الأمر الذي صار ينعكس على حركة الشحن والتجارة العالمية وسلاسل التوريد، وحركة الملاحة في قناة السويس، وينذر بخطر توسع الحرب لمناطق أخرى.. ولكل ذلك انعكاسات على أسعار النفط والتأمين والشحن والسلع.. وغيرها من الأمور التي تؤثر بالتأكيد على الاقتصاد الأردني.

2 - استمرار الحرب الروسية الاوكرانية : وانعكاساتها على الامدادات والحبوب والتجارة وغيرها من الأمور التي لا يتوقع - كما يبدو- حسمها خلال العام 2024. 

3 - الانتخابات الامريكية: نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فعام 2024 هو عام الانتخابات الامريكية، وبمثل هذا العام تتغير كثير من الأمور السياسية والاقتصادية على مستوى العالم، الذي يترقب نتائج تلك الانتخابات التي تغيّر بتوجّه سياسات معظم الدول لقوة تأثير الولايات المتحدة على كل ما يجري عالميا سياسيا واقتصاديا. 

4 - التضخم العالمي: معظم المؤشرات العالمية تقول إن معدلات التضخم في 2024 رغم انخفاضها -في أغلب الدول- عن عام 2023 الا انها لا زالت دون «النسب المستهدفة» وتحديدا في الولايات المتحدة، ولذلك ستبقى معدلات التضخم مؤثرة جدا باقتصادات العالم هذا العام، يضاف اليها ارتفاعات في نسب المديونية، وتخوف من ارتفاعات سلع رئيسة في مقدمتها (النفط -والقمح). 

* ثانيا: أردنيا.. أبرز التوقعات..وكيف نواجهها؟  

-أهم المستجدات والمتغيرات المتوقعة في 2024: 

1 - اذا كان اقتصادنا قد نجح بالتعافي من تداعيات جائحة كورونا 2020 وتداعيات الحرب الروسية الاوكرانية 2022 فهو اليوم يتأثر بتداعيات حرب العدوان على غزة وعلى القطاع السياحي تحديدا، وربما سيتأثر الاقتصاد أكثر نتيجة ما يجري في باب المندب، ولذلك لا بد من بدائل وسيناريوهات لمواجهة أية متغيرات أو تطورات في المشهد الاقليمي والعالمي. 

2 - عام 2024 هو عام «الانتخابات البرلمانية» في الأردن والمتوقعة صيف هذا العام، وهي الانتخابات الاولى التي ستجري وفقا لقانوني الانتخاب والاحزاب الجديدين، كثمرة من ثمرات منظومة الاصلاح السياسي، وللانتخابات تأثير ايجابي على الاقتصاد. 

3 - يبدأ الاقتصاد الاردني هذا العام باتفاقية جديدة مع صندوق النقد الدولي بقيمة (1.2 ملياردولار) للسنوات الاربع المقبلة (2024  - 2028) بعد أن نجح الاردن بالمراجعتين «السادسة « و»السابعة « خلال العام 2023. 

4 - الأردن يدخل العام بموازنة «واقعية»- ما لم تحدث أمور طارئة - تفترض تحقيق معدلات نمو بنسبة 2.7 % ونسبة تضخم في حدود 2.6 %، ليبقى التحدي الدائم في الموازنة : عجز الموازنة +ارتفاع المديونية + تحدي ارتفاع نسب الفقر والبطالة، ومن المتوقع مع تطور الأحداث في الاقليم أن تكون هناك تحديات بتحقيق فرضيات الموازنة وتحديدا في الايرادات مع تراجع قطاعات يعوّل عليها كثيرا كالسياحة والصادرات الصناعية مع ارتفاع كلف الشحن والتصدير.

5 - يفترض أن يكون العام 2024 «عام المشاريع الكبرى» محليا واقليميا..وفي مقدمتها: مشروع الناقل الوطني- ومشروع الربط الكهربائي مع العراق -ومشروع المنطقة الاقتصادية بين الاردن والعراق. 

6 -رغم تراجع الاعتماد على المنح الخارجية بموازنة 2024 (بإجمالي 724 مليون دينار)، الا أن الأردن يعتمد حتى العام 2029 على المساعدات الامريكية (599 مليون دينار في 2024)، ومن المفترض الاستفادة مما تم التوقيع عليه نهاية العام 2023 (3 مذكرات مع الامارات العربية الشقيقة بحجم استثمار 6 مليارات دينار)، وتوقيع حزمة مساعدات مع الاتحاد الاوروبي بحجم (902 مليون يورو). 

7 -من المفترض أن يكون عام 2024 عام تحقيق «النتائج الملموسة» لرؤية التحديث الاقتصادي وخارطة تطوير القطاع العام، على افتراض أن العام الاول 2023 كان عام تأسيس وتنظيم وانطلاقة للبرنامجين التنفيذيين لرؤيتي الاصلاح «الاقتصادي والاداري». 

8 - جذب الاستثمارات لن يكون أمرا سهلا في ظل الظروف الاقليمية، لذلك لا بد من جهد أكبر وتفعيل دور سفاراتنا في الخارج والمغتربين الاردنيين، وحوافز المستثمر المحلي. 

9 - يجب أن يكون عام 2024 عام (شراكة حقيقية مع القطاع الخاص) و(دعم لصناعاتنا الوطنية) وخصوصا القطاعات ذات الأولوية ومنها (السياحة والزراعة والصناعة والطاقة والتعدين والريادة والتكنولوجيا) وصولا لتحقيق انجازات تقربنا أكثر نحو (الاعتماد على الذات).

10 - العالم يتجه نحو الاقتصاد الأخضر، وعلينا أن نكون سبّاقين لتحقيق نتائج ملموسة تعوّض خسارات الاقتصاد في بعض القطاعات.