لا مهنية قد تعني لا وطنية

لا صبحهم الله ولا مساهم بخير، وقبل أن أقول لكم من هم، دعوني أحيي كل الآخرين، الشجعان؛ الصابرين المحتسبين، الذين يجودون بأرواحهم لنقل الحقيقة، وللقيام بدورهم المطلوب كإعلام وطني معني بالحقيقة والخير، ويقاتل في صف الأمة وصف الإنسانية والعدالة، ويفعلون كل ذلك ولا تجافيهم المهنية والوطنية والمشاعر والواجبات القومية والشرعية ..فكلنا صف واحد في مواجهة الطغيان والظلم، وفضح حقيقة الجريمة الكونية التي تجري في فلسطين العربية، منذ أكثر من 100 عام.. فكل التقدير والاحترام والتحية للزملاء والزميلات الصحفيين، ولمؤسساتهم الإعلامية المهنية الصامدة، سواء على الجبهة في غزة، أو على الجبهة في الأردن.
قبل أن نتحدث عن أية جهة؛ شكرا وتقديرا وتفهما، تعلمون أن كل العالم الحر والعالم الذي لا زال ينبض بالعدالة والحق والضمير، كلهم يقدمون التحية صباحا ومساء للشعب الفلسطيني البطل، ويدعمونه بما يستطيعون، فلا مزايدات على بطولات هذا الشعب، وصموده المستحيل على امتداد فصول «المأساة» الفلسطينية.. لكن بعضنا ينسى، أو تقوده مشاعر الغضب إلى مستويات يصعب معها الركون لا لرأيه ولا لعمله، فهو غاضب، ومن حق الجميع أن يغضب من حجم بشاعة الجرائم، ومن حجم المؤامرة، ومن نجاسة وخبث المخطط الذي رسمته قوى الشر لعالمنا وللشعب الفلسطيني..
غير جديرين بالتحية ولا الاحترام، ولا الذكر حتى، من ينقبون بين كل سيول هذه الأخبار المأساوية القادمة من غزة الأسطورية، ليجدوا خبرا بل تصريحا من شخص حزين مبتلى، فقد كل الأمن وربما الحياة والأمل، ثم يعتبرونه تقريرا وخبرا جديرا بالبث والتعليق، في وقت غارق بالتحدي وبالحساسية، ويتطلب من كل وسائل الإعلام، أن تقدم عكس مضامين ما تقدمه مثل هذه التصريحات، التي تجافي التاريخ والحقائق، وتتنكر لجهود المملكة الأردنية الهاشمية، والقوات المسلحة الأردنية «الجيش العربي»، ولست أدري كيف يعتقد أحدهم أن ثمة أردنيا واحدا، سواء أكان في أي وظيفة أو موقع مسؤولية أم مواطنا أردنيا يقيم في أي مكان في الكون، كيف يعتقد أو يتصور بأنه لا يشعر بما يشعر به الأردنيون جميعا تجاه شعب فلسطين البطل!!..
بعض الفيديوهات والتقارير المفبركة أو النادرة، أو الصادرة عن أشخاص أكثر من غاضبين من تقصير العالم معهم، مثل هذه المواقف والفيديوهات، قد لا نقف عندها كثيرا، ونلتمس العذر لمن يقدمها للناس شارحا لهم حجم المأساة التي تجري في غزة منذ أكثر من شهرين ونصف، لكن لا يمكن أن أتفهم لا رأي ولا غرض مؤسسة اعلامية اردنية، تسلط الضوء على خبر أو فيديو من هذا النوع، لا يتفق مع 1 بالمليون مما تقوم به الدولة الأردنية ملكا وجيشا وحكومة وشعبا، فهل ثمة في العالم من ينكر أو يشكك بجهود ومصداقية ونظافة موقف الأردن أو المؤسسات التابعة للدولة الأردنية في سعيها الموصول لدعم الشعب الفلسطيني؟ كيف يستطيع هؤلاء وبعد كل هذا الذي يحدث، كيف يمكنهم التفريق أو التشكيك بجهود الأردن وبنظافة موقفه..!!.
قامت تلك الشاشة ببث فيديو لمواطنة فلسطينية من غزة، تقول بأن المستشفى الميداني الأردني لم يستقبلها، وبغض النظر عن حقيقة الموقف أم لا، فنحن نعذر كل الفلسطينيين الصامدين في غزة، الذين يتعرضون لأبشع جريمة تحت سمع وبصر العالم المتحضر، ولا يجدون يدا تمتد لتحميهم من حرب الإبادة، فلهم كل الحق بأن يقولوا ما يقولون، فهم أبطال، أما الذين لا حق لهم في التنقيب عن مثل هذه المشاعر والاستنتاجات النادرة، وترويجها، فهم الذين يعانون مشكلة مهنية ووطنية وتاريخية، فكيف يقومون ببث مثل هذا الفيديو أو التصريح، الذي يجافي كل الحقائق، ولو أفردت مقالة لذكر الأرقام والجهود التي يبذلها الجيش الأردني، من خلال «أكثر من مستشفى عسكري ميداني في غزة والضفة الغربية»، لما اتسعت المقالة، وبإمكان أي زميل أو شخص عادي أن يكتب ما شاء استفسارا عن المستشفى الميداني الأردني في غزة، وعبر أي محرك بحث على الانترنت، ويقرأ آلاف الأخبار والأرقام والإحصائيات والتصريحات الإعلامية المختلفة، حول جهود الجنود الأردنيين هناك، فهل يمكن لنا أن نبرر موقف ورأي من ينشر مثل هذه الأخبار عبر «شاشته»، وماذا يمكننا أن نفهم من مثل هذه المواقف «الغريبة» حتى لا نقول «الساقطة» من أية حسابات..
ارتقوا قليلا فثمة الكثير لا تفهمونه ولا تعرفونه عن حجم المعاناة السياسية الأردنية، وحرصه على تقديم كل الممكن لمساعدة الأشقاء في فلسطين..نصرهم الله وحماهم، أينما كانوا، أعني الفلسطينيين وكل أردني، فالنار لا تحرق الشعوب الصامدة بناء على هوية.. وكلنا أمام جريمة إبادة سيذكرها التاريخ حتى نهاية الكون.