بحضورالعديد من زعماء المنطقة وضمن مشاركته مؤتمر" القدس تنمية وصمود"في القاهرة

الرئيس اليمني الأسبق علي ناصر: نأمُلُ أن تتكلّلَ جهودُ الجميعِ لعودةِ سوريا سليمةً ومعافاةً واستعادةِ لبنانَ لمكانتِهِ ودورِهْ، وعودةِ العراقِ إلى موقعِهِ التاريخي المهم 

شارك الرئيس اليمني الأسبق علي ناصر محمد رئيس مجموعة السلام العربي صباح الأحد الماضي في فعاليات مؤتمر "القدس صمود وتنمية" رفيع المستوى وذلك في القاعة الكبرى بجامعة الدول العربية في القاهرة. وذلك بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، والرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين، وجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية، والسيد أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية، بالإضافة الى عدد من الوفود رفيعة المستوى من الدول الأعضاء في الجامعة.
كما شارك كل من:
-معالي السيد أنطونيوغوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة (بكلمة مسجلة عبر الفيديو)
-معالي حسين إبراهيم طه الأمين العام لمظمة التعاون الإسلامي
-معالي جيهون بيراموف وزير خارجية جمهورية أذربيجان رئيس حركة عدم الانحياز.
وأكد جميع الحضورفي كلماتهم على ضرورة دعم القضية الفلسطينية حتى قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الذي عقد المؤتمر بشأنها وعبر الرئيس علي ناصر في كلمته على أهمية دعم القدس ضد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني وعلى الجهد الذي تبذله مجموعة السلام العربي لدعم القدس والقضية الفلسطينية،
 وفيما يلي نص الكلمة التي القاها الرئيس ناصر في المؤتمر 
معالي الأمينِ العامّ لجامعةِ الدُّوَلِ العربيةْ الأستاذ أحمد أبو الغَيط المحترَمْ
أصحابَ المعالي والسعادةْ، السيداتُ والسادةُ الحضورْ مَعْ حِفظِ الألقابِ والمقاماتْ
اِسمحوا لِيَ أنْ أُحيِّيَكُمْ بِاسمِيَ وبِاسمِ مجموعةِ السلامِ العربِيّْ، وأنقُلَ لكُمْ تمنياتِهِم بِنجاحِ أعمالِ هذا المؤتمرِ المُهمِّ الذي ينعقدُ في هذهِ الظروفِ الحَرِجةِ التي تمرُّ بها أمتُّنا العربيةْ، وخصوصًا بعدَ سلسلةِ الانتهاكات "الإسرائيليةِ" بحقِّ الشعبِ العربيِّ الفَلسطينيّْ، وآخِرُها ما حصلَ من جرائِمَ في جنينَ والقدسِ، والانتهاكاتُ السافرةُ والصارخةُ لأبسطِ الحقوقِ الإنسانيةْ. اسمحوا لي وبهذِهِ المناسبةِ أوَدُّ الإشارةَ إلى كارثةِ الزِّلزالِ الذي ضربَ سوريا الشقيقةْ، وأودى بحياةِ أكثرَ مِنْ خمسةِ آلافِ قتيلْ، وأكثرَ مِنْ ذلكَ مِنَ الجرحى، فَضلاً عَنِ الدمارِ الكبير في أربعِ مُحافَظاتٍ سوريَّةْ، الأمرُ الذي يستوجبُ منّا جميعًا تقديمَ الإغاثةِ الضروريةِ العاجلةِ لتمكينِ سورية، أحدِ الأعضاءِ السبعةِ المؤسسين لبيتِ العربْ، مِنْ تَجاوُزِ مِحنتِها الحاليةِ التي بدأَتْ منذُ ما يزيدُ على اثنَيْ عَشَرَ عامًا.
أيُّها الحضورُ الكريمْ 
مُنذُ عقودٍ، والرؤيةُ "الإسرائيليةُ" تسعى إلى تزويرِ التاريخْ ولا سيّما بشأنِ القدسِ المُحتلّةْ، حيثُ أَحكَمَتْ "إسرائيلُ" سيطرتَها عليها بعدَ عُدوانِ الخامسِ مِنْ حَزيران/ يونيو 1967، وقامَتْ بِضمِّها إليها بَعدَ احتلالِها بقرارٍ مِنَ الكنيست في عامِ 1980، خِلافًا لِقواعدِ القانونِ الدَّولِيِّ ولِقراراتِ مَجلسِ الأمنِ الدَّولِيِّ وميثاقِ الأممِ المتحدة. وتستمرُّ الحَفْرِيّاتُ "الإسرائيليةُ" فيِ مدينةِ القدسِ القديمةِ وأسوارِها، وذلكَ لإثباتِ "تاريخيَّتِها اليهوديةِ" دونَ جدوى، وفي استفزازٍ لا نظيرَ له للرأيِ العامِّ الدَّولِيِّ في كُلِّ مكان.
في 15 نيسان/ أبريل 2021 اتّخذتْ منظمةُ الأممِ المتحدةِ للتربيةِ والعلمِ والثقافةِ (اليونيسكو) قرارًا بالإجماعِ بتسميةِ المسجدِ الأقصى المبارَك/ الحرمَ القُدسِيَّ الشريفَ كمترادِفَينِ لمعنىً واحدْ، وقد أعادَ هذا القرارُ التاريخيُّ الأمميُّ موقفَ المجتمعِ الدَّولِيِّ مِنْ محاولاتِ تغييرِ طابَعِ المدينةِ المقدَّسْ، ووضعِها القانونيّْ، وبناءاً على هذا القرارْ، تعتبر جميعَ الإجراءاتِ التي اتخذَتْها "إسرائيلُ" لاغية وباطِلةْ، وطالبَ القرارُ اسرائيل بالتوقّفِ عَنِ انتهاكاتِها وإجراءاتِها الأُحادِيَّةْ.
جديرٌ بِالذِّكرِ أنَّ اليونيسكو سبقَ لها أنِ اتَّخذَتْ تسعةَ عَشَرَ قرارًا استهدفَتْ منع تغييرَ معالِمِ مدينةِ القدسِ، والتصرُّفَ بتُراثِها الذي هو تُراثٌ يخصُّ البشريةَ جَمعاءْ.
ومِنْ أهمِّ هذهِ القراراتْ، القرارُ التاريخيُّ ذو الرقمِ 2234، والصادرُ في عامِ 2016، والذي أدرجَتْ فيهِ خمسةً وخمسينَ موقعًا أثريًّا على قائمةِ المواقِعِ المُعَرَّضَةِ للخطرْ، ومنها البلدةُ القديمةُ للقُدسْ، وأسوارُها.
وكانَتْ لجنةُ التراثِ العالميِّ هي الأُخرى قد أصدرَتْ عَشَرَةَ قراراتٍ خاصةٍ بالقُدسِ عبّرتْ فيها عن موقِفِها المُعارِضِ لممارَساتِ السُّلُطاتِ "الإسرائيليةِ" بشأنِ أعمالِ الحفرِ وإقامةِ الأنفاقِ والأعمالِ غيرِ القانونيةِ والمُدانةِ في القُدسِ الشرقيةْ، والتي تتعارضُ مَعَ اتفاقياتِ جنيف الأربعِ لِعامِ 1949 وقواعدِ القانونِ الدَّوليّ.
وعلى الرُّغمِ مِنْ إدانةِ المُجتمعِ الدَّولِيِّ واكتشافِ زَيفِ الروايةِ "الإسرائيليةْ"، إلّا أنَّ السُّلُطاتِ "الإسرائيليةَ" مستمرّةٌ في تصعيدِ اعتداءاتِها على المسجدِ الأقصى، سواءٌ بالسماحِ للمتطرفينَ بدخولِهْ أو تعريضِ المُصلّينَ لأعمالِ اعتداءٍ واستفزازٍ مستَمرَّين.
أيتُها السيداتْ... أيُّها السادةْ
إنَّ انعقادَ مؤتمَرِنا هذا الذي جاءَ تنفيذًا لقرارِ القِمَّةِ العربيةِ المنعقدةِ في الجزائرِ في الثاني من تشرينَ الثاني/ نوفمبر 2022، مناسَبةٌ مهمةٌ لمناقشةِ وَضعِ استراتيجيةٍ عربيةٍ موحَّدةْ، تأخذُ بالاعتبارِ التطوراتِ آنفةَ الذِّكرْ، مِنْ أجلِ حمايةِ القُدسِ ودَعمِ سُكّانِها للصمودْ، سواءٌ على المستوى السياسيِّ والقانونيِّ، أو على مستوى الدَّعمِ الاقتصاديِّ والماديّْ، وفي إطارِ خُطّةٍ متدرِّجةٍ لتنميةِ القدسِ وجَلبِ استثماراتٍ عربيةٍ لها لدعمِ أهلِنا وتمكينِهِم من مواجَهَةِ التحديّاتِ الصهيونيةِ الهادفةِ إلى طَمسِ مَعالِمِ المدينةِ وتغييرِ وَجْهِها العربيِّ وإجلاءِ سُكّانِها مِن المسلمينَ والمسيحيينْ، وبالتالي تفريغِها من عناصرِ قوّتِها الأساسية. 
ويحتاجُ ذلكَ إلى جُهدٍ عربيٍّ مُوحَّدْ، وتعاوُنٍ وتنسيقٍ بينَ الحكوماتِ العربيةِ والمنظَّماتِ العربيةِ غيرِ الحكوميةْ، وكذلك إلى تعاونٍ وتنسيقٍ في إطارِ منظمةِ التعاونِ الإسلاميِّ والاتحادِ الأفريقيِّ وغيرِهما مِنَ المُنظماتِ الإقليميةِ والدوليةْ. ويُمكِنُ جامعةَ الدولِ العربيةِ أن تلعبَ دورًا بارزًا على هذا الصعيدْ، لما تملِكُهُ مِنْ تجربةٍ وخِبرةٍ ورؤيةٍ سليمةْ، سواءٌ على المُستوى الدَّوليِّ والدبلوماسيّْ، أو في إطارِ عملٍ إعلاميٍّ واقتصاديٍّ يأخذُ مداهُ في التضامُنِ والدَّعمِ لِحمايةِ القُدسِ والحِفاظِ عليها كمدينةً مفتوحةْ، وعاصمةُ لدولةِ فلسطين.
فالجُهدُ العربيُّ المشترَكُ والمُوَحَّدُ يحتاجُ إلى وَضعِ قراراتِ المُنظماتِ الدَّوليةْ، بما فيها قراراتُ مجلِسِ الأمنِ الدَّولِيِّ ومنظمةِ اليونيسكو، موضِعَ التطبيقْ، وإلى أن تأخذَ طريقَها إلى التنفيذِ العمَلِيّْ، بحيثُ تكونَ رادعًا لِعَدَمِ المساسِ بصميمِ حقوقِ المسلمينَ والمسيحيينَ الدينيةِ والتاريخيةِ والأثريةِ والثقافيةِ والرمزيةْ، وهي تمتدُّ مِنَ القُدسِ إلى الجليلِ وبيتَ لحمْ، وغيرِها مِنَ المدنِ الفلسطينية.
أيُّها الحضورُ الكرام
إننا في مجموعةِ السلامِ العربيِّ التي تأسستْ منذُ ما يزيدُ على أربعِ سنواتْ، وعقدْنا اجتماعَنا التأسيسيَّ هنا في "بيتِ العرب" في 13-14 أكتوبر 2022 برعايةِ الأمينِ العامِّ للجامعةِ العربيةْ، الأستاذ أحمد أبو الغيط، نسعى لإطفاءِ بُؤَرِ النزاعاتِ العربيةِ – العربية، وفي كلِّ بلدٍ عربيِّ، ونسعى إلى حلِّ الخلافاتِ بالطُّرُقِ السِّلميَّةِ وعبرَ الحوارْ، وقُمْنا بعددٍ مِنَ المبادراتِ والوَساطاتِ والاتصالاتْ، مناشِدينَ أطرافَ النزاعِ وَجِهاتِ الصِّراعِ اللّجوءَ إلى حلولٍ سياسيةْ، سواءٌ على الصعيدِ الفلسطينيّْ، وذلكَ عبرَ التدخّلِ المباشَرِ بين حماس وفتح، بهدفِ توحيدِ الصفِّ والكلمةِ لتعزيزِ منظمةِ التحريرِ الفلسطينيةِ واتّخاذِ موقفٍ موحَّدْ، أو على الصعيدِ اليمنيّْ، بالتواصُلِ مَعْ أطرافِ المعادلةِ الإقليميةِ والقوى الداخليةِ المتنازِعةْ، ومناشَدةِ الجميعِ لوقفِ الحربِ والاحتكامِ إلى لغةِ الحوارِ بدلًا مِنَ السلاحِ لحمايةِ وَحدةِ اليمنِ أرضًا وشعبًا.
كذلك نأمُلُ أن تتكلّلَ جهودُ الجميعِ لعودةِ سوريا سليمةً ومعافاةً إلى موقِعِها الطبيعيِّ ودورِها المعهودْ، واستعادةِ لبنانَ لمكانتِهِ ودورِهْ، وعودةِ العراقِ إلى موقعِهِ التاريخيِّ المُهمّ.
إننا في مجموعةِ السلامِ العربيّْ، مستعدّونَ للعملِ مَعْ جميعِ الفرقاءِ للوصولِ إلى إقامةِ السلامِ العادلِ والمنشودْ، ونمدُّ أيديَنا للعملِ مَعَ الحكوماتِ والمؤسَّساتِ المدنيةِ وغيرِ الحكوميةِ لنشرِ ثقافةِ السلامِ وتشييدِهِ وإدامتِهْ، وندعو إلى تعظيمِ نقاطِ الالتقاءِ وتقليصِ نقاطِ الخلافْ، بالتعاونِ معَ الجامعةِ العربيةْ، وصولًا إلى تعاونٍ عربيٍّ فعّالْ، سواءٌ لاستعادةِ الحقوقِ المسلوبة، أو لتحقيقِ التنميةِ المستدامةِ بجميعِ جوانبِها، في ظلِّ سلامٍ عادلٍ ووطيدْ، يبدأُ بدولةٍ فلسطينيةٍ عاصمتُها القدسُ الشريف. 
أشكرُكُم على إصغائكِمْ مع تكرارِ شكرِنا الجزيلِ لجامعةِ الدُّولِ العربيةِ وأمينِها العامّ، معالي الأستاذ أحمد أبو الغيط.
والسلامُ عليكم.