الجهود الأردنية بقيادته الهاشمية في دعم الأهل في فلسطين وغزَّة

الأمنُ نعمة عظيمة، من نعم الله على الإنسان؛ فبالأمن تُبنى الحضارات، وهو من أهم عوامل النهضة في أيِّ بلدٍ كان، وبدون الأمن والأمان لا يهنأ العيش، وبشكرِ الله على نعمة الأمن تدوم هذه النعمة، وتندفع النقم. والواجب عَلَيَّ شرعاً أولاً أن أذكّر بنعمة الأمن في بلدي الحبيب الغالي المملكة الأردنية الهاشمية التي يأمن فيها المواطن على نفسه وماله وولده، وجميع مصالحه وأموره، بفضلِ الله، وَمِنّةٍ مِنْهُ؛ فالواجب علينا جميعاً المحافظة على هذه النعمة العظيمة وأن نشكر الله تعالى عليها، وأن لا نُفرطَ، ولا نستهين بها.

 

ولقد شرع الله لنا على لسان أفضل خلقه محمد عليه الصلاة والسلام ، شريعة كاملة في نظامها وتنظيمها ومنها طاعة ولاة الأمر ؛ فلا بدَّ من ولي أمر، ولا بدَّ من طاعته، وإلا فسد الناس، ولقد حبى الله سبحانه وتعالى في المملكة الأردنية الهاشمية  بقيادة حكيمة رشيدة تهتم لأمور المسلمين جميعاً، ومن حقوقهم علينا المشروعة بالكتاب والسنة النبوية ؛ السمع والطاعة والامتثال لما أمروا به، وترك ما نهوا عنه في حدود الله وشرعه ، فمن يمشي في ذلك كان مُطيعاً لله ورسوله وَمثاباً على عمله، ومن خالف ذلك كان عاصياً لله ورسوله وآثماً بذلك. ومن طاعة ولاة الأمور التي أمرَ الله بها، أن يتمشَّى المؤمن على الأنظمة والتعليمات الصادرة عنهم إذا لم تخالف الشريعة، والتماس العذر لهم، وعدم الوقوع في الأعراض، ونشر المساوئ والأخطاء، والإعراض عن المحاسن والصواب.

 

أيها الأهل والعزوة:

إنَّ النصيحة الشرعية التي تقدم لولاة الأمر في بلدنا الأردن تُعني إعانتهم على مسؤوليتهم بالحق، وجمع الكلمة عليهم باللطف، وحُبَّ صلاحهم، ورشدهم وعدلهم، وجمع كلمتهم، وكراهية تفرُّقهم وتنازعهم، وبغضِ من خرجَ عليهم والدعاء لهم بالخير والصلاح، وإحسان الظنِّ بهم، وعدم تزيين الواقع بغير حقيقته كما يفعل البعض في هذه الأيام من تأجيج للعواطف، واتهامات غير صحيحة، ودعاوى باطلة.

كما أبين ثانياً أنه وفي مثل هذه الظروف الصعبة التي تعيش فيها فلسطين ومدينة غزة نرى دوماً ، وقد هبَّ ولاة الأمر في الأردن من جلالة الملك عبد الله الثاني ، وولي عهده  الأمين الأمير الحسين بن عبد الله الثاني ، والوزارات والمؤسسات العامة العاملة في الدولة ؛ فصدرت العديد من  الأوامر الملكية السامية والتوجيهات والقرارات  ؛ باتخاذ خطوات فورية وعاجله ؛ للتخفيف من آثار هذه الحرب على الأهل في فلسطين  وغزة، وتقديم العون والمساعدة من خلال تسيير الشاحنات التي تحمل المساعدات الإنسانية ، وارسال قوافل الإغاثة من خلال الهيئة الخيرية الهاشمية ، ودعم المستشفى الميداني الأردني الموجود في غزة بالمعدات الطبية وانزال المساعدات الطبية العاجلة بواسطة المظلات للمرَّة السادسة ، والتي شاركت في إحداها سمو الأميرة سلمى بنت عبد الله الثاني ؛ لتعزيز وتطوير إمكانيات المستشفى وزيادة قدرة الكوادر الطبية في تقديم خدمات صحية وعلاجية للتخفيف عن الأهل في قطاع غزة.

كما يأتي هذا الدعم إضافة لما تم تخصيصه سابقاً بتوجيه من جلالة الملك، من دعم لموازنة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بمبلغ 3 ملايين دينار أردني، وقوافل المساعدات التي يتم نقلها إلى مطار العريش عبر طائرات سلاح الجو الملكي الأردني لإغاثة وإسناد أهلنا في غزة والتي وصل ولي العهد الأردني، الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، إلى مطار العريش في مصر؛ للإشراف على عملية تجهيز وإرسال المستشفى الميداني الأردني الخاص/2 لجنوبي قطاع غزة بسعة 41 سريرًا.

ومنذ بداية هذه الأزمة لم تتوقف الجهود السياسية الدولية لجلالة الملك عبد الله الثاني فيما يتعلق بأحداث العدوان على غزة من خلال رفضه أي خطة لاحتلال إسرائيل أجزاءً من غزة مؤكدا أنَّ أصل الأزمة يتمثل في حرمان إسرائيل الفلسطينيين من حقوقهم المشروعة.

كما أنَّ الحراك السياسي الذي بدأه جلالة الملك عبد الله الثاني مع بدايات العدوان على غزة أنتج حراكا وفعلا أدَّى إلى تغير في البوصلة والمزاج الشعبي بالدول الغربية، فضلا عن استصدار قرار في مجلس الأمن الدولي للتأسيس لهدن إنسانية تسمح بإدخال مساعدات إنسانية لقطاع غزة.

بالإضافة إلى اللقاءات السياسية مع قادة الدول والمسؤولين فيها، والسعي الوصول إلى مرحلة تؤسس لوقف دائم لإطلاق النار في غزة، وما زالت الجهود مبذولة بفضل الله تعالى. أيها الشعب الأردني

إنَّ الوحدة الوطنية وسلامة الجبهة الداخلية في الأردن هي مصدر قوة الملك والحكومة والشعب أمام كل التحديات الداخلية والخارجية التي تتعرض لها المملكة الأردنية الهاشمية الآن والكل في مركب واحد، وحريٌ بنا أن نبتعد عن مظاهر التعدِّي في المجتمع، ونبذ دعوى التفرقة والتحريض التي يقوم بها بعض الغوغاء والمندسين والمارقين خلال هذه الحرب المسعورة

من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي على غزة؛ لأنها من دعاوي الجاهلية، فخطرها عظيم وجسيم على الأمة، وما استحكمت في أمة إلا تفككت وزالت، وما اختفت من أمة إلا سادت وسعدت.

وأن نحمد الله على ما حبى الأردن من نعمٍ يفتقدها الكثير من حولنا من البلاد، واليوم الكل مطالب شرعاً بحفظ هذه النعمة العظيمة، وعدم التفريط بها، والمحافظة على مكتسبات الوطن ومقدراته، فحبُّ الوطن من الإيمان، وأن ننظر إلى ما حولنا من قتل وسفك للدماء، وهتك للعروض وترويع وخطف حمى الله الأردن منه.

النصيحة النصيحة

من مظاهر الوحدة الوطنية المحافظة على المال العام والمرافق العامة وعدم التعرض لها بسوء، فهذه المرافق قوام الأمة، ورمز قوتها الاقتصادية والتنموية، والذي يجب أن يُؤخذ فيه على يد كل من تسول له نفسه العبث بمكتسبات ومقدرات الوطن.

إنَّ هذه المرافق بنيت لتقديم الخدمة للمواطنين، وتعطيل هذه الخدمة هو تعطيل لمصالح العباد، والإضرار بهم. وأن نرفض أي دعوة مشبوهة للاعتداء على إخواننا من الأجهزة الأمنية وإننا لندعو الله تعالى في الليل والنهار؛ لقوات الجيش العربي، والأمن العام، والدرك، وكافة الأجهزة الأمنية بالتسديد والتوفيق والتأييد، ونرى ذلك علينا واجباً شرعياً وطنياً. شكراً لنشامى الأمن العام ...شكراً للأجهزة الأمنية التي تسهر على أمننا، وراحتنا. أيها الشعب الأردني إنَّ التعبير عن الرأي الصادق ، والنصيحة لولاة الأمر في الأردن لا يكون إلا بما شرعه الشرع الحنيف ، وما رسمته القوانين النافذة  المعمول بها في الأردن في حقِّ التعبير عن الرأي ، أو الاعتصام السلمي ، وهو موجود بفضل الله ، وَيُعمل به من قيادتنا الهاشمية ، ، ويتم التسهيل له من المؤسسات المعنية ، ولا يكون إطلاقاً للغرائز المكبوتة، وممارسة للفوضى السلوكية من غير تحرّجٍ أو حياءٍ وتجاوز للمألوف من العادات والتقاليد، وفي الصحيح عن أنس بن مالك قال: (إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر، وإنّا كنّا لنعدّها على زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  من الموبقات.

أيها الكرام وأصحاب القلوب النبيلة

لعلَّ من أخطر ما يواجه الشعب الأردني حالياً في ظل هذه الأزمة المروعة التي تجتاح شعبنا في فلسطين وغزة هو خطر الإشاعة، ومروجي الإشاعة خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي؛ والاتهامات عن دور خفي للأردن في هذه الأزمة

فالواجب الشرعي يتحتم علينا أن نفوت الفرصة على كلِّ من تسول له نفسه المساس بأمن هذا البلد من خلال إثارة الفتن والنعرات الطائفية والعصبيات الإقليمية أو المذهبية.

والواجب الشرعي على الأردنيين أن يثقوا بعلمائهم ودعاتهم، وهيئاتهم العلمية الشرعية وأن يقفوا عند فتاويهم الشرعية في أمور دينهم، وألا ينظروا إلى الثرثارين، المتشدقين بالكلام المحدثين للفتن، الموقدين تحتها فليس العبرة بكثرة الكلام، ولا بفصاحة اللسان، ولا بسحر البيان، ولكن العبرة والميزان هو بقوة الحجة والبيان بالدليل من كتاب الله ومن سنة رسوله (عليه الصلاة والسلام). وما تقتضيه النصيحة الشرعية من وجوب العدل في القول والعمل، والعناية بمتابعة هديِّ النبي (عليه الصلاة والسلام) في إسداء النصح لكل مسلم بما يحقق المصلحة، ويدرأ المفسدة ويجمع القلوب، ويلم الشمل ويوحد الصفوف عملاً بقوله تعالى:} وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ {. وقوله (عليه الصلاة والسلام): (إنَّ الله يرضى لكم ثلاثاً: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله لكم). حمى الله الأردن، وشعبه، وحمى الله قيادتنا الهاشمية المظفرة بقيادة الملك عبد الله الثاني وولي عهده الأمين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

بقلم : الدكتور منذر عبد الكريم القضاة

استاذ القانون المدني المشارك – جامعة عمان العربية – الأردن