هل ستأكل الـID4 رواتب الأردنيين

عالمياً وبحلول عام 2030 يتوقع ان يكون هناك ما يزيد عن 100 مليون سيارة كهربائية مقارنة بعشرة مليون سيارة في الوقت الحالي، وهو توجه عالمي ترجم بقرارات عده في معظم الدول المصنعة. 

 

فالرئيس الأمريكي جو بايدن أصدر قرار تنفيذي بأن تكون 50% من إجمالي السيارات الجديدة المباعة في الولايات المتحدة في عام 2030 تعمل بالكهرباء بشكل كامل او هجينة تعمل بالكهرباء او بالطاقة الهيدروجينية. والهند كذلك تستهدف أن تستحوذ مبيعات السيارات الكهربائية على 30% من اجمالي مبيعات السيارات الجديدة عند نفس العام. اما الصين فبدأت السباق مبكراً، فمدينة ليوتشو والتي تعد عاصمة لإنتاج السيارات الصينية بلغت مبيعات السيارات الكهربائية فيها 30% عام 2020.  محلياً، تطور سوق السيارات هو انعكاس لما يحصل في الاسواق المصنعة، ويكفي زيارة واحدة للسوق الحرة في الزرقاء لمعرفة كيف سيكون السوق خلال العامين القادمين، فمعظم المعارض لا تكاد تعرض سوى السيارة الكهربائية الكاملة لشركة فوكس فاجن من طراز ID4  صينية المنشأ، وهو ما بدا واضحاً بإنتشارها الواسع في شوارعنا اليوم. 

حيث تتمتع الـ ID4 بسعة بطاريتها التي تسمح بقطع مسافة 450 كم، وهي مسافة تكفي للمسير من اربد شمالاً الى العقبة جنوباً، ويترافق ذلك مع ازدياد توفر نقاط الشحن السريع في بعض محطات المدن والطريق الصحراوي مما يشجع على امتلاك هذا النوع من السيارات.  لا شك ان التوسع في استخدام السيارات الكهربائية في الأردن أمر حتمي، وهو انعكاس للتغير الحاصل في الدول المصنعة، ونتيجة لإنخفاض قيمة الضرائب والرسوم الجمركية عليها، وارتفاع اسعار الوقود بالنسبة لدخل الاردنيين، الأمر الذي سيؤثر ايجاباً على تشجيع الناس لامتلاك سيارات حديثة تتوفر فيها أحدث تكنولوجيا الراحة والأمان، مما يساهم في الحد من الحوادث والحفاظ على البيئة في نفس الوقت. 

تشير احصائيات وزارة الطاقة والثروة المعدنية الى استمرار انخفاض معدل استهلاك البنزين خلال الاعوام الخمسة الماضية من 1.431 مليون طن عام 2017 الى مستوى 1.342 مليون طن عام 2021 بمعدل تجاوز الـ 6%  معاكساً بذلك ارتفاع اعداد السيارات الصغيرة ذات صفة الاستخدام الخصوصي من 1.071 مليون سيارة عام 2017 الى 1.221 مليون سيارة بعام 2021 بنسبة ارتفاع 14% خلال خمسة اعوام، ومن الواضح أن معدل انخفاض استهلاك البنزين سيكون أكثر حده مع دخول سيارات تعمل على الكهرباء بشكل كامل كالـ ID4 وغيرها والتي لا تتجاوز كلفة الشحن المنزلي لها دينارين لقطع مسافة 450كم بينما تصل الكلفة المكافئة لقطع نفس المسافة بسيارات البنزين ما يقارب ال 30 دينار.  حسب معادلة تسعير المشتقات النفطية الحكومية والمنشورة على الموقع الالكتروني لوزارة الطاقة والثروة المعدنية، تبلغ الضريبة الخاصة على اللتر الواحد من البنزين ما مقداره 370 و 575 فلس للبنزين اوكتان 90 و95 على التوالي، ومتوسط كثافتيهما ما مقداره 0.74 كغم/ لتر تقريباً، وعليه فقد انخفضت ايرادات الحكومة ما قد يزيد عن 45 مليون دينار كضرائب خاصة في العام 2021 مقارنة بالعام 2017 بسبب انخفاض معدل استهلاك الوقود.   الحكومة اليوم تقف امام حقيقة مفادها أن لا يمكن الاستمرار بالاعتماد على المشتقات النفطية كأحد موارد الخزينة، ومدركة تماما بأنها لن تسطيع رفع أسعار الكهرباء أكثر من ذلك لتغطية العجز والذي بدأ بالفعل، وهو أمر لا يمكن تطبيقه لعدم عدالته، وبنفس الوقت ستقف عاجزة عن فرض رسوم إضافية على ترخيص السيارات الكهربائية تكافئ ذلك العجز لإدراكها عدم قدرة الأردنيين على ذلك، فما الحل؟

على الحكومة البحث عن مصادر بديلة لتمويل نفقات ورواتب الأردنيين، والفرصة اليوم أمامنا لندرك عظم المسؤولية على إتخاذ قرارات قد تكون مؤلمة مرحلياً لكنها واجبه لضمان المستقبل، فلا يمكن الاستمرار بالتفكير بالتوسع بفرض ضرائب او رسوم جديدة كحل جذري لنقص الايرادات. مما يحتم ضرورة زيادة النفقات الرأسمالية وانفتاح السوق وتشجيع الاستثمار لضمان نمو اقتصادي مستدام يحرك السوق ويوفر فرص عمل جديدة. والبديل لكل ذلك هو واقع مفاده أن السيارات الكهربائية كالـ ID4 وغيرها ستفرض على الحكومة حلول تقليدية قصيرة المدى بالتغول على رواتب الأردنيين.