في ميلاد السيد المسيح ..

ميلاد السيّد المسيح ، هو ميلاد للقيم الروحيّة والإيمانيّة الّتي حملها وعبّر عنها بسلوكه وتعاليمه ، والّتي عانى وتألم وقدَّم التّضحيات لأجلها ، وفي ذكرى مولد السيد المسيح ــ عليه السلام - ، لابد من خطاب يخاطب الشعوب عموماً ويصحح ما عُبّئوا به من ضلال ، فالأديان الإنسانية تتسم بقيم العدل والتسامح والسلام والمحبة ، تُحرم الظلم والقهر والعدوان ، والرسالات السماوية جاءت رسالات سلام ومحبة وتسامح وعدل وحق وخير ، فكانت وستبقى دوماً ليست لغة الحروب والدمار والموت والعنف، بل لغة الأخوة الإنسانية والرحمة .

 

 

 

هذا العام ، فلسطين حزينة؛ ففي ساحة المهد، حيث كنيسة ميلاد المسيح، غابت الشجرة العملاقة التي كانت تشع بنورها في أجواء المكان في السنوات الماضية؛ وفي تلك الساحة، التي تكون عادة مزدحمة بالسياح والحجاج من كل أرجاء العالم، ظل كل شيء ساكناً ومغلّفاً بالحزن ، فالحرب الهمجية على غزة يدفع فاتورتها الأبرياء والمدنيون ، وكل الطوائف المسيحية تصلي من أجل غزة ، ومن أجل سلام مبني على العدالة التي تعني إعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه لكي يعيش في أمن وسلام في وطنه وفي أرضه المقدسة .

 

هذا اليوم وفي عيد الميلاد المجيد ، فأنّنا نعيش واحدة من أفظع الكوارث الإنسانيّة في أرض الميلاد؛ فلقد أدى عنف هذه الحرب خلال مدة الشّهرين ونصف إلى معاناة لا يمكن تصوّرها لملايين الأشخاص في الأرض المقدّسة ، لذ تسببت فظائع هذه الحرب بالبؤس والحزن لعائلات لا تحصى، مستدعية صرخات تعاطف مؤلمة من جميع أنحاء الأرض  للذين يعيشون في وقع هذه الظروف الصعبة .

 

الحرب المستعرة القائمة على قطاع غزة تحصد الفلسطينيين من مختلف اطيافهم ولا تفرق في الدين والعرق والمنبع والمذهب ، فالفلسطينيون يعيشون على مر العصور على أرضهم لا يميّزون تاريخياً بين مسيحي ومسلم، فهم دوماً شعب واحد، ولا ينظرون إلى التصنيفات الدينية. فما يتعرض له المسلمون في غزة وكل فلسطين، يتعرض له المسيحيون فالكيان الإسرائيلي لا يفرق في عدوانه بين وبين ، فقصف الكنائس في غزة مثلما قصفت المساجد؛ وقتلت المسلمين وقتلت المسيحيين؛ هي لا تتعامل على أساس الديانة، وإنما على أساس أنك فلسطيني ويجب قتلك .

 

بقي ان اقول ان على كل شعوب العالم أن يعملوا من أجل وقف هذه الحرب ، فأهل غزة هم بشر خلقهم الله كما خلق كل إنسان في هذا العالم؛ وهم يستحقون أن يعيشوا حياة أفضل؛ وهم لا يستحقون أن يعاملوا بهذه القسوة وهذا الظلم .

 

وأخيرا فالرسالة في هذه المناسبة هي أن تعيد  هذه الذكرى تعزيز قيم المحبّة والرّحمة والعدل ، في مواجهة منطق الحقد والعداوة والغلبة ، الّذي بات يتحكّم بالكثيرين ممن ينتسبون إلى الأديان السماويّة .

فاليكم أيها  الأحبة في الوطن والمهجر

  ودعواتكم ان يرفع الله الضيم عن أهل غزة

كل عام وقلوبكم تحمل فرحاُ لا ينتهي

كل عام وامتنا المجيدة بالف خير

والله ولي الصابرين