شباب الوطن .. آمال وطموحات .. وتحديات

بقلم : فيصل تايه

 

 

 

الغيوم الملبدة المُثقلة التي تحمل الغيث تشعر بالحرج حين لا تجد أرضاً تمتصّ مزونها وتُشعرها بالامتنان لسُقيا عروقها الضاربة في صلف الجفاف ، والأرض البور القاحلة لا يُجدي معها شيء طالما تقتاتُ أحلام خنوعها ، فلا هي تسعد بزهوها ، ولا هي ملاذ لذي حاجةٍ ووعد امل بخير قادم .

 

وكذلك آبناؤنا الشباب ، هم كالروح ، إن لم تدرك أهميّة فقه قانون احتياجاتها ومدى استجابتها للآمال القادمة من عميق أحلامها بالمستقبل المشرق ، وتعي الدور الذي يجب أن تكون عليه ، وتزهو منابت الابداع والتجليات التي إن لم يدرك أصحابها قيمتها الفعليّة فإنهم سرعان ما يفقدون حلقة الوصل بين الخير الآتي والأمل الذاهب.

 

كم اشعر بالقهر وانا ارى ابناءنا الشباب ينامون على قلقٍ من الغد الذي يحمل في ثناياه الخذلان ، ويبتسمون في صباحهم خوفاً من تكالب الهموم على يومهم ، ويمسون على حذرٍ من ليلٍ يحتملون فيه مكاشفاتٍ جديدة تحمل ما لا يبهج أرواحهم في تالي ساعاته! ، لسعيهم الحثيث وراء البحث عن منابت رزقهم الذي يدفعهم لكل هذا الوجل اليوميّ المزريّ باعتبار أن الرزق أضحى وأمسى رهناً لحربٍ مستعرة بينهم وبين من يتربعون على مصائر آمالهم الدنيوية! ، فإحباطات الواقع ونيلهم الرزق من بين أنياب الذئاب صار حدثاً مأساوياً يدفعون لأجله كل جهدهم وما تبقّى من رنين أرواحهم وصداها في وطنٍ يضجّ بالكثير من الأصوات الرديئة.

 

فعلا ، فإنني أشعر بالحزن وأنا أرى شباب الوطن وصلوا الى هذا الحد  من الاحباط من طلب الرزق حتى وهم بانتظار دورهم في عمل يسد رمق العيش من يد أو إيماءة رأس ليمضون لمستقبلهم  الشاق بكل بهجةٍ ورضا مهما عانت أرواحهم وأجسادهم .. طالما وهم يعودون ببضع فُتات من مالٍ لا يرقى لتحقيق حلمٍ بسيط لبيت متواضع  أو زوجةٍ تحلم بزهو إنسانيتها أو الحفاظ على بيتٍ من الانهيار بأية لحظة تذمّرلا تُحمد عُقباها.

 

بنظري ، ليس هناك مايدعو لكل هذا البؤس ، فكل ما في الأمر أن يتنازل الأفاكون اصحاب رؤس الاموال عن بعض استحواذهم لينال الشرفاء حقهم المشروع ، ولن ينقص من رصيدهم شيء يُذكر إن هم شعروا بأدنى إحساس بالمسؤولية الأخلاقية تجاه مجتمعٍ تنخر فيه الطبقية والمماحكات المادية ، ولنبحث عن الحقيقة المغيبة التي تثنيها عن تحقيق أحلام شبابنا المشروعة ، وما ينتج عنها من محاولات استئساد للحصول على قيمةٍ إنسانية عالية تواكب المدد الآتي بدلاً من استمراء القهر وإعادة إنتاج الفشل وتصديره باعتباره الحل الوحيد للخروج من عنق زجاجة الأوهام والاحلام .

والله من وراء القصد